الركود يتربص بأسواق السندات العالمية

انظر إلى المؤشر.. إنه ينخفض بسرعة!

واشنطن

ينظر خبراء بكثير من القلق إلى احتمال تعرض أسواق السندات حول العالم إلى موجة ركود اضطرارية خلال الفترة المقبلة بسبب الضبابية التي لا تزال تلف سبل تعافي الاقتصادات جراء الأزمة الراهنة.

وأصبحت الآفاق محفوفة مجددا بعدم اليقين وسط اضطراب القطاع المالي وارتفاع التضخم والآثار المستمرة من الأزمة في شرق أوروبا والجائحة التي امتدت لثلاث سنوات.

وتشهد الإصدارات العالمية للسندات تراجعا كبيرا في ظل خفض الشركات للنفقات الرأسمالية ولجوء البعض من الحكومات إلى التمويل الإسلامي بدل أسواق السندات التقليدية.

وذكرت وكالة ستاندرد آند بورز في تقرير حديث نشرته على منصتها الإلكترونية أن إصدارات السندات عالميا انخفضت بنسبة 17.5 في المئة في النصف الأول من العام الحالي إلى 83.2 مليار دولار، وسط تراجع الإصدارات المحلية.

وكانت إصدارات السندات العالمية قد سجلت حوالي 100.7 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضي.

وثمة مخاوف حقيقية من أن يؤدي الاضطراب في أسواق السندات إلى تعظيم مخاطر انفجار فقاعة الديون العالمية التي قد تفاقم من سوء الأوضاع.

وتتعرض الكثير من الاقتصادات الناشئة والنامية لاحتمالات ارتفاع معدلات الدين العام في ظل صعوبة الاقتراض أو إصدار السندات لتمويل خدمة القروض.

وقالت الوكالة في تقريرها إن “إصدارات السندات المقومة بالعملة الأجنبية ارتفعت بنحو 9 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو من هذا العام، بفضل السعودية وعدد قليل من المُصدرين الجدد”.

في المقابل، انخفض حجم إصدار السندات المقومة بالعملة المحلية سنوياً بنحو 25 في المئة خلال الفترة المذكورة، لانخفاض الإصدار الحكومي في السعودية، والإمارات وتركيا.

ورفعت الوكالة توقعاتها لإجمالي إصدارات الصكوك العالمية إلى 174 مليار دولار في العام الحالي، وهو أعلى من تقديراتها الأولية البالغ 150 مليار دولار، ومقارنة مع 155.8 مليار دولار في عام 2022.

وأوضحت أن “أحجام الإصدارات ما تزال أقل مما كانت عليه في 2021″، مشيرة إلى أن الارتفاع الأخير في إصدار السندات المقومة بالعملات الأجنبية “يُعد سمة بعض أسواق التمويل الإسلامي الأساسية”.

وأشارت إلى أن انخفاض سيولة النظام المصرفي وأسعار النفط في السعودية أدى إلى انخفاض السندات المقومة بالعملة المحلية مقابل نظيرتها بالعملة الأجنبية.

وتعاني الأسواق العالمية حاليا من ارتفاع تكلفة التمويل وسط زيادات قياسية لأسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الهادفة إلى كبح جماح التضخم التي كان أحد العوامل السلبية التي أفرزته الحرب الروسية – الأوكرانية التي اندلعت مطلع العام الماضي.

وتضم قائمة الدول الكبرى الرائدة في صناعة التمويل الإسلامي والتي تعتمد على الصكوك كلا من السعودية والإمارات وقطر والكويت وعُمان والبحرين وتركيا وماليزيا وإندونيسيا وباكستان.

ومطلع الشهر الجاري أكد الخبير الاقتصادي تشارلي بيليلو أن سوق السندات الأميركية تشهد أكبر سلسلة تراجع في تاريخها، والذي بدأ منذ أغسطس 2020.

وكتب كبير محللي السوق لدى كرياتيف بلانينغ في تغريدة على حسابه في تويتر يقول إن سوق السندات الأميركية تشهد تراجعاً منذ 35 شهرا هذه أطول سلسلة تراجع في تاريخ السندات الأميركية.

وتشير تنبؤات السيناريو الأساسي الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي إلى هبوط النمو من 3.4 في المئة خلال العام الماضي إلى 2.8 في المئة في 2023، قبل أن يستقر عند ثلاثة في المئة خلال العام المقبل.

ومن المرجح أن تشهد الاقتصادات المتقدمة تباطؤا ملحوظا بصفة خاصة في النمو، من 2.7 في المئة خلال 2022 إلى 1.3 في المئة هذا العام.

وفي سيناريو بديل معقول من زيادة الضغوط في القطاع المالي، يتراجع نمو الناتج الإجمالي العالمي إلى نحو 2.5 في المئة في 2023 مع هبوط النمو في الاقتصادات المتقدمة إلى أقل من واحد في المئة.

ويتوقع السيناريو الأساسي انخفاض التضخم الكلي العالمي من 8.7 في المئة العام الماضي إلى سبعة في المئة هذا العام على خلفية انخفاض أسعار السلع الأولية غير أن وتيرة تراجع التضخم الأساسي من المرجح أن تكون أبطأ.

ولا يرجح خبراء صندوق النقد عودة التضخم إلى مستواه المستهدف قبل عام 2025 في معظم الحالات.

ويكتسب سعر الفائدة الطبيعي أهمية لكل من السياسة النقدية وسياسة المالية العامة نظرا لدوره كمستوى مرجعي يقُاس على أساسه موقف السياسة النقدية وكعنصر أساسي في تحديد مدى استدامة القدرة على تحمل الدين العام.