ضربة الظواهري تعزز المخاوف من نمو التشدد في أفغانستان

أفغانستان مكان آمن لمتشددي القاعدة

واشنطن

 قال مسؤولون وخبراء إن الضربة التي نفذتها طائرة مسيرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية والتي أودت بحياة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حققت انتصارا لإستراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن في مكافحة الإرهاب بعد طول انتظار، لكنها زادت أيضا التخوفات من إمكانية أن يسهم ذلك في تنامي نشاط المتشددين في أفغانستان.

وإثر مغادرة آخر الجنود وضباط المخابرات الأميركيين أفغانستان في أغسطس العام الماضي بعد حرب دامت 20 عاما، تحول بايدن إلى إستراتيجية “عبر الأفق” بالاعتماد على طائرات مسيرة وأخرى للتجسس بهدف تعقب مقاتلي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) داخل ذلك البلد واستهدافهم.

وتمنح الضربة التي تم تنفيذها الأحد وسط مدينة كابول، وهي الأولى من نوعها منذ الانسحاب، بايدن إنجازا نادرا قبل أقل من شهر على حلول الذكرى الأولى للخروج الفوضوي الذي شهد عودة طالبان إلى السلطة ومقتل 13 جنديا أميركيا وخلف عشرات الآلاف من الأفغان المعرضين للخطر.

وقال مايكل كوجلمان محلل شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي “إنها قصة نجاح واضحة ومباشرة”.

وأضاف أن الولايات المتحدة فشلت في قتل الظواهري، الذي ساعد في تنسيق هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة وخلف أسامة بن لادن في تزعّم القاعدة، حينما كان لها وجود عسكري على الأرض، لكنها أثبتت أن بوسعها استهدافه بعد مضي ما يقرب من عام على الانسحاب.

وقال العضو الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي توم مالينوفسكي على تويتر “لقد انتقدت قرار الرئيس بايدن الذي يقضي بمغادرة أفغانستان، لكن هذه الضربة تظهر أننا مازلنا نمتلك الإرادة والقدرة على العمل هناك لحماية بلدنا”.

لكن المسؤولين الأميركيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، قالوا إنه لا تزال هناك أوجه قصور في إستراتيجية بايدن.

وأشاروا إلى أنه من دون اتفاقيات لإقامة قواعد في الدول المجاورة، فإن الطائرات الأميركية المسيرة ستواجه صعوبة في مراقبة الأهداف في المناطق النائية من أفغانستان الحبيسة لفترات طويلة.

وقال مسؤول أميركي إن ضربة الظواهري سيكون من الصعب تكرارها في جميع أنحاء أفغانستان دون شبكات من رجال المخابرات التي انتعشت خلال الوجود الأميركي الذي دام 20 عاما.

وقالت نيها أنصاري، محللة مكافحة الإرهاب في واشنطن والتي تركز على حرب الطائرات المسيرة، “كانت هذه ضربة نموذجية”.

وأضافت أن “العملية تطلبت معلومات استخباراتية جيدة وسماح الدول على الأرجح للولايات المتحدة بحق تحليق طائرات مسيرة عبر مجالها الجوي وموقعا محددا. لكنها أكدت أن السؤال: هل ستستمر هذه الظروف المثالية؟ سيظل سؤالا مفتوحا”.

وظهر مثال على صعوبة جمع المعلومات الاستخباراتية في أفغانستان عام 2015، حيث كان الآلاف من القوات التي تقودها الولايات المتحدة على الأرض، عندما فوجئ المسؤولون العسكريون الأميركيون باكتشاف معسكر تدريب ضخم للقاعدة في ولاية قندهار الجنوبية.

ويشير استخدام وكالة المخابرات المركزية طائرات مسيرة لضرب الظواهري إلى اتفاق تحليق سري مع دولة مجاورة، وهو أمر لا يملكه الجيش الأميركي. وامتنعت الوكالة عن التعليق على العملية.

ويثير وجود الظواهري في كابول، على بعد بنايات قليلة من السفارة الأميركية المهجورة، تساؤلات عن وجود جماعات إسلامية متشددة في ظل حكم طالبان.

وأشارت الضربة إلى وجود خلل في اتفاق الانسحاب لعام 2020 الذي وقعته الولايات المتحدة مع طالبان، والذي يسمح للقاعدة والجماعات المسلحة الأخرى بالبقاء في أفغانستان طالما أنها لا تتدرب أو تجمع الأموال أو تخطط لشن هجمات.

وفي أواخر العام الماضي قدَّرت أجهزة المخابرات الأميركية أن الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية -المعروف باسم داعش خراسان- يمكن أن تكون لديه القدرة على مهاجمة الولايات المتحدة في أقل من ستة أشهر، على الرغم من العداء بين مقاتلي طالبان وهذا التنظيم.

وكان كبار القادة العسكريين الأميركيين قالوا قبل الانسحاب في العام الماضي إن جماعات مثل القاعدة يمكن أن تشكل تهديدا من أفغانستان إلى الولايات المتحدة وحلفائها بحلول عام 2023.

وذكر تقرير للأمم المتحدة في العام الماضي أن ما يصل إلى 500 من مقاتلي القاعدة موجودون في أفغانستان وأن طالبان تحافظ على علاقة وثيقة مع التنظيم المتطرف.

وقال مسؤول عسكري أميركي “بينما أصبح الظواهري إلى حد بعيد شخصية صورية في السنوات القليلة الماضية، لا يزال هناك توجّس من إمكانية أن ينمو نشاط الجماعة من خلال قيام طالبان بتوفير الملاذ الآمن لها”.

وقال دانيال هوفمان، الضابط السابق بالعمليات السرية في وكالة المخابرات المركزية، إن وجود الظواهري ومقاتلي القاعدة الآخرين في أفغانستان يجب أن يكون بمثابة “قرع أجراس الإنذار”.

وأضاف “أفغانستان تشكل خطرا واضحا وقائما. ولم تكن أبدا أكثر خطورة على الولايات المتحدة مما هي عليه الآن”.