الصراع على سقطرى..
اليمن: اتهامات سياسية صريحة بارتهان الحكومة الشرعية
اتهم العديد من السياسيين والبرلمانيين اليمنيين الحكومة اليمنية وقيادة مجلس النواب اليمني (البرلمان) بالارتهان لدولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لصمتهم وعدم إصدارهم بياناً يستنكر سيطرة ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي لجزيرة سقطرى اليمنية قبل أيام، التي أنشأتها دولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرة سقطرى، بعد طرد القوات الإماراتية منها العام الماضي.
وقالوا لـ«القدس العربي» إن «احتلال ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي المحسوبة على الإمارات يكشف ارتهان الحكومة الشرعية ومجلس النواب لأبوظبي، كما كشف تواطؤ القوات السعودية مع هذه الميليشيا لاحتلال جزيرة سقطرى عسكرياً والسيطرة على مؤسسات الدولة والمنشآت العسكرية والأمنية فيها».
وأوضحوا أن «التواطؤ السعودي لم يكن من فراغ، فقد كان على ما يبدو بغطاء حكومي وبرلماني يمني، بعد أن تمكنت أبوظبي من شراء ذمم رئيس وأغلب أعضاء الحكومة وكذا رئيس وأغلب أعضاء مجلس النواب، في حين كان التواطؤ السعودي بمثابة الغطاء الميسّر لعملية احتلال سقطرى بالتحايل على القوات الحكومية اليمنية وإجبارها على تسليم الجزيرة لميليشيا الانتقالي بدون قتال».
وكشف عضو مجلس النواب اليمني (البرلمان) مفضل إسماعيل الأبارة، أن مجلس النواب الموالي للشرعية أصبح مرهوناً لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذكر أن أبوظبي اتضح أنها اشترت أغلب أعضاء المجلس بما وصفته «المال المدنّس»، وهو ما تسبب في عجز مجلس النواب عن إصدار أي بيان استنكاري لما حدث من احتلال لجزيرة سقطرى، كما عجزت الحكومة من قبله عن إصدار أي بيان يستنكر ما حدث ويضع النقاط على الحروف لكشف الحقيقة ومن يقف وراء تلك المؤامرة.
وقال الأبارة في تصريح رسمي مليء بالمرارة بثته الفضائية اليمنية الحكومية: «يؤسفني أن أقول بصراحة إننا منذ بداية أحداث جزيرة سقطرى وإلى الآن نخوض نقاشاً ساخناً مع الزملاء في مجلس النواب من أجل إصدار بيان بما حصل وتحديد موقف قوي للمجلس عما جرى وتسمية الأمور بمسمياتها، لكن للأسف لم نتمكن من ذلك».
وأضاف: «يؤسفني أن أعلنها أننا اكتشفنا أن كتلة الإمارات في مجلس النواب هي أكبر كتلة حالياً، حيث إن المال الإماراتي المدنّس الذي يعطى لبعض أعضاء مجلس النواب دفع بهم إلى الحفاظ على مصالحهم الشخصية وتناسوا قضيتهم الوطنية وما ضحى من أجله اليمنيون، وتناسوا أن عزتنا وكرامتنا وشرفنا جميعاً هو في الدفاع عن وطننا وعن وحدته».
«إصرار غير مسبوق» على تجاوز هادي بعد غيابه عن أحداث مهمة كاستيلاء الانتقالي على سقطرى
إلى ذلك، قال الكاتب السياسي ياسين التميمي لـ«القدس العربي» إن «ما جرى في سقطرى يشكل تكراراً لسيناريو انقلاب عدن، مع اختلاف خطير هو أن السعودية من تولى تنفيذ هذا الانقلاب وتسليم سقطرى للإماراتيين، وهي مهمة عجزت الصفاقة الإماراتية تحقيقها في ربيع 2018 عندما اضطرت إلى أن تودع إقراراً لدى الأمم المتحدة بأن لا أطماع لها في السيادة اليمنية على سقطرى».
