ترجمات..

أورام الرحم بين خطر يهدد ملايين النساء وقلة عدد الأطفال عالمياً

"أرشيفية"

أبوظبي

آلام مبرحة ونزيف شهري، تجد سلوى تبعاتهما في نقص كل الفيتامينات من جسدها وإصابتها بأنيميا حادة، ذات يوم لم يكن هناك حل سوى نقل دم فوري وسريع وتعليق محاليل بأحد المستشفيات الجامعية.

كانت المفاجأة صادمة عندما ظهرت نتائج الأشعة والتحاليل بإصابتها بورم ليفي داخل الرحم، بين تخوفات إجراء جراحة وتهديدات بعدم الإنجاب عانت سلوى، إذ لم تكن قد أنجبت أطفالاً إلا جنيناً لم يكتمل نموه وسقط من رحمها كما يسقط الأطفال من الدور العاشر أو أعلى شجرة.

المأساة ذاتها ذاقتها الممثلة الشهيرة حورية فرغلي، إذا أصبح العالم مؤخراً على خبر استئصال رحمها لوجود أورام كثيرة به أصبحت تهدد حياتها، فأجرت العملية الجراحية على الفور.

سلوى وحورية ليستا وحيدتين في مصابهما، حيث تُعد أورام الرحم من أكثر الأمراض النسائية شيوعاً وأكثرها صعوبة في التشخيص والعلاج. 

وفقاً لمتخصصين هاتفتهم "جسور بوست"، تتسبب هذه الأورام في تغيرات هرمونية وتضخم في الأنسجة الرحمية، وتعتبر من أهم المسببات للمشكلات الصحية لدى العديد من النساء حول العالم. 

تناقش السطور التالية أورام الرحم والتقدم الحاصل في مجال الإحصائيات المتعلقة بهذه الحالة الصحية. 

في هذا السياق، بحثت "جسور بوست" نتائج أحدث الأبحاث والمعلومات الإحصائية المتاحة، بالإضافة إلى استعراض التوجهات العالمية الحالية في تشخيص وعلاج أورام الرحم، أيضاً تأثيرها على عدد الأطفال وسلامة الأجنة. 

ووفقاً لإحصائيات قدمتها جهات بحثية عالمية، فإن نسبة انتشار أورام الرحم تزداد عالمياً بمعدل مقلق، وتؤثر بشكل خاص على النساء في سن الإنجاب، كما يشير التقرير إلى أن هناك أسباباً متعددة ومتنوعة لظهور هذه الأورام، بدءاً من العوامل الوراثية والهرمونية وحتى البيئية. 

وتزداد احتمالية تطور أورام الرحم عند النساء اللائي لديهن تاريخ عائلي بهذه المشكلة. 

توضح الإحصاءات الحالية أيضاً أن غالبية حالات أورام الرحم تكون عابرة وغير خطيرة، ومع ذلك فإن هناك بعض الحالات النادرة التي تصاحبها أعراض شديدة وتحتاج إلى علاج فوري، وتسعى هيئات الرعاية الصحية والباحثون لتطوير طرق تشخيص مبكر وتقديم علاجات فعالة وأكثر هدفية لتلك الحالات الشديدة. 

من خلال نفس المتخصصين الذين هاتفهم “جسور بوست” وكذلك تحليل الإحصائيات الحديثة وفهمها، يمكن للأطباء والمختصين في مجال الرعاية الصحية أن يوفروا خدمات أفضل وفعالة للمرضى المصابين بأورام الرحم، إنهم يسعون جاهدين لتحسين التشخيص المبكر وتقديم توجيهات دقيقة للعلاج والرعاية، بهدف تقليل المضاعفات وتحسين نوعية الحياة للنساء المتأثرات. 

يستهدف "جسور بوست" من هذا التقرير، توجيه الضوء على أهمية المعرفة والتوعية حول أورام الرحم في المجتمع، ويحث الجهات المعنية على دعم البحوث والبرامج المستقبلية التي تسهم في تحسين الوقاية والعلاج لهذه الحالة الصحية الشائعة والمتعددة الأبعاد. 

