وكالات..

نائب لبناني سابق ينتفض لكرامة طائفته ويحمّل ميقاتي مسؤولية شخصية

"أرشيفية"

لبنان

ثمانية أشهر من الشغور الرئاسي اللبناني كانت كفيلة بتفشي آفة "فراغ المواقع" لتشمل مناصب رئيسية في البلاد، من حاكمية مصرف لبنان إلى رئاسة قوى الأمن الداخلي إلى تعيينات قضائية وغيرها...

وفي تطور لافت برز على الساحة اللبنانية، تمثّل في "صراع صلاحيات" واضح بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، ووزير الداخلية، بسام المولوي، على أثر قرارات اتخذها الأول من دون تنسيق مع وزير الداخلية، ألحق بموجبها "شعبة المعلومات" بمديرية "قوى الأمن الداخلي"، أي بشخصه، كما أجرى تعيينات بالتكليف شملت رئاسة الأركان.

خلاف، يقول النائب السابق هادي حبيش لـ"جسور" إنه انسحب، من أزمة فراغٍ في سُدّة الرئاسة "المارونية" للجمهورية، ليمتدّ ويستفرد بسُدّة رئاسة الروم أرثوذكس لقوى الأمن الداخلي في جمود التعيينات ومع اقتراب انتهاء ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي مطلع العام 2024.

ومن باب البحث عن "الشخصية الأنسب" للحلول مكان اللواء عثمان، وبعد تنحّي رئيس الوزراء السابق سعد الحريري عن المحاصصة السياسية للمواقع كما عهدها الشعب. يطلّ، خلفه الرئيس ميقاتي "سانًا أسنانه" لتعيين شخصٍ "من حصّته" كبديل. الأمر الذي، دعا حبيش لتحميله مسؤولية شخصية في ملعب "كباش مولوي-عثمان".

خلاف المولوي - عثمان

"من يرث حصة الحريري؟"... سؤال مصيري ذو أوجه عدة، منها ما هو "إقصائي بامتياز" ومنها ما يندرج تحت معارك نفوذ طاحنة.

وهذا ما يفسّر القرارات المتخذة من ناحية عثمان، فمن جهة كلف العميد جهاد أبو مراد برئاسة الأركان خلفا للعميد نعيم شمّاس، المُحال إلى التقاعد منذ أشهر، ومن جهة أخرى أبعد رئيس شعبة المعلومات، العميد خالد حمود، الأعلى رتبة من أبو مراد، عن تبعيته لوحدة هيئة الأركان، ما يترجم تقليلا لحظوظه في تولي رئاسة الأركان ومن بعدها المديرية العامة للأمن الداخلي.

هذه الإجراءات قوبلت بتدخل حاسم من ناحية وزير الداخلية، الذي أصدر قرارا ألغى بموجبه البرقية الصادرة عن عثمان بربط شعبة المعلومات بالمديرية العامة لقوى الأمن، والتي كان قد بررها عثمان "بضرورات الخدمة" والظروف "الاستثنائية".

ووجّه المولوي كتابا إلى عثمان للتراجع عن مخالفته القانونية للتنظيم الداخلي لقوى الأمن، وطلب منه الرجوع فورا عن قراره، والعودة فورا عن التدابير المتخذة وإعادة وصل المعلومات بهيئة الأركان.

وأشار المولوي إلى أن "هذا الموضوع لا علاقة له بشخص معين، إنما هو موضوع قانوني"، وقال: "إن قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي يؤكد خضوع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ومديرها العام لسلطة وزير الداخلية وفق المادة 2 و10".

وأكد أن "تعديل التنظيم العضوي لقوى الأمن الداخلي كي يتم بحاجة إلى مرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية، وبعد استطلاع رأي مجلس القيادة واستشارة مجلس شورى الدولة"، وقال: "هذه الشروط الخمسة يجب أن تتأمن لتعديل التنظيم العضوي داخل المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي".