وأوضح أن المملكة العربية السعودية هي من وفرت كل الشروط لتنفيذ الانقلاب الذي حدث في سقطرى، لكن الأعلام الإماراتية هي التي ملأت المشهد الانقلابي مع خطاب صريح وواضح للأدوات الانقلابية بالاصطفاف مع دولة الإمارات. وذكر أن «هذا يعني أن السعودية هي التي تقود مهمة تحطيم الدولة اليمنية على رؤوس أبنائها، وهي التي تشرف على تقاسم النفوذ مع الإمارات»، مشيراً إلى أن الإعلانات ورموزها غابت في انقلاب سقطرى «ضمن تدبير ماكر، ولكنه مفضوح للتمويه وإظهار كما لو أن الذي حدث تم خارج إرادة قوة الواجب السعودية».
وذكر التميمي أنه لم يعد يخفى على اليمنيين بعد انقلاب سقطرى ما تقوم به السعودية وأهداف تدخلها العسكري الى جانب الإمارات، «لقد سقطت ورقة التوت، وبات السؤال اليوم هو ما حقيقة موقف هادي وحكومته، وهل هم جزء من المؤامرة أم أنهم واقعون تحت القوة القهرية؟». وأشار إلى أن هذا الغياب كشف أن هناك إصراراً يمنياً غير مسبوق على تجاوز هادي بعد أن أثبت بهذا الغياب الخائب عن أحداث خطيرة تمس الدولة التي يقودها.
وقال: «أعتقد أن اليمنيين عليهم أن يأتلفون ضمن قوة وطنية لتأسيس معطى سياسي جديد وقوة أمر واقع لاحتواء المخطط السعودي الإماراتي لتنصيب قوى الأمر الواقع التي عملوا على تخليقها طيلة السنوات الماضية في إطار مهمتهم العسكرية التي كان مبررها الوحيد أنهم يدعمون الشرعية».
إلى ذلك، قال أستاذ علم الاجتماعي السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان لـ«القدس العربي»: «أعتقد أن ما حدث في سقطرى هو نتيجة لجملة من الإجراءات والسياسات التي تم تنفيذها منذ تدخل التحالف العربي سابقاً والثنائي حالياً إلى الجغرافيا الوطنية في اليمن، حيث قام بإجراءات وسياسات كانت واضحة ومحددة منذ البداية تتعلق بإنشاء ميليشيا تحت مسميات النخب والأحزمة الأمنية، وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وإعاقة عودة السلطة الشرعية إلى اليمن، وعرقلة الحكومة والسلطة في إدارة الشؤون العامة وإفشالها في إدارة شؤون المواطنين؛ من أجل خلق نقمة لدى العامة ضد الحكومة الشرعية».
وأوضح أن كل هذه السياسات والإجراءات بالإضافة إلى «عدم إعطاء تصريح للجيش الوطني بمواصلة استعادة العاصمة صنعاء من الانقلابيين الحوثيين، تكشف جميعها بشكل واضح دور التحالف الثنائي في ذلك، وأن لديه استراتيجية خفية غير تلك التي أعلن عنها لاستعادة الشرعية إلى اليمن، في بيان انطلاق عملياته العسكرية في اليمن في آذار/مارس 2015 بعملية عاصفة الحزم».
وأضاف شمسان: «أعتقد أن ورقة التوت كانت واضحة ومكشوفة منذ زمن، ولكن يبدو لي أن السلطة الشرعية كان قد تم إضعافها وإفقادها القدرة على الفعل السياسي وإدارة حقها الأصيل في ممارسة السيادة، ما جعلها لاجئة ولم تستطع أن تتخذ القرارات اللازمة، نظراً لإقامتها في أراضي أحد الأطراف الذين يقومون بتفكيك الجغرافيا اليمنية وفقاً لأهداف مناقضة لما تم الإعلان عنها».
وقال إنه، بالتالي، لا يمكن لأي سلطة شرعية أن تحدث فارقاً أو أن تقف موقفاً مناهضاً أو أن تعبر عن سيرة البلد طالما أنها تواجه الإمارات والسعودية والحوثيين وإيران والمجلس الانتقالي في آن واحد، مع غياب لحامل جماهيري لها لأنها فقدت الجماهير، ورغم أن الجماهير اليمنية فقدت الثقة بالسلطة ما زالت متمسكة بها وتستدعيها في كل الأوقات كحامل شرعي للدولة. مشدداً على أنه «لا حل للمشكلة اليمنية إلا بخروج السلطة الشرعية اليمنية أولاً من السعودية، ثم البحث في الحلول الأخرى الممكنة».