الكويت تحمّل القاهرة نصف مسؤولية تسفير العمالة المصرية

رسائل كويتية إلى القاهرة

الكويت

سعت الكويت إلى وضع أزمة العمالة المصرية في ملعب القاهرة، وتريد تحميلها جزءا من مسؤولية التداعيات الناتجة عن قرار “تكويت الوظائف” الذي يترتب عليه تسفير مئات الآلاف من العاملين المصريين في الكويت بحلول منتصف العام المقبل، راغبةً في نزع البعد السياسي عن الملف وحصره في الشق الإداري.

وكادت الطريقة التي جرى بها طرح قضية “التكويت”، وما صاحبها من تفاعل بين كويتيين وجاليات عربية في مقدمتها الجالية المصرية، تتسبب في أزمة سياسية بعد أن بالغ كويتيون في إظهار امتعاضهم من وجود مصريين على أراضيهم في الفترة الماضية، حيث زاد الاحتكاك في الأماكن العامة، وقد وجد ذلك في الفضاء الإلكتروني رواجا له.

وبدأت الحكومة الكويتية تتبنى توجها جديدا تريد من خلاله وضع نصف اللوم على القاهرة والإيحاء بأنها تتحمل جانبا من احتداد أزمة العمالة جراء عدم التدقيق من المنبع.

وطلبت الهيئة العامة للقوى العاملة الكويتية من وزارة القوى العاملة في مصر “التحقق من سلامة التعاقدات التي تسبق عملية الاستقدام إلى الكويت بالتنسيق مع الجهات المعنية في البلاد والالتزام بالتشريعات والأنظمة الكويتية للحد من أية مخالفات تنتج عن عدم الالتزام بها والتي تنتهي بترحيل العمالة المخالفة”.

ويشير هذا الطلب إلى أن “التكويت”، الذي أثارت المبالغة فيه لدواع محلية أزمة مكتومة بين البلدين، لا يزال قابلا للتفاوض مع تقنين الخروقات المهنية، وأن قرار ترحيل جميع العاملين المصريين يمكن إعادة النظر فيه خلال الفترة المقبلة.

وحاولت الحكومة المصرية التفاهم مع نظيرتها الكويتية لتحاشي عودة نحو 700 ألف مواطن إلى بلدهم في الوقت الذي تمر فيه مصر بأزمات اقتصادية حادة.

وشهدت الفترة الماضية تدخلات من جانب وزير القوى العاملة المصري حسن شحاتة وسفير القاهرة في الكويت أسامة شلتوت على أمل بقاء العمال المصريين في وظائفهم أو إعادة دمجهم في وظائف حكومية أو خاصة.

وساد التفاؤل بعض الأوساط الرسمية في القاهرة بشأن نجاح المفاوضات مع الكويت حول مستقبل المصريين العاملين في الوظائف الحكومية مثلما هو الحال في المرات السابقة التي أعلنت فيها الحكومة الكويتية خطة “التكويت” في عامي 2017 و2020 ثم تراجعت عنها، لكن لم يكن الملف مطروحا بالحدة التي عليها الآن.

وأكد مدير عام الهيئة العامة للقوى العاملة الكويتية مبارك العازمي، على هامش ترؤسه الوفد الكويتي لأعمال الدورة الـ48 للمؤتمر العربي الذي اختتم أعماله الأربعاء في القاهرة، أن الكويت دعت وزارة القوى العاملة المصرية إلى “التركيز على دور وكالات التوظيف ودور الجهات الحكومية في مراقبتها بما يكفل حماية حقوق العمالة قبل سفرها وضمان صحة وسلامة إجراءات الاستقدام”.

وذكر عبدالرحيم المرسي، عضو شعبة إلحاق العمالة المصرية بالخارج، أن معظم المشكلات تنشأ من العقود التي يتلقاها الأفراد من وكالات سفر خارجية دون مراجعة تلك العقود، لأنهم يفتقرون إلى الخبرات اللازمة في القوانين الكويتية.

وطالب في تصريح لـ”العرب” الجهات الكويتية بتحويل كل العقود والتأشيرات إلى شركات التوظيف المصرية لتكون ملزمة بمراجعتها وتنسيقها مع وزارة القوى العاملة في مصر وتسجيلها، كما هو الحال مع السعودية التي لا توجد فيها مشكلات تواجه العمالة إلا بنسبة ضئيلة للغاية.

ولفت إلى أن انتهاء بعض المشاريع الكويتية دون انتهاء عقود العمالة من أهم أسباب الأزمة التي تواجه العمالة المصرية؛ إذ تنشأ المشكلة من كون هؤلاء الأفراد يرغبون في العثور على فرص عمل جديدة، فلا تتاح لهم هذه الفرص.

ووضعت الكويت خطة تبدأ بموجبها المرحلة الأولى من “تكويت الوظائف” في مطلع سبتمبر الجاري بإنهاء عقود 33 في المئة من غير الكويتيين بفترة إنذار، على أن تبدأ المرحلة الثانية في فبراير القادم بإنهاء عمل 33 في المئة من الوافدين، وفي المرحلة الثالثة يتم منح فترة إنذار لما تبقى من الموظفين الحكوميين اعتبارا من أول يوليو المقبل.

والخميس نقلت هيئة القوى العاملة الكويتية عن مبارك العازمي قوله إن الوفد الكويتي أكد في عدة لقاءات مع وزراء عمل دول عربية على الحماية التي تكفلها القوانين الكويتية لحقوق جميع العمال من مختلف الجنسيات، مع التركيز على أهمية الدور الذي تلعبه الدول المرسلة للعمالة في مراقبة وكالات التوظيف والالتزام باشتراطات الاستقدام.

وكشفت الهيئة عن توجه لتطبيق الاختبارات المهنية على مجموعة من المهن الجديدة بالتعاون مع جمعية المهندسين الكويتية، وذلك لضمان مستوى مهارة العمالة القادمة إلى الكويت.

وشرعت الهيئة بالتعاون مع جهات حكومية في تكثيف الجولات التفتيشية ومراقبة عقود العمل والتحقق من مدى صحتها، للحد من العمالة الهامشية التي لا توجد لها مراكز عمل محددة وتعمل خلافا للأذونات الممنوحة لها.

وقال حمدي إمام، رئيس شعبة إلحاق العمالة بالخارج في الغرفة التجارية بالقاهرة، لـ”العرب” إن “شركات التوظيف المصرية تعمل تحت رقابة وإشراف تام من وزارة القوى العاملة وجهات حكومية أخرى وفق قوانين العمل، وتطبق أقصى درجات التأكد من سلامة العقود الواردة من الدول المستقدمة للعمالة المصرية”.

وأضاف أن الشركات المصرية تحترم قوانين وأنظمة العمل والعمالة التي تطبقها كافة الدول المستقدمة للعمالة، مرحبًا بالتعاون مع الدول المستقدمة للعمالة لسد الثغرات في آلية سفر وتعاقد العمالة، ولفت إلى وجود خمسة ملايين عامل مصري في الخارج.

ونكأت عملية “التكويت” جروحا داخلية وخارجية عديدة، تعمل الحكومة الكويتية على معالجتها بطريقة تمنع نشوب مشكلات تضاعف تكاليفها المادية والمعنوية؛ فإثر بروز المناوشات التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي بدأت الحكومة تجد صعوبة في حل الأزمة باعتماد الصرامة وحدها.

وتقيس النتائج المترتبة على التصورات الجديدة التي وضعتها الحكومة الكويتية أمام القاهرة درجة القبول والرفض بخصوص نسبة العمالة المصرية التي يمكن الإبقاء عليها.