جهود توحيد الجيش تتقدم على غيرها من المسارات في ليبيا

وحدة مطلوبة

بنغازي

عقد رئيس أركان الجيش الليبي الفريق عبدالرزاق الناظوري اجتماعا مع نظيره في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، محمد الحداد الذي يزور مدينة بنغازي (شرق) للمرة الأولى.

ويأتي الاجتماع في ظل تقدم أحرزه الطرفان ضمن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، في سياق جهود توحيد المؤسسة العسكرية، التي تقودها الأمم المتحدة وتحظى بغطاء داعم من قوى غربية وإقليمية بينها مصر وتركيا.

وفي موقف بدا لافتا أعلن رئيس أركان الجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر خلال الاجتماع الذي حضره مديرو الإدارات من الطرفين، أن "المؤسسة العسكرية في ليبيا مستقلة ولا تتبع أي طرف سياسي". وأشار الناظوري إلى أن "الجيش الليبي مستعد لتأمين الانتخابات الليبية المرتقبة". وهدف الاجتماع، الذي حضر افتتاحه صحافيون مساء الخميس، إلى الوقوف على آخر ما توصلت إليه لجنة "5+5" خلال اجتماعاتها الماضية.

وأكد الفريق الحداد سعيهم إلى “الحفاظ على وحدة التراب الليبي والاستعداد لعون من يريد الانتخابات". وقال "مددنا يد السلام لأن ليبيا تمر بأسوأ حالاتها بسبب الحروب". وأضاف أن "هناك دولا (لم يسمها) متدخلة في الشأن الليبي لا تريد استقرار البلاد". وذكر الحداد أن الاجتماع “جاء لاستكمال ما تمت مناقشته في وقت سابق وتطبيق ما اتفقنا عليه”، دون المزيد من التفاصيل.

وهذا ثاني لقاء يجري بين القيادتين العسكريتين في الشرق والغرب خلال شهر رمضان، حيث كان اللقاء الأول في العاصمة طرابلس، وهو ما يوحي بأن جهود توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا تسير بخطى حثيثة مقارنة بباقي المسارات.

ويرى مراقبون أن مسألة توحيد المؤسسة العسكرية حيوية، وقد أبدت أطراف خارجية متدخلة ومتنافسة في المشهد الليبي دعمها لتحقيق تقدم بخصوص ذلك، مشيرين إلى أن الزخم الجاري على مستوى العلاقة بين أنقرة والقاهرة من شأنه أن يساهم  في تحقيق اختراق على الساحة الليبية.

واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية مع قناة محلية مساء الخميس، في ختام زيارة لنظيره المصري سامح شكري إلى أنقرة، أن “تشكيل كتيبة عسكرية مشتركة في ليبيا سيكون خطوة مهمة، وبمثابة نواة نحو توحيد المؤسسة العسكرية"، مؤكدا أن "التعاون بين تركيا ومصر سيكون في مصلحة ليبيا".

وشدد جاويش أوغلو على أن "إجراء الانتخابات سيكون بالطبع أكثر أهمية لتوحيد ليبيا"، وأشار بعد الاجتماع الثالث من نوعه مع شكري وجها لوجه منذ فبراير إلى أهمية دور تركيا ومصر والجزائر وقطر والإمارات وروسيا في حل أزمة ليبيا، مُقرّا بأن "التعاون بين تركيا ومصر سيكون في مصلحة ليبيا".

من جانبه قال وزير الخارجية المصري في مقابلة مع قناة "تن" المصرية الخاصة مساء الخميس، بشأن الملف الليبي "لمست تفهما من الوزير التركي لمدى أهمية تأثير القضية الليبية على الأمن القومي المصري، وهذا توجه طيب، وهناك توافق فيما بيننا لرؤية ليبيا مستقرة لها سيادة".

وأوضح شكري “هناك مصالح لتركيا في ليبيا، ونحن لا نضع قيودا على أي علاقات طالما لم تؤثر على الأمن القومي لمصر"، وأكد وجود تجاوب من الوزير التركي في هذا الملف، وهذا ما اعتبره "مشجعا، واتفقنا على أن نبلور في المراحل المقبلة أُطرا للعمل سويا بهذا الملف حتى نصل إلى الهدف وهو عقد الانتخابات والوصول إلى حكومة معبرة عن الشعب الليبي".

ويرى متابعون أن التحول الذي تشهده العلاقة بين مصر وتركيا والخطوات الجارية لتطبيع العلاقات سيكون لهما أثرهما الإيجابي على الملف الليبي، وقد تشكل مسألة توحيد المؤسسة العسكرية نقطة مشتركة لتعاون بينهما في هذا البلد، بدل التنافس المضر.

وتعقد اللجنة العسكرية المشتركة، التي تضم 5 أعضاء من المؤسسة العسكرية في شرق ليبيا ومثلهم من طرف قوات الغرب، منذ عامين حوارات داخل ليبيا وخارجها لتوحيد الجيش تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف في أكتوبر 2020.

وفي فبراير الماضي كشفت البعثة الأممية عن اتفاق لجنة “5+5” على تشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود كخطوة أولى لتوحيد المؤسسة العسكرية. وإلى جانب الحوار العسكري ترعى الأمم المتحدة أيضا حوارا سياسيا بين أطراف النزاع السياسي الليبي بهدف الوصول إلى انتخابات تنهي أزمة البلاد في العام الجاري.