صحف..
قمة عالمية في أبوظبي لبلورة اتجاهات صناعة طاقة

"أرشيفية"
أعطى اليوم الأول من قمة عالمية للطاقة في أبوظبي الذي انطلق الجمعة تأكيدا آخر على مدى الصعوبات، التي تنتظر صانعي السياسة الاقتصادية في اعتماد منهج يسهم في تنمية القطاع، وفي الوقت ذاته السيطرة على تبعاته المدمرة على اقتصادات الدول.
ويمر الاقتصاد العالمي بأسوأ أزمة اقتصادية جراء الحرب في شرق أوروبا، والتي تسببت في صعود أسعار النفط والغاز والمشتقات البترولية إلى مستويات قياسية، ومعه زاد معدل التضخم وتضاعفت تكاليف الشحن.
ويشكل المعرض والمؤتمر الدولي للبترول (أديبك 2022)، والذي يعد أكبر فعالية في قطاع الطاقة والنفط على مستوى العالم، منصة سنوية تجمع تحت مظلتها مجموعة من أبرز قادة القطاع وصُناع السياسات والمبتكرين لمناقشة مستقبل الطاقة.
وأوضحت طيبة الهاشمي رئيسة المؤتمر أنه “بالتزامن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتقلبات الراهنة في قطاع الطاقة تبرز عوامل الأمان الثلاثة، والتي تستند على التكلفة المعقولة والاستدامة والطاقة كمحور تركيز رئيسي بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي”.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى الهاشمي وهي الرئيسة التنفيذية لشركة أدنوك للغاز الحامض، قولها إن “أديبك 2022 يتيح لقادة الفكر طرح حلول مبتكرة واتباع خطوات عملية من شأنها تعزيز عملية التحول التدريجية في قطاع الطاقة وفق منهجية واقعية”.
ويقام الحدث قبيل انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27) في شرم الشيخ، ليتيح لقطاع الطاقة العالمي الفرصة لرسم ملامح الحوار حول الحلول العملية والمجدية تجاريا لعملية التحول على مستوى القطاع.
وأكد كريستوفر هدسون، رئيس شركة دي.أم.جي إيفنتس، الجهة المنظمة لأديبك 2022، أن المؤتمر يشكل دورة استثنائية هذا العام.
وقال إن “الحدث يتوقع مشاركة عالمية قياسية في أعماله واستقطابه لنخبة من ألمع العقول لاستكشاف الحلول لتحديات الطاقة العالمية، في ظل الحاجة العالمية إلى تعزيز آفاق التعاون والحوار”.
وتشهد النسخة الحالية حضورا من أكثر من 160 بلدا بمشاركة 28 جناحا دوليا، ليكون أكبر منتديات الطاقة وأكثرها شمولا في العالم، ويؤكد على دوره الريادي في تحفيز الحوار حول دعم مساعي تحوّل قطاع الطاقة الصديقة للمناخ والمعززة لنمو القطاع.
وتدافع البلدان الخليجية والدول النفطية الكبرى وخاصة ضمن تحالف أوبك+ عن خططها بشأن مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري في المستقبل.
ويشير وزراء الطاقة لتلك الدول إلى أنه بإمكان العالم أن يقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري دون استبعاد النفط والغاز، بينما يعاني الأوروبيون من أزمة طاقة بسبب مساعيهم إلى فطم أنفسهم عن الإمدادات الروسية.
ويجادل المدافعون عن النفط والغاز والفحم بأن استخدام تكنولوجيا مثل جمع الكربون وتخزينه، حيث يتم التقاط الانبعاثات وتخزينها تحت الأرض، يمكن أن تسمح للاقتصادات بمواصلة حرق الوقود الأحفوري.
وتقول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إنها لن تغير كثيرا في تقريرها الرئيسي المرتقب وجهة نظرها بأن الطلب العالمي على النفط سيستمر في الارتفاع لفترة أطول مما يتوقع المحللون، على الرغم من الدور المتزايد للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
ومن المقرر أن تحدّث المنظمة توقعاتها للطلب على النفط على المدى الطويل في تقريرها لآفاق النفط العالمية لعام 2022 والمقرر صدوره نهاية هذا الشهر. وكانت نسخة 2021 قد تضمنت توقعات باستقرار الطلب على النفط بعد عام 2035.
