المغرب يتهم إيران بتقويض أمن المنطقة بتسليم بوليساريو مسيّرات

اتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في لقائه بنظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك إيران مباشرة بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية بما فيها جبهة بوليساريو، محذرا من تداعيات هذه السياسة في تهديد السلم والأمن للمغرب وفي المنطقة.

طائرات إيران المسيرة تهدد الأمن العربي

الرباط

اتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بشكل مباشر إيران بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية داخل المنطقة العربية، بما في ذلك تسليمها الطائرات المسيرة.

واعتبر وزير الخارجية المغربي خلال لقائه بنظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك الاثنين بالرباط أن جبهة بوليساريو وميليشياتها هي إحدى المجموعات التي تستغلها إيران لتقويض الأمن والسلم بالمنطقة.

وقال بوريطة إن “مسألة الفاعلين غير الحكوميين المسلحين، (الميليشيات والجماعات المسلحة)، منهم بوليساريو، أصبحت ظاهرة تشكل خطرا على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، معتبرا أن حصول هؤلاء الفاعلين على أسلحة وعلى تقنيات متطورة، خطير جدا، ويجب على الدول التي تمكنهم من هذه الأسلحة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة، بما في ذلك حصولهم على الطائرات المسيرة عن بعد الذي يشكل خطرا كبيرا على الأمن والسلم”.

وأضاف أن “هؤلاء الفاعلين غير الحكوميين لا مسؤولية قانونية لهم، وليسوا أطرافا في اتفاقيات نزع السلاح ولا في اتفاقيات استخدام الأسلحة، عكس الحكومات الرسمية، وبالتالي من عليه أن يتحمل المسؤولية أمام المجتمع الدولي هي الدول التي تسلمهم هذه الأسلحة، وإيران لا يمكنها أن تستمر في استغلال هذا الفراغ وأن تستمر في تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة العربية”.

ولا تنفي طهران منحها طائرات مسيرة للعديد من المجموعات المسلحة في المنطقة وهو ما مثل تهديدا خطيرا لأمن العديد من الدول حيث قال محمد جواد كريمي قدوسي (قدوسي) عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني في سبتمبر الماضي إن إيران توفر “بسخاء” طائرات دون طيار لكل دولة تحتاجها “وفق إستراتيجية الإسلام وبما يتماشى مع الحفاظ على أمن المنطقة”، مضيفا أنهم يدفعون ثمن الطائرات المسيرة وأن مساعدات إيران ليست مجانية.

وأكد بوريطة أن دعم طهران للميليشيات المسلحة يوجد في اليمن وفي منطقة الشام وأيضا في منطقة شمال أفريقيا، والمغرب يعاني كذلك من هذا التدخل، مشددا على “أن لجنة الجامعة العربية المُكلفة بالحد من التدخل الإيراني كانت واضحة في أن إيران الآن هي الراعي الرسمي للانفصال والإرهاب في منطقتنا العربية، وللأسف يتم ذلك ببعض التواطؤات”.

وأكد محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولية بكلية الحقوق أيت ملول – جامعة ابن زهر، تعليقا على تصريحات بوريطة أن طهران تسعى لتقوية تغلغلها في القارة الأفريقية شمالا وغربا، من خلال دعمها لوجيستيا وتسليحيا للنزاعات الإقليمية والميليشيات المسلحة، على غرار ما تقوم به في الشرق الأوسط.

واعتبر لكريني في تصريح لـ”العرب” أن مجاهرة إيران بدعمها لبوليساريو مرتبطة بالعديد من السياقات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها نجاحات الحضور الديني والاقتصادي المغربي داخل أفريقيا وتمتين علاقاته مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وتابع “إيران تريد من خلال دعمها لبوليساريو التشويش على تركيز المغرب بشأن الدور الهام الذي يلعبه في أفريقيا في إطار تعاون جنوب – جنوب”.

وكان مجلس جامعة الدول العربية، الذي انعقد على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة في مارس الماضي، صادق في سياق دعمه للمغرب على قرار اقترحته اللجنة الوزارية للرباعية العربية المكونة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية والمكلفة بمراقبة التدخلات الإيرانية والتصدي لها.

ودعا القرار إلى التضامن مع المغرب في مواجهة تدخل إيران وحليفها حزب الله من خلال تسليح وتدريب الانفصاليين، واصفا إياهم بأنهم امتداد لتحركات طهران الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين.

وتطرق تقرير نشرته لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج في يناير الماضي إلى أن إيران تحاول الدخول إلى غرب أفريقيا لنشر المذهب الشيعي، حيث علق بوريطة أن الأمن الروحي للمغاربة وللقارة الأفريقية يعتبر من بين الأولويات للتصدي للأطماع الإيرانية في القارة.

ويأتي هذا التطور بموازاة مع تصريحات  وزير داخلية ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية” عمر منصور، الذي تحدث خلال زيارته إلى موريتانيا على هامش لقائه مع وزير الداخلية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد لمين عن اقتراب حصول بوليساريو على مسيّرة عن بعد، من أجل استخدامها ضد القوات المغربية، متكتما عن الجهة التي ستُزود الجبهة الانفصالية بـ”الدرون”.

ودعمت إيران بشكل مباشر جبهة بوليساريو في الأمم المتحدة، حيث أكد المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة محمد رضا سهرايي في مارس الماضي أن بلاده تقف إلى جانب ما أسماه “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”، داعيا المغرب إلى “وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان بالأجزاء المحتلة”.

وذهب المسؤول الإيراني بعيدا في دعم الأطروحة الانفصالية، عندما دعا خلالها المغرب إلى “الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والطعن في سلامتها الإقليمية، وأن يفي بالتزاماته تجاه الشعب الصحراوي وأن يوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان وينفذ قرارات الأمم المتحدة”.

وعرفت العلاقات الثنائية بين الرباط وطهران توترا غير مسبوق بلغ حد إعلان المغرب قطع علاقاته مع إيران سنة 2018، بعد أن اتهمت الرباط وفق معطيات استخباراتية طهران بتقديم دعم عسكري إلى جبهة بوليساريو من خلال عناصر من “حزب الله” اللبناني.

وقد أشرف على عملية تسليح الانفصاليين أمير موسوي عضو الحرس الثوري الذي كان يعمل حينها  تحت غطاء دبلوماسي كمستشار ثقافي في السفارة الإيرانية في الجزائر.

ولمواجهة اية تهديدات مسلحة عزز المغرب ترسانته من الطائرات المسيرة التي يستخدمها في مهام المراقبة والاستطلاع والعمليات العسكرية حيث بات المغرب يمتلك قدرات هامة في مجال الطائرات العسكرية المسيّرة عن بعد، لم يكن يملكها سابقا بعد عقد العديد من الاتفاقيات العسكرية خاصة مع الجانب الاسرائيلي.