الرحالية ضحية نزاع لا ينتهي بين كربلاء والأنبار

الرحالية محل تهديد دائم من قبل الميليشيات

بغداد

تأجج الخلاف مجددا بين محافظتي الأنبار وكربلاء حول ناحية الرحالية، بعد إقدام السلطات المحلية للأخيرة على اقتطاع الآلاف من الدونمات من المنطقة، التي يصفها البعض بكركوك ثانية، في إشارة إلى النزاع الدائر بين سلطة إقليم كردستان والحكومة المركزية حول المحافظة الواقعة شمال العراق.

وتقع الرحالية قرب الحدود مع كربلاء وضمن نطاق محافظة الأنبار، وتقدر مساحتها بـ2635 كيلومترا مربعا، وتسكن هذه الناحية عشائر عربية بينها عشيرة العبيد، ومنهم الشاهر والبوسليمان والحجاج، وعشيرة بني خالد (السواعد) وعشيرة البوشبل (البو دراج) وعشيرة خفاجة والبوعلوان (البوشديد والبوحيدر) وعشيرة الحروب وعشيرة النعيم وعشيرة العبود والبوشبل وبني مالك وعنزة وشمر، ويعتمد أهالي الرحالية على الزراعة والصيد وتربية الماشية مصدرا للرزق.

وقد طفا الخلاف بين كربلاء والأنبار حول هذه الناحية عقب احتلال القوات الأميركية للعراق عام 2003، على الرغم من كون الحدود بين المحافظتين مثبتة منذ منتصف القرن الماضي إبان العهد الملكي في العراق.

وتفاقم الخلاف حولها، على إثر قيام ميليشيات شيعية باقتحام الرحالية في العام 2016، وتجريد السكان المحليين من سلاحهم الذي استخدموه في الدفاع عن بلدتهم ضد هجمات تنظيم داعش، الذي احتل أجزاء واسعة من العراق في العام 2014.

وكانت سجلت قبل ذلك محاولات من تلك الميليشيات، وعلى رأسها كتائب حزب الله العراق، لوضع يدها على الناحية، وكان أخطرها في العام 2015، حيث تم فرض حصار خانق على الرحالية، ومنع وصول الغذء والدواء إلى أهلها لمدة تجاوزت الأسبوع.

ويرى مراقبون أن الخلاف حول منطقة الرحالية ذو بعد تاريخي وسياسي، ذلك أن القوى الشيعية في العراق تنظر إلى هذه المنطقة على أنها تابعة لكربلاء (تضم مراقد شيعية)، وأن نظام الرئيس الراحل صدام حسين ألحقها بالأنبار للتنكيل بأهلها، في المقابل يرفض الأنباريون هذه الرواية، مؤكدين أن لديهم المستندات التي تثبت أن هذه الناحية تعود لمحافظتهم.

وعمدت السلطات المحلية في كربلاء الأيام الماضية إلى اقتطاع الآلاف من الدونمات من الرحالية، كما أعلنت اعتزامها على تنفيذ جملة من المشاريع هناك، في خطوة أثارت استفزاز سكان الأنبار.

وقال قائممقام قضاء الرمادي إبراهيم العوسج الاثنين “الرحالية هي ناحية تابعة لقضاء الرمادي منذ أكثر من 200 سنة، وتم تحويلها سنة 1978 وإلحاقها لسنة واحدة بقضاء عين التمر التابع لكربلاء، وأعيدت سنة 1979 وألحقت من جديد بقضاء الرمادي”، مستدركا أن “المشكلة للأسف الشديد هي أن الإخوة في كربلاء، وبالذات في قضاء عين التمر المحادد والمحاذي لناحية الرحالية، يقومون بتعرضات مستمرة وزحف على الأراضي التابعة للرمادي”.

وأوضح العوسج في تصريحات لشبكة “روداوو” المحلية أن “قبل فترة تم الاستحواذ على مقام أحد الصالحين (الشيخ أحمد بن هاشم) الواقع على الحدود الفاصلة بين قضاء عين التمر التابع لكربلاء وناحية الرحالية التابعة للرمادي، وأحمد بن هاشم هو أصلا من قضاء هيت، وتم التجاوز على قبره قبل سنتين، وبعد ذلك تقدموا مسافة أخرى”.

وأضاف “الأسبوع الماضي، تفاجأنا بقيامهم بتحويل الساتر الترابي الفاصل بين قضاء عين التمر وناحية الرحالية، واستخدموا جرافات تابعة لشركة أهلية بدعم ومساندة القوات الأمنية التابعة لقيادة عمليات كربلاء وقيادة عمليات الفرات الأوسط، وتقدموا نحو ناحية الرحالية وقضاء الرمادي مسافة سبعة كيلومترات بالعمق، أي بمساحة تعادل 35 ألف دونم أو أكثر”.

وأشار قائممقام الرمادي إلى أن “الشركة المذكورة تابعة للعتبة العباسية وتنوي إنشاء مشروع لإنتاج السكر في الموقع المذكور داخل حدود الرمادي”، مردفا “نحن كحكومة رافضون لهذا الأمر بشكل تفصيلي، ونتمنى من إخوتنا في محافظة كربلاء أن يلتزموا بأساليب الإدارة الحقيقية وأن تكون هناك مفاتحات ومخاطبات إدارية حقيقية، إذا كانت لديهم مستندات أو إثباتات حقيقية تبين أن الأرض التي أخذوها أو غيرها تابعة لهم، فيمكن التعاطي مع الأمر بشكل ودي وسلس من دون استخدام القوة ومن دون اللجوء إلى منطق القوة”.

وحذّر العوسج من أن “ذلك قد يؤدي إلى مشاكل مع المواطنين ويقع ضحيتها مواطنون وتقع إشكالات، ونعود مرة ثانية إلى الادعاء بأن محافظة الأنبار تدعم الإرهاب وغير ذلك، في حين أن هذا ليس حقيقيا”.

وأضاف “نأمل من إخوتنا في كربلاء، وكذلك الحال مع أهلنا في النجف الذين قاموا أيضا بالتجاوز على الحدود الإدارية لناحية النخيب ودخلوا قبل أيام بعمق 50 كيلومترا، بأن تتوقف التجاوزات المستمرة وأن تعود الأمور إلى سابق عهدها ومن خلال إجراءات إدارية روتينية، من دون المرور بالعمليات العسكرية وغيرها وفرض منطق القوة الذي لا يمكن أن يبني الدول أو أن يحل مشكلة، بل بالعكس سيعقد المشاكل”.

وتتعرض ناحية النخيب القريبة من الحدود السعودية، والتي تقطنها أغلبية سنية، إلى نفس المعضلة التي تواجهها الرحالية، حيث تصر السلطات في النجف على تبعيتها لها، فيما هي إداريا ضمن نطاق محافظة الأنبار.