"فاغنر" وصلت موسكو بخمسة أيام فقط.. من التسريب الى حملة التطهير العسكري!

"أرشيفية"
تصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قائد فاغنر يفغيني بريغوجين وقادة الشركات العسكرية الخاصة في 29 حزيران/يونيو 2023 بعد أن سُربت معلومات عن اجتماع حصل في الكرملين ولم يُعرف عنه إلا في 10 تموز/يوليو 2023 حيث تناولت وسائل الإعلام الروسية الخبر بأن بوتين التقى في التاسع والعشرين من الشهر السادس الماضي بقادة فاغنر ويفغيني بريغوجين في الكرملين.
وبحسب الناطق الإعلامي الرسمي للكرملين دميتري بيسكوف يمكن للمرء أن يفهم أن نوعًا من المصالحة قد حدثت حيث أفادت وسائل الإعلام الأجنبية بالنجاح النهائي لحملة فاغنر التي انطلقت في 24 حزيران/يونيو والتي وصلت مع ذلك إلى موسكو في غضون خمسة أيام فقط وكان قد أكد السكرتير الصحفي الرئاسي ديمتري بيسكوف المعلومات وقدم عددًا من التفاصيل لكن لم يكن هناك إعلان عن خطاب بوتين التوضيحي لمواطني الاتحاد الروسي.
تسريب اللقاء في الاعلام
تسريب هذا اللقاء بين فاغنر وبوتين هو من الكرملين نفسه يحمل رسالة للداخل أولاً أن الإشكال الذي حصل بين المجموعة والدولة قد انتهى ورسالة للخارج أن روسيا قادرة على حل مشاكلها الداخلية بنفسها وأن الجميع في روسيا يقفون بوجه الخطر الخارجي المتمثل بالدعم "لحزب في الحرب الأوكراني،بحسب التعريف الروسي".
بوتين يحاول امتصاص غضب الشركة العسكرية والاستفادة من أعضائها ومن مموليها للاستفادة الداخلية في الحرب من المجموعة وتوظيفها في جبهات القتال الدائرة والتهديد بفتح جبهات أخرى أما في الخارج أبقى أعمال المنظمة غامضة للاستفادة من الهوامش التي وصلت إليه في تحقيق مصالح روسيا وطموحاتها والاستفادة من ثروتها المالية الهائلة.
لذلك كان الاجتماع ضرورياً لبوتين مع قادة المنظمة العسكرية وحل الخلاف الحاصل وبالتالي تقديم تنازلات ربما إقالة الجنرال فاليري غراسيموف من قيادة عمليات أوكرانيا وإبقائه حتى اللحظة رئيس أركان هو تحقيق لمطالب بريغوجين، لتعلن لاحقا عن كل التنازلات التي قدمها بوتين لاحتواء الأزمة والتي قد تؤدي لتغيير وزاري وإقالة جنرالات من مناصبهم تدريجيًا، كي لا تحدث بلبة داخلية من خلال الانصياع لمطالب التمرد.
وبالمناسبة هناك جنرالات لا يزال مصيرهم مجهولا وخاصة الذين كانت تربطهم بـ "فاغنر" علاقات وطيدة. فهل أُبعدوا عن المشهد السياسي أو تتم تهيئتهم إلى دور قادم في الجيش .
ربما يكون من الجيد أن تكون الدولة قد تجاوزت خطر الاستقرار الداخلي. لكن من السيئ أن تكون هناك تساؤلات حول وجودها فعلى سبيل المثال، كيف ننظر الآن إلى نداءات بوتين بشأن التمرد، والهجمات الإعلامية على بريغوجين وحملة إدانته العلنية لكن بعد فوات الأوان، تم توضيح التناقضات بين الدعاية والواقع.
نص البيان الرسمي
النص الكامل نسبيًا للبيان هو كما يلي: "في الواقع عقد الرئيس مثل هذا الاجتماع دعا خمسة وثلاثون شخصًا إليها جميع قادة الفرق وإدارة الشركة بما في ذلك بريغوجين نفسه عُقد هذا الاجتماع في الكرملين في 29 حزيران / يونيو 2023 استمر ما يقرب من ثلاث ساعات الشيء الوحيد الذي يمكننا قوله هو إن الرئيس قدم تقييمًا لأعمال الشركة العسكرية كما قدم تقييمه لأحداث 24 حزيران /يونيو 2023 .
واستمع بوتين إلى تفسيرات القادة وعرض عليهم المزيد من الخيارات للتوظيف وأكدوا أنهم من أشد المؤيدين والجنود لرئيس الدولة والقائد الأعلى وقالوا أيضًا إنهم مستعدون لمواصلة القتال من أجل الوطن الأم ".