أنواعها

وفقاً لتقارير متخصصة، تنقسم هذه الأورام إلى نوعين رئيسيين، الورم الليفي والورم الحليمي. 

ويعتبر الورم الليفي هو الأكثر شيوعاً، ويتكون من خلايا عضلية في الرحم، بينما يتكون الورم الحليمي من خلايا التآكل المكونة للغشاء المخاطي في الرحم. 

تعاني النساء المصابات بأورام الرحم من مجموعة متنوعة من المشكلات

بدءاً من الأعراض البسيطة مثل الألم والنزيف الزائد خلال فترات الحيض، وصولاً إلى المشكلات الأكثر خطورة مثل صعوبة الحمل والإجهاض المتكرر.

قد يؤدي العديد من العوامل إلى زيادة احتمالية تطور أورام الرحم، مثل التوتر النفسي، والتغيرات الهرمونية، وارتفاع معدلات البدانة.

طرق العلاج

رغم أن هناك طرق علاج تقليدية قائمة للتخلص من أورام الرحم، فإنه في السنوات الأخيرة، تطورت قدرات التكنولوجيا الطبية وظهرت طرق جديدة وواعدة للعلاج. 

يشرح الأمر أخصائي أمراض النساء والحقن المجهري، الدكتور أحمد خيري بقوله، إن ما يأتي في مقدمة هذه الطرق التقنية الجديدة علاج الأشعة فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة (HIFU)، إذ يتم استهداف وتدمير الأورام بواسطة موجات فوق صوتية عالية التردد، دون الحاجة إلى خياطة الجرح أو إجراء عملية شاقة، علاوة على ذلك، تتطور أيضاً تقنية التنظير الرحمي ليساعد في تشخيص وإزالة الأورام دون الحاجة إلى عملية جراحية كبيرة. 

الدكتور أحمد خيري

وأضاف خيري في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": تعتمد هذه العملية على استخدام تقنية صغيرة ومرنة تدخل عبر المهبل وتبدد الأورام باستخدام أدوات دقيقة، مشيراً إلى أن تشكيل أورام الرحم مشكلة صحية خطيرة تواجهها الكثير من النساء حول العالم، ولكن يجب أن نشعر بالتفاؤل مع التقدم الذي يحدث في مجال الطب والعلاج، إذ يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تلعب دوراً مهماً في تحسين حياة النساء المتأثرات بهذا المرض. 

وأتم: تجب على النساء الاستعانة بالمعلومات الموثوقة والتواصل مع الأطباء للحصول على العلاج المناسب والاهتمام بصحتهن.

هل تؤثر أورام الرحم على الإنجاب؟

أجاب عن السؤال أستاذ علاج الأورام والجراحة العامة، د. أحمد عبداللطيف الجبالي، بقوله، إن أورام الرحم تعتبر من الحالات الطبية التي يمكن أن تؤثر على قدرة المرأة على الحمل والإنجاب، وقد تؤدي الأورام الكبيرة أو الواقعة في مواقع حساسة بالرحم إلى تشوهات في التشكيل الرحمي أو انسداد مجرى البويضة، وهذا قد يتسبب في صعوبة انغراس البويضة المخصبة في الرحم وبالتالي تقليل فرص الإنجاب. 

د. أحمد عبد اللطيف الجبالي

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": تأثير أورام الرحم على عدد الأطفال حول العالم يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك حجم الورم ومكانه وطبيعته، 
ولا يؤدي الورم الصغير أو الذي لا يتسبب في تشوهات في التشكيل الرحمي إلى حدوث تأثير كبير على استقرار الحمل وإنجاب الأطفال، بعكس الأورام الكبيرة أو التي تسبب تشوهات تشكيلية رحمية فإنها قد تقلل من فرص الحمل والإنجاب بشكل كبير. 

من المهم أن تتم استشارة طبيب متخصص في حالة تشخيص وجود أورام رحمية لتقدير التأثير المحتمل على القدرة على الإنجاب وتوصية بالعلاج المناسب إذا لزم الأمر.