"خِيَم" حزب الله تستفزُّ إسرائيل.. هل تقع الحرب؟

"أرشيفية"
في ظل التطورات الأمنية التي يشهدها الجنوب اللبناني، ورغم الدعوات لتهدئة الأوضاع ومنع تصاعد حدة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الجيش الإسرائيلي للتحرك ضد الخيم التي أقامها حزب الله قرب الحدود. وبحسب الصحافي المقرّب من حزب الله، عبدالله قمح، إن "هذا الإعلان ليس الأول من نوعه، بل سبق لإسرائيل أن حددت خمسة مواعيد خلال شهرين للحظة الصفر من أجل التحرك، من ثم تتراجع".و"لو كان الجيش الإسرائيلي يملك القدرة العسكرية اللازمة، لكان أزال الخيم ولم يحدد مواعيد ويتراجع عنها".
وكشف في حديث لـ"جسور"، عن أن"الإسرائيلي حاول مرتين إحراق الخيم عبر رمي بالونات حارقة عليها بطريقة ملتوية، وكأنها بفعل ارتفاع درجات الحرارة، لكنه لم ينجح. وبعد المحاولة الثانية، أرسل حزب الله رسالة شديدة اللهجة جاء فيها أن أي محاولة أخرى سينتج عنها تحرك جدّي، الأمر الذي أخاف الإسرائيلي بعدما استنفذ كل قدراته ودفعه للإنتقال إلى الطرق الديبلوماسية".
"رد فعل"
وقال قمح: "كل فعل يتبعه رد فعل، ومسألة الخيم جاءت بعد قضية بلدة الغجر، والإسرائيلي بإعتراف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، احتل الجزء الشمالي من هذه القرية المعروفة بخراج بلدة الماري، وثبت احتلاله لها عام 2006، وبدأ ببناء الجدار عليها لمحاولة ضمها لمنطقته. وحزب الله كمقاومة لا يمكنه أن يقف أمام التمدد الاسرائيلي بصمت، لأنه إذا سكت سيكرر الإسرائيلي فعله من دون رادع وفي كل منطقة عليها نزاع في لبنان. ومنعاً لتماديه، تحرّك حزب الله بموقع الدفاع لا الهجوم، ليثبت ميزان القوى بينه وبين الجيش الإسرائيلي".
وتابع: "برأيي أن لا حرب، لأنه لو كان الإسرائيلي قادراً على شن حرب، لكان نفذ تهديداته ودخل إلى الخيم وقاتل من فيها. لكن رغم ذلك، إلا أن حزب الله لن يدع الإسرائيلي ينفذ ما يريد، وإن اقتضى الأمر وفي حال وسّع الأخيرب نشاطه، فالمقاومة لن تسكت وستقاوم".
الوضع غير مستقر
في المقلب الآخر، اعتبر العميد اللبناني المتقاعد خليل الحلو، في حديث لـ"جسور"، أن "الوضع العام بين إسرائيل وإيران غير مستقر، وهناك حديث عن توحيد الساحات الفلسطينية واللبنانية والسورية، وما زاد الأجواء توتراً هو الحرب المصغرة التي اندلعت في غزة منذ بضعة أسابيع ودامت أياماً قليلة أيام وبعدها ما حدث في جنين والصواريخ التي أُطلقت من لبنان إلى إسرائيل. وإن كنا فعلاً في وارد خلق أجواء تهدئة، لا يجب أن نعطي إسرائيل الذرائع لتعيد سيناريو جنين في لبنان، الذي خسّر الفلسطينيين أرواحاً و100 مليون دولار، كما لسنا مضطرين أن ندفع الثمن الذي دفعناه عام 2006، والحديث عن "توازن الرعب" في غير محله لأننا جميعنا نعلم أن ميزان القوى هو لصالح اسرائيل وليس حزب الله، وحجم الدمار الذي يمكن ان يلحق بلبنان وشعبه"، لافتاً إلى أنه من الممكن أن يتسبب انطلاق صواريخ حزب الله والجهاد الإسلامي وحماس وتلك الموجودة في العراق وسوريا مرة واحدة على إسرائيل بأذية لها ولكن في النهاية لا يمكن ربح الحروب بالصواريخ والتاريخ العسكري شاهد على ذلك".
