صراع فلسطيني – إسرائيلي على مياه الأغوار

مهمة صعبة

القدس

 لم يعد بإمكان المواطن الفلسطيني مهيوب فقهاء (52 عاما) الاستفادة من ينبوع مياه عين الحلوة في الأغوار الشمالية، جراء سيطرة المستوطنين عليه.

ويقول فقهاء الذي يسكن مع عائلته بيتًا من الصفيح، كما بقية سكان باقي التجمعات السكانية في الأغوار الشمالية، إن المستوطنين يحاربونهم في مياه الشرب ومياه سقاية الحيوانات.

ومنذ عدة أشهر سيطر المستوطنون على ثلاثة ينابيع مياه في الأغوار، ويمنعون السكان من الوصول إليها. غير أن هناك صراعا محتدما بسبب تلك المياه؛ إذ يقول الفلسطينيون إنها معركة “حياة أو موت” بالنسبة إليهم، “فالمياه عصب الحياة”.

ويقع ينبوع عين الحلوة على الشارع العام قرب مفترق المالح، وتسكن في محيطه ثمانية تجمعات سكانية فلسطينية تعتمد في معيشتها على تربية المواشي (الماعز والأبقار) وتحتاج إلى المياه لسقاية مواشيها.

ويقول فقهاء إن “الحكومة الإسرائيلية أطلقت العنان للمستوطنين كي يسيطروا على تلك الينابيع من أجل التضييق على السكان ودفعهم إلى الرحيل، ومن ثم السيطرة على أراضيهم لصالح إقامة مشاريع استيطانية”. ويضيف “لا أحد يلتفت إلى معاناة السكان هنا، نحارب منذ سنوات طويلة بكل السبل، وأحدثها المياه”.

وأقام مستوطنون قبل عدة سنوات مستوطنة “مسكوت” بالقرب من ينبوع عين الحلوة، وتسكنها بضع عائلات من المستوطنين.

وفي قمة تلٍ قريب من عين الحلوة أقام أربعة فتية إسرائيليين دون سن العشرين بيتا مطلا على الينبوع، يقول السكان إن مهمتهم فقط منع أي فلسطيني من الوصول إليه.

ويقول مسؤول ملف الاستيطان في الأغوار معتز بشارات إن هؤلاء الفتية “يعملون بشكل منظم ورسمي ويتلقون رواتب مالية شهرية من قبل مجلس المستوطنات الإسرائيلي ومؤسسات استيطانية، ومهمتهم فقط التضييق على المواطنين”.

واتهم بشارات الجيش الإسرائيلي بغض النظر عن تصرفات المستوطنين ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم.

وأضاف أن “هناك تبادل أدوار بين المستوطنين والجيش”. وقال إن ينبوع عين الحلوة يقع ضمن “أرض فلسطينية ومملوكة بأوراق رسمية (طابو)، لكنّ الاحتلال يطلق العنان للمستوطنين كي يسيطروا على الأراضي والمياه لخلق بيئة طاردة للسكان”.

وأشار إلى أن “حربا يومية على المياه تدور بين السكان والمستوطنين”. وأضاف “يحاولون منعنا بكل قوة، لكن لن نستسلم، نكافح ونعمل من أجل البقاء والوصول إلى المياه”.

وبيّن أن السلطات الإسرائيلية تمنع مد خطوط مياه للسكان، بينما تسمح بذلك للمستوطنات ومزارع المستوطنين.

وقال إن الأغوار التي تعد “سلة غذاء فلسطين” تُسرق خيراتها بما فيها مياه الينابيع والمياه الجوفية لصالح الاستيطان.

وأضاف “ينبوع عين الحلوة واحد من ثلاثة ينابيع تمت السيطرة عليها من قبل المستوطنين مؤخرا، وهناك مخططات ومحاولات للسيطرة على باقي الينابيع”.

وذكر مسؤول ملف الاستيطان في الأغوار أن الحكومة الإسرائيلية “أوقفت ضم الأغوار (لإسرائيل) إعلاميا، لكنها أعطت الضوء الأخضر لمجلس المستوطنات غير الشرعي لتنفيذ عملية الضم على الأرض”.

وقال “فعليا ما نشاهده على الأرض يوميا هو ضم للأغوار رويدا رويدا، وبصمت”.

ويشير إلى “وجود 13 مستوطنة و4 بؤر استيطانية (غير حاصلة على ترخيص من الحكومة الإسرائيلية) و8 معسكرات للجيش الإسرائيلي في الأغوار الشمالية وحدها”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد أعلن في سبتمبر عام 2019 أنه ينوي الشروع في ضم الأغوار الفلسطينية إلى السيادة الإسرائيلية، وهو ما يعني مصادرتها وإسقاط صفة الاحتلال العسكري عنها. لكن خطة الضم لم تتم بسبب الضغوط الدولية.

وتتعرض المساكن الفلسطينية في منطقة الأغوار لعمليات هدم من قبل السلطات الإسرائيلية بدعوى البناء دون ترخيص في مواقع مصنفة “ج” بحسب اتفاق أوسلو، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993.

وتبلغ مساحة منطقة الأغوار الفلسطينية نحو 1.6 مليون دونم (الدونم ألف متر مربع)، ويقطن فيها قرابة 13 ألف مستوطن إسرائيلي في 38 مستوطنة، في حين يسكن حوالي 65 ألف فلسطيني في 34 تجمعا.