مسؤولة أممية: الغارات الروسية على موانئ أوكرانيا "ضربة للأمن الغذائي العالمي"

"أرشيفية"

بروكسل

قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو، إن قصف روسيا الموانئ الأوكرانية على طول البحر الأسود قد يكون له آثار بعيدة المدى على الأمن الغذائي العالمي. 

وأدانت روز ماري ديكارلو بشدة خلال حديثها في مجلس الأمن، الجمعة، الغارات الجوية التي وقعت هذا الأسبوع على موانئ أوديسا وتشورنومورسك وميكولايف، والتي دمرت البنية التحتية الحيوية وقتلت وأصابت مدنيين، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وجاءت هذه الهجمات في أعقاب قرار روسيا يوم الاثنين بالانسحاب من مبادرة حبوب البحر الأسود -التي توسطت فيها الأمم المتحدة- والتي سهلت شحن الحبوب والمواد الغذائية الأوكرانية إلى الأسواق الدولية، في وقت تتصاعد فيه أسعار الغذاء العالمية وتزايد الجوع.

وقالت ديكارلو، إن هذه الأحداث ليست سوى أحدث التطورات في حرب روسيا العبثية ضد جارتها، والتي لها عواقب يمكن الشعور بها في جميع أنحاء العالم.

روسيا تسحب ضمانات السلامة

وحذرت من أن "إنهاء روسيا مشاركتها في مبادرة البحر الأسود، إلى جانب قصفها موانئ مهمة، سيزيد من تفاقم الأزمة".

وبإنهاء الاتفاق، تكون موسكو قد سحبت أيضا الضمانات الأمنية للسفن المبحرة في الجزء الشمالي الغربي من البحر الأسود.

وقالت ديكارلو إن أسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم منذ انهيار الاتفاق، ما فاقم من الأزمات في مجالات الزراعة والطاقة والأزمات المالية التي تؤثر بالفعل على الأشخاص الأكثر ضعفا في العالم.

موت ودمار

وأضافت ديكارلو: "لقد شهدنا الآن ضربة أخرى للأمن الغذائي العالمي، حيث شنت روسيا -لليوم الرابع على التوالي- غارات على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود في أوديسا وتشورنومورسك وميكولايف بالصواريخ والطائرات بدون طيار، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية الحيوية للموانئ والمرافق وإمدادات الحبوب".

وذكرت أن الغارات الجوية أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين، وأفادت تقارير بمقتل شخص واحد في أوديسا يوم الخميس، وإصابة ثمانية على الأقل، بينما قُتل شخصان وأصيب 19 آخرون في ميكولايف.

وأدانت ديكارلو بشدة هذه الهجمات وحثت روسيا على وقفها فورا، مشيرة إلى أن مثل هذه الحوادث قد تشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.

ومضت قائلة: "تخاطر الموجة الجديدة من الهجمات على الموانئ الأوكرانية بترك آثار بعيدة المدى على الأمن الغذائي العالمي، ولا سيما في البلدان النامية".

تهديد الألغام البحرية

كما أعربت ديكارلو عن قلقها إزاء التقارير التي تتحدث عن زرع ألغام بحرية في مياه البحر الأسود، الأمر الذي من شأنه أن يعرض السفن المدنية للخطر. 

وحثت على ضبط النفس بشأن أي خطاب أو عمل آخر من شأنه أن يؤدي إلى تدهور الوضع الخطير بالفعل.

وشددت على ضرورة تجنب حدوث أي نزاع نتيجة لحادث عسكري في البحر الأسود -سواء كان متعمدا أو عرضا- بأي ثمن، "لأن ذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة محتملة علينا جميعا".

الأمم المتحدة تواصل المشاركة

وأكدت ديكارلو التزام الأمم المتحدة بضمان استمرار وصول المواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا إلى الأسواق العالمية.

وقد كرر هذه الرسالة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس، الذي أشار إلى أن 362 مليون شخص في 69 دولة يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. 

وقال إن انسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود كان "مخيبا جدا للآمال" بينما كانت الغارات الجوية على الموانئ مثيرة للقلق.

قلق بشأن مزارعي أوكرانيا

وقال غريفيثس لأعضاء مجلس الأمن إن المزارعين في أوكرانيا "ينظرون إلى هذا الهجوم بقلق شديد وهم يحصدون الآن المحاصيل التي تمت زراعتها في خضم الحرب".

وأفاد غريفيثس بارتفاع أسعار الحبوب العالمية خلال هذا الأسبوع، مستشهدا بمعلومات من برنامج الأغذية العالمي. 

يوم الأربعاء، ارتفعت العقود الآجلة للقمح والذرة بنحو تسعة في المئة و8 في المئة على التوالي، وستشعر الأسر في البلدان النامية المعرضة للخطر بالفعل بارتفاع الأسعار.

وحذر المسؤول الأممي كذلك من أن "الخطاب التصعيدي" يهدد أيضا بتقويض النقل الآمن للأغذية عبر البحر الأسود، مشيرا إلى أنه بدون الوصول إلى الموانئ أو الأسواق العالمية، لن يكون أمام المزارعين خيار سوى التوقف عن الزراعة.

بالإضافة إلى التأثيرات العالمية، سيكون لهذا الأمر تأثير فوري على أسعار المواد الغذائية المحلية وعلى الاستقرار الاقتصادي لأوكرانيا، وهذا بدوره سيؤثر على الأمن الغذائي داخل أوكرانيا وفي المنطقة.

 الأزمة الروسية الأوكرانية

اكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير 2022، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوغانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لاقت غضبًا كبيرًا من كييف والدول الغربية.

وبدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير 2022، شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، وسط تحذيرات دولية من اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش الأجواء الأكثر سوادًا منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها الأقسى على الإطلاق.

عقوبات اقتصادية     

وقتل آلاف الجنود والمدنيين وشرد الملايين من الجانب الأوكراني، وفرضت دول عدة عقوبات اقتصادية كبيرة على موسكو طالت قيادتها وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، وكذلك وزير الخارجية سيرجي لافروف، كما ردت روسيا بفرض عقوبات شخصية على عددٍ من القيادات الأمريكية على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وصوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من مارس الماضي، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.     

ومنذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير، سُجّل أكثر من 8 مليون لاجئ أوكراني في أنحاء أوروبا، بينما نزح قرابة سبعة ملايين ضمن البلاد، وفق تقديرات الأمم المتحدة.