الاتفاق التركي – الليبي يغلق باب مجاملات أنقرة لباشاغا

اتفاق يعمق الانقسام الداخلي في ليبيا

سرت

أغلق الاتفاق التركي – الليبي بشأن التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط باب المجاملات التركية لرئيس الحكومة الموازية فتحي باشاغا الذي ظلت أنقرة طيلة الفترة الماضية تراوغ في الإعلان عن رفضها لتوليه السلطة، رغم المحاولات التي قام بها شخصيا لإقناعها بذلك، ثم رئيس البرلمان عقيلة صالح عندما زار أنقرة والتقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتركت أنقرة الباب مواربا لفتحي باشاغا المحسوب على حزب العدالة والبناء الإخواني، وظل المسؤولون الأتراك يرددون طيلة الفترة الماضية أن لا فرق بينه وبين عبدالحميد الدبيبة وأن علاقات أنقرة جيدة مع كليهما.

وظهر الرفض التركي خلال تدخل تركيا لإفشال الهجوم الذي شنته ميليشيات موالية لباشاغا على العاصمة في نهاية أغسطس الماضي، لكن اللقاءات التي احتضنتها أنقرة والدوحة أوحت بوجود صيغة تفاهم جديدة يتم التحضير لها لاسترضاء جميع الأطراف.

ويشير توقيع تركيا للاتفاقية مع حكومة الدبيبة إلى أن رهانها على رئيس حكومة الوحدة الوطنية منذ البداية لم يكن رهانا مؤقتا بل بعيد المدى وأن الرجل مازال باقيا في منصبه لسنوات أخرى حتى لو جرت الانتخابات.

وحاول باشاغا خلال الأشهر الماضية أن يثبت لأنقرة أنه لن يعارض مصالحها في ليبيا، لكن مراقبين يرون أن تقربه من مصر وفرنسا، أول خصمين لتركيا في البلاد، قضى على أي فرصة لدعمه.

وربط الإخوان في ليبيا علاقات جيدة مع الفرنسيين خلال السنوات الماضية، كما فتحوا قنوات تواصل مع مصر، وهو ما يبدو أنه قد أزعج أنقرة التي قررت الرهان على الفريق الآخر من الإسلاميين أو ما يسمى محليا بـ”تيار المفتي”، نسبة إلى المفتي الصادق الغرياني، ويُحسب الدبيبة على هذا التيار.

وانتقد رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء سابقا، توقيع تركيا مذكرة تفاهم جديدة مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة للتعاون في مجالات الطاقة واستكشاف وإنتاج النفط والغاز، بسبب “التوقيت السياسي” وحالة الانقسام التي تشهدها ليبيا.

واعتبر صوان “أنه من غير الملائم توقيع أي اتفاقية في هذا الظرف من الانقسام لأن ذلك ليس في مصلحة البلدين، بل إنه يعمق الانقسام الداخلي ويزيد من رفض الطرف الآخر لتركيا بعد أن بذلت جهودًا طيبة والتمسنا منها انفتاحًا أكبر في علاقاتها مع كل الأطراف في ليبيا”.

ولفت صوان، في بيان ضمن حسابه الشخصي وصفحة الحزب الديمقراطي على فيسبوك، إلى أن هذه الخطوة ستظهر تركيا “منحازة إلى طرف على حساب آخر، في الوقت الذي نرجو أن تلعب فيه تركيا مع كل الشركاء الدوليين دور الوسيط في هذه الأزمة”.

في حين أعلنت حكومة باشاغا رفضها “الشديد” لتوقيع مذكرة التفاهم، واعتبرتها تجاوزا وخرقا لخارطة الطريق الصادرة عن الحوار السياسي الذي جاء بحكومة الدبيبة.

وتابعت أنها تؤكد “حق الدولة الليبية في التفاوض مع جميع دول العالم وتوقيع المذكرات والاتفاقات بما يخدم مصلحة الشعب الليبي، وأن الاتفاقات هي حق أصيل لسلطة منتخبة من الشعب الليبي بشكل مباشر وتعبر عن إرادته وسيادة قراره فوق أرضه”.

واستغرب مراقبون تناقض باشاغا الذي كان قد أشرف على توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعها رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في نوفمبر 2019 والذي كان آنذاك تقريبا في نفس وضعية الدبيبة الآن، حيث انتهت ولايته قبل سنتين من توقيع الاتفاق. لكن باشاغا والإخوان دافعوا حينئذ عن الاتفاقية التي أثارت الكثير من الجدل وزادت من وتيرة العنف خاصة بعد التدخل العسكري التركي.

واستفز توقيع الاتفاقية أيضا عقيلة صالح الذي يبدو أن لقاءاته مع المسؤولين الأتراك لم تنجح في تقريب وجهات النظر؛ ففي حين أنه يريد الحصول على دعم لحكومة باشاغا، سعت أنقرة إلى جعله يساعد على إقناع مصر بوجوب الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تعارضها القاهرة بشدة.

وطالب عقيلة صالح الأمينَ العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم التي وقعت بين حكومة الوحدة الوطنية وتركيا، واعتبارها باطلة ودون أثر قانوني وغير ملزمة للدولة الليبية.