معركة خلافة اللواء

في السياق يرى مصدر متابع في تصريح لـ "جسور" أنّ الخلافات القائمة بين اللواء عثمان والوزير المولوي، يبدو أنها تمهيد لفتح معركة خلافة اللواء عثمان في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مع اقتراب خروجه إلى التقاعد في مطلع العام 2024، حيث يطمح العميد حمود الى خلافة عثمان بالوكالة بعد إحالة الأخير للتقاعد في مايو/ أيار من العام المقبل إلى حين تعيينه بالأصالة من موقعه رئيساً للأركان بالوكالة، لكن ثمّة برقية خدمة داخلية صادرة أيام المدير العامّ الأسبق اللواء أشرف ريفي عام 2006 تفيد بأنّ من يتسلّم منصب المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي بالوكالة هو الضابط الأعلى من قادة الوحدات المعيَّن بمرسوم.

لكن ومع إقتراب موعد إحالة قائد الدرك العميد مروان سليلاتي وقائد وحدة الإدارة المركزية العميد حسين خشفة إلى التقاعد فإنّ من يتسلّم مهامّ المدير العام بالوكالة هو قائد جهاز أمن السفارات العميد موسى كرنيب (شيعي) لأنّه الأعلى رتبةً، وفي هذه الحال قد تنشأ أزمة تراتبية صداميّة، إذ إنّ رئيس شعبة المعلومات العميد حمود يسبق كرنيب بالأقدمية، ولن يقبل الإمرة من ضابط أقلّ منه بالتراتبية، ما يطرح السؤال حول إمكان وضعه بتصرّف وزير الداخلية بقرار من الأخير.

وما يدور من حوادث وما ينفّذ من مخططات على الساحة المحلية اليوم بالتزامن مع حملات اعلامية موجهة ضد القادة العسكريين والامنيين، ليس سوى الجزء ما قبل الاخير من مسلسل وضع اليد على الدولة اللبنانية، يختم المصدر.

استهداف للمواقع المسيحية

هذا الواقع السياسي فرض قلقا عاما في لبنان من احتمالية إفراغ مؤسسات الدولة وأجهزتها من موظفيها، ولاسيما موظفي الفئة الأولى، أي المسؤولين الأمنيين والمدراء العامين فضلا عن حاكمية مصرف لبنان والقيادة العسكرية والأجهزة القضائية، مع ما قد يحمله ذلك من تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية.

وعن هذا الشأن قال النائب هادي حبيش لـ"جسور": "نحن لا يعنينا الخلاف بين وزير الداخلية بسام المولوي، واللواء عماد عثمان، الذي يسعى لإبقاء هذا المركز لطائفة الروم الأرثوذكس، كما لا تهمنا لعبة الأسماء ولا نريد العبث في التركيبة اللبنانية لكون البلد حساس جداً."

وأوضح حبيش في اتصال مع "جسور" أنّ طائفة الروم الأرثوذكس ليست متروكة وهي ليست مكسر عصا، وكل ما نسعى إليه هو تعبئة الفراغ بالشخص المناسب في أقرب وقت ممكن لأن هذه الطائفة لا يمكنها أن تنتظر في ظل هذا الخلاف.

ودعا النائب زعماء لبنان إلى تطبيق اتفاق الطائف والعمل على إلغاء الطائفية السياسية، قائلا: "لا زلنا نعيش في ظل نظام طائفي، في وقت يجب الذهاب نحو دولة علمانية وبالتالي إلغاء الطائفية السياسية."

وبيّن حبيش لـ "جسور" أن هناك استهداف طائفي واضح لطائفة الروم الأرثوذكس كما للموارنة، مؤكدا أنّ جميع المواقع المسيحية في لبنان مستهدفة، والمسؤولة عن هذا الإستهداف هي حكومة نجيب ميقاتي كونها فاقدة للشرعية وفاقدة أيضا للسلطة.

وحمّل حبيش مسؤولية ما يحصل لنجيب ميقاتي لا للوزير المولوي ولا للواء عثمان.