قرى أوكرانيا "المنسية"..

مهددة بالاختفاء لغياب الخدمات ومحاصرة الألغام ما تبقى من سكان

"أرشيفية"

موسكو

حرر الجيش الأوكراني على مدار الأشهر الأخيرة عددا من المناطق شرقي البلاد، ورغم مغادرة القوات الروسية، فإن هناك قرى أوكرانية كانت على خط المواجهة ما زالت تعاني حتى الآن في ظل انتشار الألغام ونزوح أغلب السكان، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

وتناولت "نيويورك تايمز" ثلاثة من هذه القرى "المنسية" شرقي أوكرانيا التي باتت مهددة بالاختفاء، حيث أكد سكان أنهم يعيشون وسط الدمار وانعدام سبل الحياة الأساسية.

وتواجه قرى سوليفكا وفيرنوبيليا وكاميانكا، التي تقع في مدينة إيزيوم التابعة لمقاطعة خاركيف، خطر الضياع وليس بسبب معارك دائرة فيها أو استهدافها بالقذائف الروسية، بل بسبب الألغام ونمو الأعشاب البرية في قرى كانت مهمة في الزراعة شرقي أوكرانيا.

كان فيكتور كاليبردا (62 عامًا) وأناتولي سولوفي (52 عامًا)، مجرد معارف قبل الغزو الروسي، ومع اندلاع المواجهات صارت قريتهم جزءًا من المعارك ومر بها مئات المرات القوات بواسطة الجنود، وكان هذا هو الوضع قبل 80 عامًا حينما مر جيش الزعيم النازي هتلر بالقرية وهو في طريقه نحو موسكو.

ودمرت القرية خلال الاحتلال الروسي العام الماضي، وبينها منزلا الرجلين كاليبردا وسولوفي.

وحررت القوات الأوكرانية القرية في سبتمبر الماضي، ضمن جهود استعادة مدينة إيزيوم التي زارها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بعد تحريرها باعتبارها مدينة ذات أهمية استراتيجية في منطقة خاركيف.

وعاد الرجلان إلى القرية بعد تحريرها، لكن لا يقيم فيها حاليا بشكل دائم سواهما، حيث لا توجد كهرباء أو غاز، وقال كاليبردا: "اعتدت البقاء حيا بالاعتماد على نفسي.. نحتاج كل شيء هنا، لأنه لم يتبق أي شيء".

ويعيش الثنائي على الطعام الذي يصلهم من متطوعين، ويسعى سولوفي لإعادة زراعة أرضه بالقمح والذرة مجددا، بعدما أزال منها الألغام بنفسه.

وفي القرية المجاورة، فيرنوبيليا، تعيش نينا زاغريبلينا (67 عاما)، وكانت مسؤولة عن إدارة القرية منذ التسعينيات، ويعيش حاليا نحو 120 شخصا فقط في فيرنوبيليا بعدما كان بها 654 شخصا.

على العكس من القرية المجاورة التي تبعد 5 أميال فقط، لم تحاول القوات الروسية أبدا احتلال فيرنوبيليا، لكنها دمرت بفعل القصف كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، بحسب الصحيفة.

ولا توجد كهرباء في القرية، ويتسبب انتشار الألغام بجوار خطوط الكهرباء في إبطاء عودتها، كما لا تصل مساعدات إنسانية بالشكل الكافي إلى القرية ولا توجد مواد بناء إلا بصورة قليلة.

القرية الثالثة، كاميانكا، لم يبق من سكانها إلا القليل خلال الاحتلال الروسي لها، وأحد هؤلاء يحمل اسم "فاسيل".

وذكرت نيويورك تايمز، أن فاسيل فقد ساقه إثر انفجار لغم بعد مغادرة القوات الروسية للقرية، لكن هذا لم يمنع اتهامه بالخيانة.

وقالت سفيتلانا سبورنياك (60 عامًا)، عن فاسيل إنه كان مقربا من الروس وحاليًا "يتحرك في كل مكان ولن يحاكمه أحد.. لقد كان يعيش معهم".

ودمر منزل سبورنياك بفعل المعارك، واحتل الروس القرية لنحو 6 أشهر وعدد سكانها كان يزيد على ألف شخص، ولكن حاليًا هناك نحو 80 شخصا فقط يعيشون بدون كهرباء ووسط الألغام الأرضية، ويعتقدون أن الحكومة الأوكرانية نسيتهم.

وتخوض أوكرانيا حاليا هجوما مضادا بهدف استعادة الأراضي التي احتلها روسيا، وذلك بعد مرور أكثر من 500 يوم على اندلاع الحرب.

ومؤخرا تسلمت من الولايات المتحدة قنابل عنقودية، وتعهدت باستخدامها فقط لتفريق تجمعات الجنود الروس وضد أهداف عسكرية.

وأكد المتحدث باسم منطقة تافريا العسكرية بجنوب أوكرانيا، فاليري شيرشين، الخميس، أن الذخائر وصلت بعد أسبوع من إعلان الولايات المتحدة عزمها إرسالها في إطار حزمة مساعدات أمنية قيمتها 800 مليون دولار.

ويقول مسؤولون أوكرانيون إن نشر الذخائر العنقودية له ما يبرره في ضوء زرع روسيا ألغاما في مساحات شاسعة من الأراضي التي استولت عليها.

وركزت كييف على استرداد مجموعات من القرى في الجنوب الشرقي واستعادة المناطق المحيطة بمدينة باخموت شرق البلاد، التي استولت عليها القوات الروسية في مايو الماضي، بعد قتال استمر أشهراً.