الحروب والأوبئة وقطر فقط تمكنت من شطر موسم الكرة الأوروبية

في مصلحة من وعلى حساب من؟
لم يشهد الدوري الإنجليزي لكرة القدم مثل هذا الموسم المضطرب منذ انطلاقه قبل 134 عاما. وسيؤثر قرار الفيفا بتأجيل كأس العالم في قطر من الأشهر العادية إلى نوفمبر وديسمبر لتجنب حرارة الصحراء على موسم كرة القدم الأوروبية بطريقة لم يشهدها خارج الصدمات الدولية مثل الحرب أو الوباء.
نتيجة لذلك كان لا بد من انطلاق الموسم الأوروبي مبكرا، إذ انطلق الجمعة الدوري الإنجليزي والألماني والفرنسي في وقت لم يتمتع فيه اللاعبون بما يكفي من الراحة لخوض المارثون الذي ينتظرهم في الموسم الجديد، حيث سيلجأ المنظمون إلى اللقاءات وسط الأسبوع.
ولم تخف الكثير من الفرق الكبرى قلقها من وجود كأس العالم في وقت الراحة الشتوية التي تمكّن الأندية واللاعبين من التقاط الأنفاس وشراء لاعبين جدد لسد النقص والقيام بتدريبات جديدة.
ووصف سيمون رولفس المدير الرياضي لنادي باير ليفركوزن الألماني مواعيد بطولة مونديال قطر بأنها “نكبة” لدوري الدرجة الأولى الألماني حيث تقام البطولة في منتصف موسم البوندسليغا.
وقال رولفس إن النسخة المقبلة لكأس العالم 2022 في قطر أدت إلى أجندة مزدحمة وإن الأندية التي تشارك في البطولات الأوروبية ستعاني من خوض عدد كبير من المباريات وهو ما قد يؤثر على محصلة الموسم.
وأضاف “الأندية التي تلعب على الصعيد الدولي وتسمح للاعبيها بالمشاركة في كأس العالم ستكون حمولتها ثقيلة للغاية”، وبالتالي بطولة كأس العالم ستكون “نكبة على الأندية” من وجهة نظر رياضية.
كما ستُفرض على البطولات المحلية فترات راحة طويلة في منتصف الموسم، من ستة أسابيع في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى الإغلاق لمدة 10 أسابيع في الدوري الألماني وثلاثة أشهر في النمسا، حيث تمدد كأس العالم العطلة الشتوية المعتادة في البلاد.
ومع ذلك تبقى كأس العالم أقصر مع وجوب حشر 64 مباراة في 28 يوما فقط، أي خلال فترة أقل بأربعة أيام من المدة التي شهدتها البطولة في 2018.
وفرضت الدوريات الأوروبية ذلك على الفيفا حيث رفضت التخلي عن عطلة نهاية أسبوع إضافية ثمينة في نوفمبر. وستلعب معظم الأندية الأوروبية في عطلة نهاية الأسبوع من 12 إلى 13 نوفمبر قبل ثمانية أيام فقط من انطلاق كأس العالم.
ولإنجاح ذلك كان على منظمي كأس العالم تحديد أربع مباريات في اليوم بدلا من ثلاث في أول جولتين من دور المجموعات. وهذا ما يمنح المشاهدين ماراثونا تلفزيونيا واللاعبين فترة راحة لا تقل عن ثلاثة أيام بين المباريات.
ويجب أن يلعب الفريق الذي يتم اختياره في المجموعة السابعة أو الثامنة في كأس العالم (مثل البرازيل والبرتغال) سبع مباريات في 25 يوما فقط للفوز. كما يشمل جدوله أياما إضافية للتدريب.
وتفتتح هولندا البطولة ضد السنغال في 21 نوفمبر مع وضع جدول زمني ضيق للاعبيها المقيمين في إنجلترا، مثل مدافع ليفربول فيرجيل فان ديك.
ويأتي ذلك بعد جدول مضغوط لدوري أبطال أوروبا، حيث ستقام جميع جولات المجموعات الست في الفترة ما بين 6 سبتمبر و2 نوفمبر لإنهاء دور المجموعات قبل خمسة أسابيع من المعتاد.
وترى النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو) مخاطر في هذه الإضافات. وقالت في بيان إن الضغط المتزايد الناتج عن فشل منظمي المسابقة المختلفين في التعاون بشكل مناسب لا يساعد في حماية صحة اللاعب وأدائه.
ويأتي التكديس الذي استمر طوال الموسم بعد أن أوقفت جائحة كورونا تقريبا جل أحداث موسم 2019 – 2020. ثم أصبح الجدول يشمل مقابلتين في الأسبوع وهو أمر بات روتينيا الآن.
وستخسر كرة القدم الأوروبية، التي لا تزال تتعافى من الوباء، أسابيع تجارية عالية القيمة في نوفمبر وديسمبر نتيجة لإعادة الجدولة، مع تحديد موعد المزيد من المباريات خلال أشهر الصيف الأقل ربحا.
وصرح جاكو سوارت، العضو المنتدب لمجموعة الدوريات الأوروبية التي تضم 30 دولة، لوكالة أسوشيتد برس بأن “معدلات بيع الاشتراكات للتلفزيون المدفوع أقل في الصيف”. وأشار إلى أن شهر أغسطس هو وقت إجازة في معظم أنحاء جنوب أوروبا، مما قد يجعل الحضور في الملاعب أقل.
وحذر رئيس رابطة الدوري الإيطالي لورنزو كاسيني الشهر الماضي من صعوبة البدء في 13 أغسطس في ظل درجات الحرارة المرتفعة.
ولن تبدأ مباريات الدرجة الأولى في إيطاليا وإسبانيا قبل الساعة الخامسة مساء حتى سبتمبر. وهذا ما يستبعد الذروة المناسبة لناقلي مباريات الكرة في آسيا.
وتواجه إيطاليا مشكلة إضافية، مثل النمسا وتركيا، مع عدم وجود مباريات محلية من الدرجة الأولى لتعويض الفشل في التأهل لكأس العالم.
وبعيدا عن التحديات توجد فرص لبطولات الدوري، مثل دوري الدرجة الثانية في إنجلترا، مع استئنافه في 10 ديسمبر دون مواجهة لأيّ منافسة من مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز.