حياد أجهزة الدولة والمتابعة الدولية من شروط الحركة المدنية

المعارضة المصرية تطلب ضمانات للمشاركة في انتخابات الرئاسة

تشكك المعارضة المصرية في نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة ما لم يتم اتخاذ خطوات تعتبرها ضرورية لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية. وتمارس المعارضة ضغوطا لتبني مطالبها التي لم ترد عليها الحكومة المصرية بعد.

تشكيك في نزاهة المحطات الانتخابية المقبلة

القاهرة

 مارست الحركة المدنية الديمقراطية، وتضم في عضويتها أحزابا وشخصيات معارضة عديدة، ضغوطًا سياسية على الحكومة المصرية بإعلان ما أسمته بـ”ضوابط حرية ونزاهة انتخابات الرئاسة” قبل نحو عام على انطلاقها، ما يشي برغبتها في إحراج جهات رسمية، والمسك بزمام المبادرة بعد أن لمست تراجعًا نسبيا في تنفيذ وعود واستحقاقات اتفق عليها مؤخرا بشأن انطلاق الحوار الوطني وتوابعه.

وردت الحكومة -بشكل غير مباشر- باستدعاء القيادي في الحركة المدنية يحيى حسين عبدالهادي للمثول أمام النيابة الخميس، على خلفية تهمة حيازة منشورات ونشر أخبار كاذبة، ثم الإفراج عنه في اليوم نفسه وتأجيل التحقيق معه إلى الحادي عشر من مايو المقبل.

ووضعت الحركة في بيان لها الأربعاء شروطًا -وصفها البعض بـ”القاسية”- لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، على رأسها السماح بالتعددية الحزبية وفق الضوابط الدستورية ودورية الانتخابات والتداول السلمي للسلطة وحرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وإتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين، فضلا عن حياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع طوال العملية الانتخابية وضمان سلامة المرشحين ومساعديهم ‏والتزام المرشحين باحترام المدد الرئاسية التي ينص عليها الدستور، وهي مدتان متتاليتان فقط.

وطالبت بأن تخضع العملية الانتخابية برمتها للمتابعة من قبل هيئات ومنظمات محلية ودولية مشهود لها بالحياد والموضوعية، وتركيب كاميرات في كل اللجان الفرعية لضمان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية، على أن يتم الفرز وإعلان النتائج في اللجان الفرعية وبوجود مندوبين عن المرشحين.

وأرسل حديث الحركة المدنية عن تفاصيل إجراء العملية الانتخابية مؤشرات على أنها تنوي أن تكون حاضرة فيها بقوة سواء أكان ذلك من خلال ترشيح أحد الأعضاء فيها أم عبر دعم مرشح من خارجها.

وحرّك إعلان أحمد الطنطاوي الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة، وهو أحد قياديي الحركة المدنية، عودته إلى البلاد في السادس من مايو المقبل مياه الانتخابات الراكدة ودفع شخصيات داخل الحركة إلى إعلان رغبتها في الترشح دون أن يتم التوافق حول مرشح حتى الآن. وقد تكون الضوابط ورقة تمسك بها الحركة لتحميل الحكومة مسؤولية أي فشل يواجه مرشحيها أو يضطرها إلى الانسحاب من ماراثون الانتخابات.

ومن المتوقع أن تتسع الهوة بين أحزاب المعارضة والحكومة المصرية في حال لم يبدأ الحوار الوطني في توقيته (الثالث من مايو المقبل) أو إذا مضت جهات حكومية نحو إجراء الانتخابات الرئاسية دون مراعاة كافية لضمانات نزاهتها.

وقال رئيس حزب الإصلاح والتنمية (معارض) محمد أنور السادات إن الحركة المدنية استعانت بعدد من القانونيين والشخصيات العامة التي لها خبرات وتجارب انتخابية سابقة للخروج بالضمانات المعلن عنها والوصول إلى مشاركة متكافئة أمام جميع المرشحين في الانتخابات الرئاسية، ومن ثم يطمئن المواطن لحياديتها بما يدفعه إلى المشاركة فيها، وهو أمر يخدم الحكومة والمعارضة معا.

