قيس سعيد في مرمى الإخوان

هل تتراجع تونس عن دعم «الوفاق»؟

الرئيس التونسي قيس سعيد

وكالات

حالة من الصدمة تسيطر على جماعة الإخوان بجناحيها الليبي والتونسي، عقب تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد التي أطلقها خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، الإثنين الماضي، وطرح فيها رؤية تبدو مغايرة للموقف التونسي المعروف فيما يخص الملف الليبي.

وكان سعيد قد قال في مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن الشرعية التي تتمتع بها حكومة الوفاق وتبرر بها أحقيتها في إدارة ليبيا هي شرعية مؤقتة مستقاة من اتفاق الصخيرات، الذي أقر بتشكيل الحكومة لتحضير المشهد لحكومة جديدة منتخبة ذات شرعية دائمة.

ولم تتوقف التصريحات التي وصفها إخوان ليبيا بـ«المثيرة والجاهلة بالشأن الليبي» عند ذلك، إذ واصل سعيد مطالبًا بإقدام القبائل الليبية على كتاب دستور يتوافق عليه الجميع، مقرًا بذلك بالدور السياسي للقبيلة في المجتمع الليبي.

وعلى خلفية هذه التصريحات وضعت جماعة الإخوان سعيد في مرمى نيرانها لأيام متواصلة، إذ شنّ حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، هجومًا حادًا على الرئيس التونسي قيس سعيد، متهمه بالجهل بالأزمة السياسية في ليبيا.

وقال رئيس حزب العدالة والبناء والقيادي الإخواني محمد صوان، في تدوينة نشرت في الصفحة الرسمية للجماعة على موقع "فيسبوك"، إنه من الواضح جدًا افتقاد الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الحد الأدنى من المعرفة بالأزمة السياسية في ليبيا وتركيبة شعبها.

وتابع أن "حديث قيس سعيد عن دستور يكتبه زعماء القبائل وإسقاطه للوضع الأفغاني على ليبيا أمر مثير للسخرية، إضافة إلى ما وصفه بـ"المنطق الاستعلائي الزائف المفتقر إلى الدبلوماسية إزاء السلطة الشرعية، التي جاءت بناء على اتفاق بين الليبيين برعاية الأمم المتحدة ووفقًا للإعلان الدستوري الذي ما زال ينظم الحياة السياسية" بحسب حديثه.

وأضاف أن سعيد "ابتعد بقصد أو بدونه عن الأسباب الجوهرية للأزمة الليبية، قائلًا: «هذه الأسباب يفترض ألا تغيب عن أي متابع، ناهيك عن رئيس لدولة جارة يزعم أنه يطرح حلولًا وهو يستند إلى معطيات خاطئة وغياب كامل عما يجري، في وقت حساس ننتظر فيه من الشقيقة تونس لعب دور إيجابي تجاه الأزمة في ليبيا ولو بالسكوت».

وحمل صوان المقيم في تركيا مسؤولية ما اعتبره تشويش الرؤية فيما يخص المشهد الليبي لدى الرئيس التونسي لوزارة الخارجية بحكومة الوفاق، قائلًا: إنها عجزت عن توصيل صورة دقيقة عن ليبيا حتى إلى دول الجوار.

رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري، بدوره شارك في الهجوم على الرئيس التونسي، رافضًا في مؤتمر صحفي ما جاء بمؤتمر سعيد وماكرون.

 وتابع :«القبيلة في ليبيا مظلة اجتماعية وليست طرفًا سياسيًّا ولا يمكن تطبيق تجربة أفغانستان في البلاد».

وينبع رفض الإخوان الممثلين في ليبيا في حكومة الوفاق لتصريحات سعيد لأنها تضعهم أمام حقيقة أن هذه الحكومة لا تحمل شرعية دولية دائمة كما تقول في كل التبريرات التي تشير لرجاحة كفتها على حساب كفة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خلفية حفتر. وتهدد تصريحات سعيد بهذا الشكل رواية حكومة الوفاق ومعها الإخوان ومن ثم تكشفها أمام المجتمع الدولي.

 ورغم العلاقات التي كانت جيدة لحد ما بين الوفاق وسعيد، الذي لا يعترض على دفع تونس نحو دعم حكومة الوفاق في استجابة لتوجه حركة النهضة الإخوانية المسيطرة على البرلمان التونسي، إلا أن هذه التصريحات تطرح تساؤلًا حول ما إذ كان كلام سعيد يكشف عن تراجع حقيقي من قبل تونس في دعمها للوفاق، أم مجرد تصريحات قالها لكونه في ضيافة فرنسا الرافضة لحكومة الوفاق؟

ويرجح محمد الزبيدي السياسي الليبي، الخيار الثاني، مشيرًا إلى أن سعيد حاول أن يكون حياديًا في حضرة ماكرون وداخل دولته، ولكنه لم يكن يتوقع أن تتسبب تصريحاته في إثارة غضب الإخوان والوفاق، مشيرًا إلى أن سعيد تحرج من أن يبدو داعم للميليشيات في وجود الرئيس التونسي الذي يحذر ليل نهار من وجود سيطرة الميليشيات بليبيا.

 ولفت الزبيدي إلى أن تونس ماضية في طريقها نحو دعم «الوفاق» والاستجابة لضغوط حركة النهضة، مشددًا على أن تونس للأسف تُدار من خلال الإخوان.