مساع جزائرية لتنظيم مشاريع الاستثمار في المناجم

الطريق لا يزال طويلا لبلوغ النتائج

الجزائر

 تسعى الجزائر من خلال تشريع جديد يذلل العقبات أمام الشركات وأصحاب الأعمال إلى الاستثمار في قطاع التعدين، الذي صار مجالا تركز عليه السلطات لتنويع الاقتصاد عبر الثروات المنسية بعيدا عن ريع النفط والغاز.

وطرح وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب خلال اجتماع أسبوعي للحكومة في وقت سابق هذا الأسبوع مشروعا تمهيديا لقانون ينظم النشاطات المنجمية.

ولا تزال الجزائر، العضو في منظمة أوبك، تحاول تحفيز القطاعات غير النفطية بما يتيح لها تحقيق إيرادات إضافية إلى جانب صادرات الوقود الأحفوري، رغم أنها أقرت الصيف الماضي قانونا جديدا للاستثمار يقطع مع السياسات البالية في هذا المضمار.

ووفق بيان للوزارة الأولى أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، فإن التشريع الجديد يهدف إلى “إنعاش القطاع وتوفير الشروط الإيجابية لتطويره من خلال إحداث بيئة مؤاتية للاستثمار واعتماد تدابير تشريعية محفزة”.

كما يهدف إلى “وضع سياسة أكثر شفافية واستقرارا واستدامة من شأنها أن تتيح الوصول المبسط إلى الاستثمار بالقطاع، وذلك بغرض تشجيع المستثمرين، سواء الوطنيين أو الأجانب، على المساهمة بفعالية في تنميته”.

ويكرس مشروع القانون أيضا “الشروط المعتمدة دوليا لترقية الاستثمار في قطاع المناجم وتشجيع إنجاز الأنشطة”، بما يتيح “خلق قيمة مضافة هامة عن طريق إقامة وحدات تحويلية وإعطاء الأولوية لتشغيل اليد العاملة المحلية وكذلك نقل التكنولوجيا”.

ولم يذكر البيان موعد تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه قبل أن يصبح ساري المفعول رسميا.

وتأتي الخطوة كجزء من ديناميكية التغيير، الذي تتطلع إليه الجزائر بهدف تشجيع المستثمرين على تعزيز وجودهم في القطاع، بالنظر إلى الاحتياطات المعدنية الكبيرة التي تزخر بها الجزائر مثل الحديد والفوسفات والزنك والذهب والرخام والباريت وغيرها.

وفي أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة أنها ستحدث تغييرات على المنظومة القانونية المنظمة لنشاط المناجم لتحسين قدراته التشغيلية والاستفادة من إيراداته.

وتسود قناعة لدى أوساط الأعمال والخبراء بأن رهان الجزائر على استثمارات المناجم، بعد تعثر رهاناتها السابقة لتحريك اقتصادها المتضرر بسبب الإدمان على إيرادات النفط والغاز، لا يزال يسير ببطء.

ورغم الإعلانات المتتالية في الأشهر الأخيرة عن فتح الطريق أمام تطويره، لكن محللين يرون أن الحكومة تواجه طريقا شاقا وصعبا لإصلاح القطاع، الذي ظل بعيدا عن اهتماماتها.

وتحوي الجزائر العديد من الثروات المعدنية، أهمّها الفوسفات، الذي يتركز في منطقة الكويف وجبل العنق، وأيضا الزنك والرصاص، اللذان يتركزان في منطقة عين البربر قرب منطقة عنابة.

كما أنها تزخر بكميات من مادة الزئبق وهي تتركز في منطقة عزابة والرخام في منطقة سكيكدة، وأيضا الحديد في منطقة غار جبيلات جنوب غرب البلاد.

وتعرضت الثروة المعدنية قبل الإطاحة بنظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة لاستنزاف كبير، جراء الاستغلال العشوائي لشبكات مختصة تركز أساسا على استخراج مادة الذهب وتهريبها إلى العديد من الأسواق ودول أجنبية.

وليست للجزائر تقاليد في إنتاج المعادن، ويبدو أنها تحاول اللحاق بنجاحات المغرب وموريتانيا، والاستفادة من تعثر جارتها تونس التي كانت في وقت من الأوقات الثانية على المستوى العالمي في مجال إنتاج الفوسفات قبل أن يتراجع القطاع إلى مستوى غير مسبوق.

وتشير بيانات الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار إلى أن قطاع المناجم سجل خلال الفترة الممتدة ما بين 2002 و2018 استثمارات بلغت نحو 20.9 مليار دولار، وهو رقم بسيط للغاية بالنظر إلى مساحة البلاد، وما تحتويه في باطنها من معادن متنوعة.

وقامت وكالة المصلحة الجيولوجية التابعة لوزارة المناجم بتنفيذ مسح شامل يتضمن 76 مشروعا، في إطار خطة يتم بموجبها وضع خارطة مفصلة للموارد المنجمية للبلاد.

وقالت الوكالة الصيف الماضي إن “الخطة تشمل رسم 43 خارطة جيولوجية بالمناطق الشمالية والجنوبية و19 مشروعا تتضمن قاعدة بيانات جغرافية للمعادن و17 مشروعا آخر للاستثمار في الموارد المنجمية”.