تورك: "اقتصاد حقوق الإنسان" يدعو لتحقيق المساواة والعدالة والاستدامة

أرشيفية

لندن

دعا مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان دول G7 إلى إحياء روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مؤكدا أن "اقتصاد حقوق الإنسان" يسعى إلى معالجة الأسباب الجذرية والحواجز الهيكلية التي تحول دون المساواة والعدالة والاستدامة، من خلال إعطاء الأولوية للاستثمار في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقال تورك في رسالة وجهها لقادة دول G7، الذين يعقدون اجتماعهم في مدينة هيروشيما اليابانية، الجمعة ولمدة ثلاثة أيام، إن تحليل ما حدث لعالمنا في السنوات الأخيرة مهمة واقعية، حيث زادت النزاعات، من سوريا إلى منطقة الساحل، التي تعرض أعدادا متزايدة من المدنيين لضرر دائم، وحتى مميت.

كما أشار تورك إلى الحرب في أوروبا، قائلا إنها حرب ليست قاتلة ومدمرة فحسب، بل إنها تصدر البؤس والجوع أيضا إلى جميع أنحاء العالم.

كما تحدث تورك عن تغير المناخ والأضرار البيئية، التي أصبحت تحرم الناس وكوكبنا من الصحة والموارد والقدرة على تحقيق إمكاناتهم، وكذلك جائحة كوفيد-19، التي لم تكشف عن مواطن الضعف في كل اقتصاد ومجتمع فحسب، بل عمقتها أيضا، ووجهت الانتباه إلى أوجه عدم المساواة الهائلة.

كما تطرق المفوض السامي إلى الحديث عن انفجار خطاب الكراهية عبر الإنترنت، لا سيما الموجه ضد النساء وأفراد الأقليات العرقية وغيرها من الأقليات، والقيود القاسية على الحريات الأساسية للتعبير والرأي والتجمع، وسط حملات قمع متزايدة على الفضاء المدني في كل منطقة من مناطق العالم.

وخلص تورك إلى أن كل ما سبق يعد دروسا واضحة بشكل مؤلم في مدى ارتباطنا، ومدى ارتباط حقوق الإنسان الخاصة بنا، فالأزمات، عندما تنتشر في مناطق مختلفة ومجالات مختلفة، تتعاقب وتصطدم ببعضها بعضا، ما يؤدي إلى أضرار أكثر تدميرا وأبعد مدى.

وقال تورك: "قبل 75 عاما، استخلصت الدول بعض الدروس الحيوية من إحدى هذه الأزمات الكبرى، حيث جلبت السنوات من 1914 إلى 1945 للعالم أكثر الحروب تدميرا والإبادة الجماعية والدمار والألم الاقتصادي التي عرفتها البشرية على الإطلاق.. وفي عام 1948، اعتمدت حكومات من إفريقيا وآسيا والأمريكتين وأوروبا والشرق الأوسط دليلا لمنع الصراع والبؤس".

وقال المفوض السامي: "يستند الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى كل ثقافة وإلى كل التقاليد، ويعبر عن الحقيقة الأساسية لوحدة البشرية.. إنه يبين لنا الطريق نحو السلام الدائم والرخاء المشترك والعدالة، وسط احترام خلافاتنا.. وبعد مرور خمسة وسبعين عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نحتاج إلى إحياء روحه والتزاماته".

وأضاف تورك: "حقوق الإنسان عالمية، وهي أيضا غير قابلة للتجزئة، إن التمييز القديم بين الحقوق المدنية والسياسية من جهة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من جهة أخرى، هو قطعة أثرية من الحرب الباردة لا صلة لها بالواقع.. ويلزم أن تتقدم جميع حقوق الإنسان معا، على قدم المساواة، حتى يتسنى لها أن تعزز بعضها بعضا".

وتابع: "أظهر وباء كوفيد-19 بوضوح شديد الطبيعة الأساسية للحق في الرعاية الصحية اللائقة، الحماية الاجتماعية، المياه النظيفة والصرف الصحي؛ إلى العمل اللائق، فهي ليست أساسية لكرامة الإنسان فحسب، بل إنها ضرورية للتنمية المستدامة والاستقرار السياسي في كل بلد".

وشدد على أن الفشل في دعم هذه الحقوق، ومعالجة أوجه عدم المساواة، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الناس، مؤكدا أن التحرر من الخوف والتحرر من العوز لهما القدر نفسه من القيمة والضرورة بالقدر نفسه.

واختتم قوله: "قد حان الوقت لإدراك أنه مهما كانت قوته، فإن النمو الاقتصادي وحده لن يعالج الظلم البنيوي أو يحقق الحقوق الأساسية للناس.. نحن بحاجة إلى تفكيك بنية عدم المساواة، ودفع عجلة التعافي السليم، من خلال بناء اقتصادات تعزز حقوق الناس ورفاههم، حيث يسعى اقتصاد حقوق الإنسان إلى معالجة الأسباب الجذرية والحواجز الهيكلية التي تحول دون المساواة والعدالة والاستدامة، من خلال إعطاء الأولوية للاستثمار في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. إنه يوفر أقصى قدر من الحماية الاجتماعية والتعليم الجيد والرعاية الصحية للجميع"