وسيمثل نمو الطلب على النفط لعقد آخر أو أكثر دفعة للمنتجين وأوبك، التي يعتمد أعضاؤها البالغ عددهم 13 على عائدات النفط، وسيبرز الحاجة إلى استمرار الاستثمار في إمدادات النفط الجديدة.
أما المستهلكون والحكومات التي تحث على بذل جهود للحد من استخدام النفط لمكافحة تغير المناخ فسيكونون أقل سعادة.
وتبنت أوبك تحولا في 2020 عندما تأثر الطلب بالوباء، وقالت في ذلك الوقت إن “وتيرته ستتراجع في نهاية المطاف، بعدما ظلت لسنوات تتوقع تزايد الطلب دون توقف”.
ومن المرجح أن يبقي التحديث الجديد أوبك من بين الجهات الأكثر تفاؤلا بشأن الطلب على النفط.
وتوقعت أوبك في العام الماضي وصول الطلب على النفط إلى 108.2 مليون برميل يوميا في 2045، مقابل 90.6 مليون برميل يوميا في 2020.
وتخفض المنظمة منذ عدة سنوات توقعاتها لعام 2045 بداعي التغيرات التي طرأت على سلوك المستهلكين بسبب الجائحة والمنافسة من السيارات الكهربائية.
وعلى النقيض، من المتوقع أن ترفع أوبك هذا العام من توقعاتها للطلب في 2045، لكن حسن قبازرد رئيس دائرة الأبحاث في أوبك في الفترة من 2006 إلى 2013 أشار إلى الاتجاهات طويلة الأمد التي ستؤثر على الطلب.
وقال “حتى الدول المنتجة للنفط مهتمة بالتحول إلى الكهرباء بسبب التلوث. في الكويت، بدأ الناس في شراء سيارات كهربائية”.
ويعارض نشطاء المناخ ذلك قائلين إن “هذه التكنولوجيا باهظة التكلفة ولم يتم التأكد من نتائجها على نطاق واسع ولا توفر سوى غطاء للصناعات التي تتسبب في حدوث تلوث لمواصلة العمل”.
وبحسب دراسة نشرتها مجموعة من الخبراء بالتزامن مع انطلاق أديبك، تساهم البلدان نفسها في أزمات اقتصادية وصحية من خلال دعم الوقود الأحفوري.
وحذر أنتوني كوستيلو الأستاذ الجامعي والرئيس المشارك لدراسة لانسيت كاونت داون السنوية من أن “العالم يقف عند نقطة تحول ويجب أن نتغير. وإلا فإن أطفالنا سيواجهون تسارعاً في تغير المناخ يهدد استمرارهم”.
وأجرى الدراسة 99 خبيرا من 51 مؤسسة بينها منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحت إشراف جامعة يونيفرسيتي كولدج في لندن.
وتشير الدراسة إلى أن 69 حكومة من بين 86 شملها التحليل تدعم إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، مع نفقات إجمالية صافية بلغت 400 مليار دولار عام 2019.
وبنتيجة ذلك، “انخفضت كثافة الكربون في نظام الطاقة العالمي (القطاع الأكثر مساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة)، بنسبة أقل من واحد في المئة مقارنة بعام 1992″، و”بالمعدل الحالي، سيستغرق إزالة الكربون بالكامل من نظام الطاقة لدينا 150 سنة”.
وقال بول إكينز أستاذ الموارد والسياسات في كلية بارتليت بجامعة يونيفرسيتي إن “الإستراتيجيات الحالية للكثير من الحكومات والشركات ستحجز العالم في مستقبل أكثر حرا بشكل قاتل، وتربطنا باستخدام الوقود الأحفوري الذي يُبعدنا سريعا عن آفاق عالم صالح للعيش”.