السيسي يولي أهمية للمشروعات التنموية بهدف تعزيز ثقة المصريين بنظامه

عبدالفتاح السيسي: الدولة أصبحت تقف على أرض صلبة
استأنف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تفقده لبعض المشروعات التنموية في القاهرة ليعزز اهتمامه بإنجازها سريعا، وبدت الجولة التي قام بها الجمعة محاولة لقطع الطريق على مخاوف بعض المواطنين من حدوث انهيار اقتصادي.
وظهر السيسي، وهو يتابع إجراءات تنفيذ عدد من المحاور المرورية في وسط وشرق القاهرة، موجها الشركات المسؤولة عن الإنشاءات بسرعة إنجازها ورفع كفاءة الطرق في مختلف مناطق القاهرة الكبرى، في تحدّ واضح للأصوات التي طالبت بتجميد بعض المشروعات إلى حين عبور الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأعادت أصوات معارضة مناكفاتها بالتشكيك في الحضور القوي للجيش في الملف الاقتصادي، والإيحاء بأن تمكسه بالمشروعات التنموية التي تتداخل فيها الهيئة الهندسية التابعة للمؤسسة العسكرية محاولة ترمي إلى استمرار دورها في الهيمنة على مفاتيح الاقتصاد.
وأدى انخراط الجيش في ملفات اقتصادية متشعبة، مثل إنشاء الطرق والجسور والمدن الجديدة والمزارع السمكية والمصانع والمنتجات الغذائية والطبية والوقود والمطاعم والفنادق، إلى توسيع نطاق حضوره في المشهد المدني العام، وأحاط نفسه بتحديات جراء الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، ورغبته في بناء الجمهورية الجديدة.
وقالت مصادر سياسية لـ”العرب” إن حضور الجيش بشكل قوي في الملف الاقتصادي لا يهدف من خلاله إلى السيطرة أو إلى إقصاء القطاع الخاص، مشيرة إلى أن الجيش عندما انخرط في مجالات كثيرة كانت الدولة على حافة الانهيار وتعاني من أزمات أمنية وسياسية واقتصادية، وفي حاجة إلى مؤسسة وطنية لديها قدرة عالية على الإنجاز.
وأضافت المصادر ذاتها أن هناك تصوّرا غير دقيق حول هيمنة الجيش على الملف الاقتصادي، حيث عليه أن يسهّل دور القطاع الخاص بما تملكه الدولة من أدوات وإمكانيات لجذب الاستثمار، ولن يتحقق ذلك قبل وجود أرضية صلبة من البنية التحتية، مثل شبكة الطرق العملاقة والجسور والأنفاق التي تربط شرايين البلاد.
وجدد الرئيس المصري خلال حضوره احتفالية تخريج دفعة جديدة من الكليات العسكرية، الخميس، التأكيد على أن “دور الجيش حماية الدولة وصونها والدفاع عنها”، في رد مباشر على أصوات تمتعض من الحضور العسكري في ملف الاقتصاد، مشيرا إلى أن “الدولة أصبحت تقف على أرض صلبة”.
وتكمن معضلة تدخّل الجيش في ملف الاقتصاد في ظهوره كأنه أصبح مشغولا بتفاصيل بسيطة ربما تؤدي إلى تشتيت جهوده بين قطاعات عديدة بلا جدوى.
وترى دوائر قريبة من الحكومة أن هذه الرؤية مبتورة، لأن الجيش أنجز الكثير من المهام، مثل بناء المدن الجديدة والجسور والمحاور المرورية، واستصلاح الأراضي، وإنشاء مزارع سمكية وتطوير مصانع تعمل في مجالات الغزل والنسيج والأدوية ومنع احتكار السلع.
وذكر اللواء نصر سالم الخبير العسكري وأستاذ العلوم الإستراتيجية بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية في القاهرة لـ”العرب” أن الجيش لا يرغب في الهيمنة على الملف الاقتصادي، وكل ما في الأمر أنه سريع الإنجاز ومنضبط ورقيب على منظومة العمل، ولا يتربّح، وإذا كسب فإنه يقوم بإيداع الأموال في خزائن الدولة.
وأوضح أن هناك دولا عربية عندما تمنح مصر قرضا أو معونة تطلب أن تكون المؤسسة العسكرية هي الضامنة والمشرفة على المشروعات التنموية لإدراكها حجم النزاهة والانضباط لدى المؤسسة.
ويشير طرح بعض شركات الجيش في البورصة إلى أن دوره الاقتصادي مؤقت، ودخوله كان أشبه بـ”استدعاء للضرورة”، في ظل حالة ابتزاز كان يقوم بها البعض من مستثمري الداخل مع وصول السيسي إلى الحكم ومطالبتهم بمزايا نوعية نظير دعم الدولة، فجاء ردّه سريعا آنذاك، بأنه “ليس لديه فواتير لأيّ أحد”.
ويرى رافضون لتشعب الجيش في الاقتصاد أن حضوره في المشهد يعرقل جذب الاستثمارات الأجنبية ويظهر الدولة وكأنها محاطة بقبضة حديدية تعرقل نمو الاقتصاد.
لكن هناك رؤى تعتقد أنه أمام انتشار الفساد والبيروقراطية وتعدد منافذ السرقة في الجهاز الإداري للدولة من الضروري وجود الهيئة الهندسية للجيش كرقيب على الشركات التي ترغب في الإنشاءات للحفاظ على ثروات الوطن.
ولفت اللواء نصر سالم إلى أن الاعتماد على الجيش في الاقتصاد يرتبط بالظروف التي تواجهها الدولة، حيث يريد الرئيس السيسي بناء دولة جديدة بأقل تكلفة، وفي أسرع وقت ممكن، في وقت لا يرفض الجيش العمل مع شركات مدنية لمواجهة الأزمات.
ويسعى الرئيس المصري من وراء استكمال المشروعات القومية، محتميا بانضباط الجيش، إلى تبديد مخاوف الشارع من المخاطر، باعتبار أن المؤسسة العسكرية لن تسمح بها، وهي إشارة مباشرة بأن الدولة قادرة على تجاوز الأزمات المركبة بفضل الأوضاع الأمنية المستقرة، وإشارة أخرى للبسطاء الذين ساورهم قلق حول مستقبلهم.
ويصعب فصل الاعتماد على الجيش في ترميم الاقتصاد عن تكرار استهداف الإخوان للحكومة بأن مصر على حافة الإفلاس، ولم تعد قادرة على الوفاء بسداد ديونها أو استكمال المشروعات التي بدأتها، واستغلوا غياب السيسي عن عادته في تفقد المشروعات القومية، ما أوحي بتوقفها نتيجة تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية.