مناقشات سورية – أميركية تحت الطاولة.. هذا ما كشفته مصادر جسور!

"أرشيفية"
تتعاطى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع الشرق الأوسط عموماً بغموض لكنها مع مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية في جدة ضربت رقماً قياسياً، متخوفة من إعادة تعويم النظام السوري في الإقليم مجدداً.
فواشنطن التي تشدد علنا على ضرورة عزل دمشق، تحاورها اليوم تحت الطاولة اذ كشفت مصادر مطلعة لـ"جسور" النقاب عن "مفاوضات سرّية حصلت بين واشنطن ودمشق لبحث الملفات المشتركة، خلافا للمواقف المتشددة التي يطلقها المسؤولون الأميركيون حيال مسألة التواصل مع سوريا."
وأضافت أن "جولة من المحادثات جرت في عُمان بين واشنطن ودول غرب آسيا، وأن اللقاءات ضمّت شخصيات أمنية من البلدين وممثلين عن الخارجية الأميركية".
وسط هذه الأجواء، يشير الأكاديمي والخبير في إدارة النزاعات الدوليّة د. إسحاق أندكيان في حديث لـ"جسور" الى أن "قمّة جدة انعقدت في ظلّ التقارب السعودي-الصيني من ناحية والمصالحة السعوديّة-الإيرانيّة من ناحية أخرى والتي بدورها أفرزت عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية بعد تغييبها لأكثر من عشر سنوات".
صفعة سياسية
واعتبر أن "مشاركة سوريا اليوم في القمة العربية مغايرة لمشاركتها بالقمم ما قبل عام 2011، إذ إنّ عودة دمشق الى الحضن العربي تتزامن وانتشار جيوش أجنبيّة من تركيّة وروسيّة وأميركيّة في سوريا ناهيك عن الوجود الإرهابي المسلّح تتقدّمهم القاعدة عبر جبهة النصرة وفلول داعش في بعض المناطق السوريّة".
واستطرد موضحًا "إنطلاقا ً من نظريّة ال Zero-Sum-Game المنبثقة من المدرسة الفكريّة للواقعيّة السياسيّة (Realism) التي تنتهجها الولايات المتّحدة الأميركيّة في سياستها الخارجيّة (Foreign Policy)، لا يصب ّ التقارب السعودي-الصيني وبالتالي التقارب السعودي-الإيراني في مصلحة الولايات المتّحدة الأميركيّة، ما يشكل صفعة سياسيّة – ديبلوماسيّة لعاصمة القرار واشنطن، ناهيك عن أن التقارب حصل على حساب مصلحة أميركا والدليل أن السعوديّة باتت ترفض الطلبات الأميركيّة، والمثال على ذلك رفض زيادة إنتاج البترول لخفض سعر النفط نموذجا، وأصبحت تتّجه شرقا ً في الإقتصاد والسياسة والتسّلح بعدما كانت بوصلتها غربا ً وهواها أميركيّا ً."
وختم أندكيان:"لا أعتقد أنّ الموقف السعودي-الأميركي المتوتّر سيتغيّر طوال عهد بايدن لأسباب عدة منها ما هو شخصي ومنها ما هو سياسي وإقتصادي وسيادي. لكن الرهان يبقى على مجيء رئيس جديد للولايات المتّحدة الأميركيّة عام 2024 يكون قادرا ً على التفاهم مع وليّ العهد محمّد بن سلمان وإعادة المياه إلى مجاريها بين أميركا والسعوديّة."
مواقف متناقضة
وعلق مسؤولون أميركيون على حضور الأسد القمة العربية اذ قال متحدث الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن موقف واشنطن من النظام السوري "لم يتغير"، وإن الوقت الآن "ليس للتطبيع"، وليس مناسباً لتحسين العلاقات مع نظام الأسد، وإن وزير خارجية مصر اعتبر الزيارة إلى دمشق إنسانية.
هذا واعتبر مسؤولون أميركيون أن حضور الأسد القمة العربية في جدة، لا يمثل لحظة تحول في الشرق الأوسط.
وحسبما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، فإن المسؤولين في واشنطن يصرون على استمرار العقوبات الأميركية على سوريا، مؤكدين أن التقارب الإقليمي ليس علامة على تراجع نفوذ أميركا في الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة أن ذلك يسلط الضوء أيضا على الفجوة الهائلة بين الولايات المتحدة وبعض أقرب شركائها في الشرق الأوسط بشأن سوريا، خاصة وأن إدارة بايدن مثل الأوروبيين، تعهدت بالحفاظ على سياسة العزلة والضغط على دمشق.
وقال المسؤولون الأميركيون الذين تحدثوا شريط عدم الكشف عن هويتهم لوصف المناقشات الدبلوماسية الحساسة، إنهم تشاوروا مع قادة الشرق الأوسط بشأن خطواتهم لتبني علاقات أعمق مع سوريا، ويقولون إن إدارة بايدن تدعم الأهداف العامة لتلك الدول في سوريا، بما في ذلك تقليص نفوذ إيران.
ويرى محللون سياسيون أن الفجوة بشأن سوريا بين واشنطن وشركاء رئيسيين من بينهم السعودية والأردن والإمارات، تسلط الضوء أيضا على تغير الديناميكيات في العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، إذ تواجه واشنطن اتهامات بأنها تتجاهل المنطقة لصالح التركيز على المنافسة مع الصين وروسيا.