وأوضح في تصريح لـ"العرب" أن "الحركة هدفها ممارسة المزيد من الضغوط السياسية على الحكومة في ملفي الانتخابات والحوار الوطني لتوفير أجواء مناسبة لكليهما، والرسالة إذا أصابت أهدافها سوف تنتظر الحركة الإفراج عن دفعات جديدة قريبا من سجناء الرأي، خاصة الأسماء المتفق عليها مع جهات حكومية".

وأشار إلى أن الحركة تنتظر تجاوب الحكومة مع ضماناتها لتفكر في الخطوة التالية، والتي سوف تعتمد على مدى استجابة أجهزة الدولة من خلال استعراض المرشحين الجادين الذين لديهم رغبة في الترشح والتوافق حول دعم مرشح أو أكثر.

وراجت في الفترة الماضية معلومات بشأن رغبة أسماء معينة في الترشح وعدم التوافق حول ترشيح رئيس تيار الكرامة السابق أحمد الطنطاوي، وبرزت أسماء مثل رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل ورئيس حزب الإصلاح محمد أنور السادات، والمتحدث السابق باسم الحركة المدنية يحيى حسين عبدالهادي الذي استدعي الخميس من جانب جهات قضائية للتحقيق معه بعد فترة قصيرة من إعلان بعض الشخصيات اختياره مرشحا توافقيا محتملا للمعارضة يخوض انتخابات الرئاسة.

وأكد القيادي بالحركة المدنية كمال زايد لـ”العرب” أن “قوى المعارضة كانت متيقنة من أن التحقيق مع عبدالهادي لن يؤدي إلى حبسه مرة أخرى، وكانت واثقة من عدم تعكير الأجواء أو إفساد المشهد العام الحالي لما يمثله الرجل من قيمة سياسية مهمة".

ويبدو أن جهات رسمية أرادت أن تبعث هي الأخرى بإشارات إلى المعارضة تفيد بأن التمسك بتنفيذ كافة الشروط والضمانات التي تتعلق باستمرار المشاركة في الحوار الوطني أو الانتخابات الرئاسية لن يكون ممكنًا، والحكومة ستقدم تنازلات من جانبها وعلى المعارضة أن تتنازل أيضا عن بعض مطالبها، ما يشي بخلاف بين الطرفين قد يسلك طريقه نحو التصعيد ما لم يتم إجراء مشاورات لفرملته في الأيام المقبلة.

وكاد التحقيق مع عبدالهادي يؤدي إلى ما يمكن وصفه بـ”الانتكاسة” في الانفراجة التي ظهرت بوادرها في عملية الإفراج عن عدد كبير من سجناء الرأي والسياسيين.

وفي هذه الحالة ربما تضطر الحركة المدنية إلى اللجوء لخيارات تصعيدية تضر تداعياتها بعملية التوافق حول القيام بإصلاحات سياسية معتبرة، ومن هنا تكون الحكومة من وجهة نظر أطراف معارضة قد انفتحت على الحوار معها وتملصت من وعودها، وهو مؤشر سلبي على إمكانية نجاح الحوار وإجراء انتخابات رئاسية هادئة.

ونفى كمال زايد في تصريح لـ”العرب” وجود تفاهمات بين الحركة المدنية وأجهزة الدولة المصرية حول الضمانات المعلن عنها، أو دلالات بعينها دفعت إلى الإعلان عنها سوى أن الحركة وجدت أن الحديث يتصاعد عن عملية الانتخابات وأرادت أن تكون حاضرة في صدارة المشهد السياسي لتقديم رؤيتها، وتأمل في وجود آذان صاغية في الحكومة أو أن تتم إثارة النقاش حولها خلال الفترة المقبلة.

ولفت إلى أن الضوابط الأخيرة لا تتعلق بانتخابات الرئاسة فقط، وإنما تشمل أي استحقاقات انتخابية مقبلة (انتخابات البرلمان)، وترى الحركة أن الضوابط ضمانة سليمة لأي انتخابات نزيهة في أي مجتمع ديمقراطي، ويصعب القول إن عدم الالتزام بالضوابط يعني الانسحاب أو عدم المشاركة، فحينها سيكون لكل حادث حديث.