وقال الحلو: "عام 1930، اختار أهالي قرية الغجر وهم من الطائفة العلوية الكريمة، الهويات السورية عندما تمّ تخييرهم بينها وبين الهويات اللبنانية. وهذه القرية موجودة ضمن الأراضي السورية، واحتلتها إسرائيل تدريجيّاً بعد العام 1967 حيث كانت تعتبر على الخرائط الإسرائيلية انها ضمن الحدود اللبنانية حتى احتلالها بالكامل في الثمانينات. وفي عام 2000، شقّ الخط الأزرق القرية إلى شقين، وتمّ تخيير الأهالي بين حصر تعاملهم بلبنان أو بإسرائيل، ليختاروا حينها الطرف الثاني. أهالي هذه القرية الذين كانوا بالمئات باتوا اليوم بالآلاف، ومصالحهم في إسرائيل ولديهم ضمانات صحية وغيره، وقاموا بتوسيع أراضيهم الزراعية داخل الأراضي اللبنانية. بمعنى آخر، أن التعدي على الأراضي اللبنانية لم يحصل من قبل إسرائيل التي تحتل لبنان منذ سنوات طويلة بل من قبل الأهالي وبات ثلثي القرية داخل لبنان من دون حسيب أو رقيب".
لا حرب
وتابع: "اليوم يصرّ حزب الله على ترك الخيمتين اللتين نصبهما قرب الحدود تحت عنوان ان هذه أراضينا ولدينا حرية التصرّف فيها، وهذا صحيح، لكن أيضا هذه منطقة نزاع مشمولة بقرار دولي، وممكن أن تشعل نزاعا مع إسرائيل لماذا علينا ان نتحمل كل ذلك خصوصاً وان المؤكد أن الهدف من وضع الخيمتين في هذا المكان تحديدًا هو كما قالوا رداً على تسييج قرية الغجر ".
ورأى الحلو أن "استمرار هذه الحالة أو عدمه يتوقف على عوامل عدة، منها مصير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وكيفية عمل إيران على رفع العقوبات أو جزء منها عنها مقابل التهدئة، ومصير النزاع بين إسرائيل وإيران، والحركات الديبلوماسية، ونتائج زيارة موفد الرئيس الأميركي الوسيط في ملف الترسيم البحري آموس هوكشتاين إلى اسرائيل التي فسرها البعض على أنها تهدف لحل أزمة الغجر، وهذا ما أستبعده، إذ أعتقد أنها للتهدئة ورسالة لرسم الحدود".
وأضاف: "لكن هناك 13 نقطة خلاف مع إسرائيل حول الحدود البرية، ولنفترض ان إسرائيل أعطت مزارع شبعا إلى لبنان، هل ستوافق سوريا على ذلك وأصدقاؤها في الحكم اللبناني؟ وهل ممكن رسم الحدود في ظل غياب رئيس الجمهورية وتشكيك البعض بشرعية الحكومة؟".
واستبعد الحلو "اندلاع حرب في المدى المنظور، لأن حزب الله لا يريدها فهو غير قادر أن يعوّض الخسائر التي ستقع ولا يمكنه تحمّل فاتورة الدمار التي ستنتج عن الحرب. إضافة إلى ذلك، قرار الحرب يتخذ في إيران وإسرائيل لا من لبنان، ولا من حارة حريك".
"حدود واضحة"
وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد قال عن موضوع الخيم، في كلمته الأخيرة، إن "نصبها جاء بعدما أنشأ الإسرائيليون السياج في الغجر وليس قبل ذلك كما يُقال"، مضيفًا:" خيمُنا موجودة على أرضٍ لبنانية وواحدة منها موجودة داخل خط الإنسحاب في منطقة مزارع شبعا".
كما أكد أن الإسرائيليين لم يتجرأوا على إتخاذ أي إجراءٍ ضدّ الخيم التي تم نصبها عند الحدود"، مشددًا على أن شباب المقاومة لديهم التوجيه بالتصرف إذا وقع اعتداء إسرائيلي على الخيمة المنصوبة عند الحدود الجنوبية.
وتابع: "حدود لبنان البريّة واضحة لكن توجد هناك نقاط لبنانية يتواجد العدو الإسرائيلي فيها وبالتالي عليه الإنسحاب منها."
والشهر الماضي، قالت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، إن "حزب الله اجتاح أراضي إسرائيل السيادية في قطاع جبل دوف (مزارع شبعا)، وأقام موقعا عسكريا مسلحا (خيمتين تم إزالة إحداهما لاحقا) هناك.
وفي وقت لاحق، دعا حزب الله، الدولة اللبنانية إلى التحرك لمنع تثبيت احتلال إسرائيل للقسم اللبناني من قرية الغجر الحدودية الصغيرة، والتي تحتل إسرائيل جزءا منها منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.
وقال "حزب الله" في بيان إن إسرائيل أنشأت "سياجا شائكا وقامت ببناء جدار إسمنتي حول كامل القرية"، مما أدى إلى "فصلها عن محيطها الطبيعي التاريخي داخل الأراضي اللبنانية وفرضت عليها سلطتها".
واعتبر الحزب أن الإجراءات الإسرائيلية "احتلال كامل للقسم اللبناني من الغجر بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع"، داعيا "الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها والشعب اللبناني إلى التحرك لمنع تثبيت هذا الاحتلال".