الأطقم الصحية تغادر وظائفها..

صحيفة: اليمن على وشك الاستسلام لجائحة كورونا بسبب انعدام وسائل حمايتها

مهمة انتحارية للأطقم الصامدة في مواجهة الوباء

عدن

اليمن مرشّح لأن يصبح قريبا في حالة استسلام تام لجائحة كورونا بسبب الانهيار الشامل في منظومته الصحية الهشّة.. وهو انهيار لاحت بوادره مع ترك أعداد من العاملين في القطاع الصحّي لوظائفهم خوفا على حياتهم المهدّدة فعلا بسبب سوء ظروف عملهم وقلّة الوسائل المخصصّة لحمايتهم من الوباء.

 بدأت التحذيرات من وقوع كارثة في اليمن جرّاء انتشار وباء كورونا تتحوّل إلى حقيقة واقعة في ظل اقتراب المنظومة الهشة المكلّفة بمواجهة الجائحة من الانهيار.

وتلقّت تلك المنظومة ضربة قاصمة في نواتها الصلبة الممثلة في كادرها البشري الذي لم يعد يستطيع إنجاز مهامّه بسبب ضعف الوسائل وانعدامها في بعض الأحيان ما اضطرّ أعدادا من العاملين في القطاع الصحي إلى ترك مواقع عملهم بسبب عدم توفّر وسائل حمايتهم من الوباء.

وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود، الأحد، أن العديد من العاملين الصحيين في اليمن، تركوا وظائفهم خشية إصابتهم بفايروس كورونا، ما أدى إلى إضعاف النظام الصحي الهش.

وقالت المنظمة الإنسانية الدولية في تقرير لها “ترك العديد من العاملين في مجال الصحة وظائفهم بسبب ارتفاع احتمال إصابتهم بالعدوى خلال عملهم، ما أدى إلى إضعاف نظام الرعاية الصحية الهش أصلا”.

وأوضحت المنظمة أنّ “خطر إصابة العاملين الصحيين بكورونا باليمن، أثار مخاوف شديدة بشأن سلامتهم، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى ترك وظائفهم والبقاء في منازلهم، مما يجعل المستشفيات تعاني من نقص في العاملين”.

وشكت المنظمة من أنّ إمكانات فحص فايروس كورونا المستجد في اليمن “محدودة للغاية” وبالتالي فإن الفايروس ينتشر في جميع أنحاء البلاد “دون أن يتم تتبع الحالة الوبائية”.

وتابعت “بعد سنوات من الحرب، كان النظام الصحي يعاني من ضغط كبير بالفعل قبل انتشار الجائحة، والآن يبدو أن الناس قد فقدوا الثقة في النظام الصحي والعاملين الصحيين”. وحثّت كافة الدول على توفير موارد لليمن للمساعدة في حل الأزمة، مطالبة السلطات اليمنية بالسماح للناس بالوصول بشكل آمن إلى الرعاية الصحية والمساعدات.

وكانت نقابة الأطباء والصيادلة في اليمن قد أعلنت آخر الأسبوع الماضي وفاة 45 طبيبا بفايروس كورونا منذ بدء انتشار المرض في العاشر من أبريل الماضي.

وارتفعت حالات الإصابة المؤكدة بفايروس كورونا في عموم اليمن حتى السبت الماضي إلى 1393 حالة منها 366 حالة وفاة. ولم يعلن الحوثيون بشكل رسمي سوى عن إصابة أربع حالات بالفايروس بينها حالة وفاة واحدة وحالتا تعافٍ.

وتحوم شكوك كبيرة في دقّة الأرقام المعلنة بشأن الجائحة في اليمن بالنظر إلى ضعف وسائل اكتشاف المرض بدءا من معدّات ومواد إجراء التحاليل، فضلا عن ضعف فرص الوصول إلى المراكز الطبية بسبب الحرب ومحدودية قدرة تلك المراكز على استقبال المصابين أو الراغبين في التشخيص.

وجاءت جائحة كورونا معطوفة على أزمات غذاء ودواء ووقود، جعلت جميعها اليمن إزاء أزمة إنسانية قد تكون الأسوأ في العالم منذ سنوات، حيث جدّدت الأمم المتحدة، السبت، تحذيرها من مجاعة في البلاد يمكن أن تحدث خلال الأسابيع القليلة المقبلة “ما لم يتم الحصول على تمويل فوري”.

وجاء ذلك في تغريدة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عبر حسابه على تويتر. وقال المكتب إنّه “دون تمويل عاجل، ستتوقف المساعدات المنقذة لملايين الأرواح باليمن في الأسابيع القليلة المقبلة، مما يعرضهم لخطر المجاعة”.

وأضاف المكتب أنّ “هناك 20 مليون من أصل 30 مليون يمني يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي”، مشدّدا على وجوب “التحرك فورا لإنقاذ ملايين الأرواح في اليمن لأن الوضع لا يحتمل الانتظار”. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت مطلع الشهر الجاري عن تلقيها 558 مليون دولار فقط من أصل مليار و35 مليون دولار تعهد بها المانحون قبل نحو شهر من ذلك التاريخ لدعم الاستجابة الإنسانية باليمن.

كذلك لا تنفصل أزمة الوقود القائمة بحدّة في مناطق سيطرة المتمرّدين الحوثيين عن الأخطار الصحية المحدقة بسكان تلك المناطق كون الوقود ليس ضروريا فقط لطهي الطعام وتسيير وسائل النقل وتشغيل الورشات، بل هو ضروري أيضا لتوليد الكهرباء اللاّزمة لتشغيل المراكز الصحية والمستشفيات، كما أنّه أساسي في تشغيل منظومة الصرف الصحّي في المدن، وفي توفير المياه النظيفة إحدى أساسيات الوقاية من وباء كورونا.

وقال مدير منظمة أوكسفام في اليمن محسن صدّيقي في وقت سابق إنّ نقص الوقود الذي طال أمده قد يؤدي إلى تعريض الملايين في اليمن لخطر الإصابة بفايروس كورونا والأمراض المنقولة بالماء مثل الكوليرا، لأن الوقود ضروري لتوفير المياه النظيفة. وجاء ذلك في وقت شكت فيه إدارة مستشفى الثروة في صنعاء من أنّ الكهرباء لم تعد تصل بشكل منتظم إلى المستشفى محذّرة من تضرّر قسمي العناية الفائقة وغسيل الكلى، ومن عدم تمكّن الأطباء والممرضين من الوصول بسهولة إلى مواقع عملهم، فضلا عن الارتفاع الهائل في أسعار المعدّات والمنتجات اللاّزمة لعمل أقسام المستشفى.