اليمين الديني المتطرف يتعهد بفرض النظام في فلسطين

فوز اليمين الإسرائيلي يضع الضفة الغربية على صفيح ساخن

يثير فوز اليمين بالانتخابات التشريعية الإسرائيلية مخاوف الفلسطينيين، إذ تعهد قادة اليمين الديني المتطرف الذين من المنتظر أن يشكلوا الائتلاف الحاكم بمعية حزب الليكود بفرض الأمن، وهي رسالة تؤشر على أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد.

فوز اليمين يبعثر جميع الحسابات

القدس

 أظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الخميس أن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في طريقه للعودة إلى المنصب بأغلبية برلمانية واضحة، يدعمه فيها القوميون المتطرفون الذين يرغبون في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الفلسطينيين.

ويقول محللون فلسطينيون إن تلك النتائج ستنعكس أيضا على تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، والتي تشهد توترا وتصاعدا في عمليات الجيش الإسرائيلي، وتنفيذ عمليات فلسطينية.

وتوقع الخبراء أن تعمل الحكومة الجديدة على تشديد قبضتها على الضفة الغربية وخاصة شمالها، مما ينذر بمواجهة قد تتحول إلى انتفاضة جديدة.

ومنذ مطلع العام الجاري، تشهد مناطق متفرقة من الضفة تصعيدا ملحوظا وارتفاعا لوتيرة عمليات الجيش الإسرائيلي فيها.

وتبنت جماعة فلسطينية مسلحة، في الحادي عشر من أكتوبر الماضي، 5 عمليات إطلاق نار في الضفة الغربية ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين، وهو ما اعتبره خبراء تطورا في المواجهة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.

وأعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم “عرين الأسود”، ومقرها بمدينة نابلس (شمال)، عبر بيان، مسؤوليتها عن تنفيذ العمليات الخمس، متوعدةً بأن “بُركان عملياتنا بدأ ولن يخمده إلا الله”.

ومنذ العملية، فرضت إسرائيل حصارا على مدينة نابلس، رفعته الخميس، خنق كافة مناحي الحياة.

وفي الأيام الأخيرة اغتالت إسرائيل عددا من أبرز قادة الجماعة المسلحة، في عمليتين منفصلتين، الأولى عبر زرع عبوة متفجرة في أزقة البلدة القديمة من نابلس الأحد الماضي، أسفرت عن مقتل قيادي في الجماعة، والثانية في عملية عسكرية استمرت لساعات فجر الثلاثاء، قتل خلالها 5 فلسطينيين، بينهم قيادي في الجماعة.

و”عرين الأسود” مجموعة مسلحة ينتمي أفرادها إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، وقتل الجيش الإسرائيلي عددا منهم، وظهرت علنا في عرض عسكري بالبلدة القديمة في نابلس مطلع سبتمبر الماضي.

وفي مدينة جنين شمالي الضفة أيضا تتبنى جماعة تطلق على نفسها اسم “كتيبة جنين” عمليات إطلاق نار على حواجز إسرائيلية، وتتصدى لاقتحامات الجيش الإسرائيلي.

واعتبر مدير مركز القدس للدراسات، التابع لجامعة القدس، أحمد رفيق عوض أن “نتائج الانتخابات الإسرائيلية مؤشر على أن التصعيد سيد الموقف في الأراضي الفلسطينية خلال الفترة المقبلة”.

وأضاف “حكومة يمينية متطرفة من المؤكد أنها ستعمل على تشديد قبضتها على الفلسطينيين، وستعمل على التعامل مع موجة التصعيد بالمزيد من العنف والقتل والحصار، الأمر الذي ينذر باستمرار حالة المواجهة، وخاصة في شمالي الضفة”.

وتابع “متوقع تصعيد إسرائيلي غير أنه لم يكن قادرا على كسر العمل المقاوم الفلسطيني، هذا يدفع نحو انفجار الأوضاع وتصاعد المواجهة”.

وأشار عوض إلى أن ما ينفذ من عمليات للمقاومة الفلسطينية يشير إلى تقدم وتطور في تنظيم عمل المجموعات المسلحة، والتي تختار فكرة المواجهة والاشتباك، وتقوم بفعل وليس رد فعل بالرغم من الإجراءات الإسرائيلية.

وأردف “نحن أمام ظاهرة لم تعد عفوية ومرتجلة، بل فيها عمل حقيقي وتطرح أهدافا، ويأخذوننا إلى مرحلة جديدة في المواجهة مع الجيش الإسرائيلي”.

وأرجع نجاح عمليات هذه المجموعات إلى أنها “تنفذ في مكان وزمان لا يتوقعهما الجانب الإسرائيلي، وهذا واضح من الصدمة في رد الفعل من قبل الجنود”.

وقال إن تصاعد تلك العمليات يعود إلى ارتفاع وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية من قتل وهدم للمساكن وبناء استيطاني واقتحامات للمسجد الأقصى وتصاعد اعتداءات المستوطنين.

وشدد على أنه “إذا ما لم تتغير السياسية الإسرائيلية سنشهد المزيد من الهجمات والتوتر في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس.. وهناك حاضنة مجتمعية لتلك الجماعات في مناطقها، كما في البلدة القديمة من نابلس”.

وكتب إيتمار بن غفير زعيم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، الذي ربما يكون الشريك الأكبر لليكود في الحكومة المقبلة، على تويتر، “لقد حان الوقت لفرض النظام هنا. حان الوقت ليكون هناك سيد للأرض”.

وكان بن غفير يعقب على أحدث أعمال العنف، إذ أعلنت الشرطة أن فلسطينيا طعن شرطيا في البلدة القديمة بالقدس، وتم على إثر ذلك إطلاق النار عليه وقتله.

ويتطلع بن غفير، وهو مستوطن يعيش في الضفة الغربية وعضو سابق في حركة كاخ الموضوعة على قائمتي مراقبة الإرهاب في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، إلى أن يصبح وزيرا للأمن.

ويرى سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (خاص)، أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية مؤشر على  فوز اليمين الذي يقود إسرائيل إلى عدم القبول بالتعايش مع الفلسطينيين.

وأضاف أن “تلك النتائج تعزز الجماعات الاستيطانية التي باتت تشكل مرتكزا ديموغرافيا مهما بالضفة الغربية وسيطرتها على مفاصل كثيرة بها، وبالتالي يمكن الوصول إلى حالة من الصدام ما بين الفلسطينيين والمستوطنين”.

وتابع “هذه المعطيات والمعطيات الإقليمية والدولية من شأنها أن تفتح الباب أمام حالة تصاعد المواجهة الميدانية إما على شكل انتفاضة، أو هبات متواصلة ما بين الفلسطينيين والمستوطنين، وسيبقى الواقع غير مستقر”.

وتوقع بشارات أن تعمل الحكومة الإسرائيلية القادمة على تعزيز قبضتها على الفلسطينيين، بالمزيد من الإجراءات القمعية واستمرار المداهمات والحصار، ودعم المستوطنين.

وأرجع الخبير الفلسطيني جهاد حرب تطور العمل العسكري في الضفة الغربية إلى تصاعد حالة الاحتقان في ظل غياب أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية واستمرار الإجراءات التعسفية الإسرائيلية.

وقال إن “السياسة الإسرائيلية تدفع إلى تمرد لدى الشباب، باعتبار أن الخيارات السياسية لم تجد نفعا وكذلك التحرك الدولي.. والمفاوضات مع إسرائيل دون جدوى دفعت إلى وجود جماعات مسلحة خاصةً في شمالي الضفة الغربية”.

ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل 2014؛ بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان وإطلاق أسرى قدامى، بالإضافة إلى تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

وأشار حرب إلى أن الضفة الغربية، ومنذ عام 2015، تشهد موجات من التصعيد تمثلت في عمليات طعن ودهس وإطلاق نار، بالإضافة إلى المواجهة الشعبية مع الجيش الإسرائيلي داخل المدن وفي الأرياف.

وتابع “ما نشهده اليوم هو تحول في العمليات العسكرية المسلحة وإطلاق النار، وعصيان مدني في مخيم شعفاط للاجئين في القدس”.

ووصف ما يجري بأنه “تحول في التفكير، والمقاومة وعدم الرضوخ للاحتلال مطلوبان، وهذا يشبه إلى حد كبير ما جرى في ثمانينات القرن الماضي، واندلاع انتفاضة الحجارة (1987)”.

وأردف “نحن اليوم أقرب ما نكون من انفجار بركان وحدوث مواجهة قد تأخذ أشكالا متعددة لا أحد يستطيع معرفة مداها وانتشارها ولا الفترة الزمنية”.

وأفاد بوجود “بؤر حاضنة للجماعات المسلحة، كما في مخيم جنين والبلدة القديمة من نابلس، وقد نشهد انتشارا لهذه الفكرة في عدد من المخيمات الفلسطينية بالتحديد”.