لاحظ بعض المعلقين أنه في هذه التفسيرات محاولة، على ما يبدو ، لعدم الشرح بأي شكل من الأشكال عن حديث بوتين في يومي 24 و 26 مع المواطنين حول التمرد المسلح ووصف المنظم الرئيسي بالخائن وربما لتجنب الإجابة على السؤال لماذا في مناشدته للقوات الموالية توقف هذا التمرد حسب قوله، في 27 حزيرت/ يونيو 2023، وقد أوضح أن الوضع في الدولة كان بالفعل في الطليعة واتضح أنه بعد يومين عقد اجتماعا مع هؤلاء المتمردين الخطرين جدا في غضون ذلك لا يمكن تنظيم مثل هذه الأحداث في مقر إقامة رئيس البلاد في غضون ساعة أو ساعتين.
تأكيد كلام المسؤولين بخيانة فاغنر
نظرًا لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتراف بنظرية المؤامرة حول وجود العديد من الرؤساء المختلفين باعتبارها موثوقة وحتى أكثر من ذلك حول نشاطهم المستقل، يتعين استخلاص استنتاجات أخرى أكثر حزنًا ويمكن الوقوف أمام تصريح أمين مجلس الأمن القومي لروسيا نيكولاي باتروشيف في 6 \تموز / يوليو الحالي أن "الأحداث في 23-24 حزيران /يونيو الماضي، حدثت بسبب الطموح لتصرفات قيادة فاغنر وفي الواقع الغادرة، فكانت البلاد في الواقع على وشك الانجرار إلى صراع أهلي ".
لقد قال هذه الكلمات ليس في مقابلة صحافية مما قد يجعلها غير ذات صلة ولكن في اجتماع في كراسنودار حول أمن المنطقة الفيدرالية الجنوبية.
بالمناسبة في 4 تموز/يوليو الحالي، استخدم نائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي دميتري ميدفيديف مصطلح "تمرد مسلح"، في اجتماع مشترك بين الإدارات حول تطوير خدمة العقود في القوات المسلحة لجمهورية روسيا الاتحادية.
وأشار بيسكوف نفسه الى أنه تلقى طلبًا للتعليق على الحديث عن رحلات بريغوجين النشطة في جميع أنحاء البلاد، إلى أن الكرملين لم يكن لديه فرصة والأهم من ذلك لم يكن لديه رغبة في تتبع تحركات هذا الرجل المحترم لكن هل يمكن أن يكون كبار المسؤولين المقربين من بوتين غير مدركين لمثل هذا الحدث السياسي المهم؟ البعض منهم على ما يبدو كان بإمكانه ولكن بالتأكيد ليس سكرتير مجلس الأمن.
فإذا لم يكن هذا انعكاسًا علنيًا للتناقضات لما وراء الكواليس للمجموعات داخل السلطة، فستظهر عندئذٍ نسخ متشائمة تمامًا لما يحدث لكن من حيث المبدأ بالطبع من الجيد أن الرئيس عقد السلام مع مجموعة منظمة من أبطال العملية الخاصة وقائدهم مما يعني أن التهديد للحفاظ على استقرار البلاد قد ولى في الوقت الحاضر.
تطهير الجيش الروسي
أما الجانب الإيجابي، التأكيد الرسمي للتسريب من الصحافة الغربية ولن تكون هناك توضيحات حول من قام بتنظيمه وهناك أيضًا حقيقة أن عددًا من المواقف قد أصبحت واضحة في الحال وهذا أيضا من سخافة خط المعلومات للقنوات التلفزيونية الفيدرالية, التي كشفت بريغوجين كما لو كانت تروج له بالفعل والتناقض الواضح بين الدعاية والواقع في سياق أفعال فاغنر نفسه والتي بقيت في روسيا، وصاحبها الذي أعاد على الفور كل ما تم الاستيلاء عليه خلال عمليات البحث العديدة لكن بعد فوات الأوان.
وفي ما يتعلق بمكتبة سانت بطرسبرغ والتي تعمل كمنصة لاجتماعات المواطنين مع أصنامهم فالنقطة الأكثر ترجيحًا هي أن زعيم "Angry Patriots Club" إيغور ستريلكوف قرر التحدث هناك وبالتحديد عن الوضع حول التمرد وبريغوجين نفسه، الذي كان قد أطلق عليه بالفعل "الشياطين الممسوسة".
فهل استطاع بريغوجين إطلاق استراتيجيته التي تساعد بوتين من التخلص من بعض الجنرالات العسكرية التي تعتبر غير موالية له بسبب هذه المسرحية التي نفذتها مجموعات فاغنر الجيش السري لبوتين الى جانب بعض الوحدات العسكرية في الجيش التي سهلت لهم الطريق.
وخاصة أن وول ستريت جورنال التي تشير الى أن الجنرال سوروفيكين في الحجز الى جانب ثلاثين عسكرياً اعتقلوا ووفقا للناشر لقد تم اعتقال العديد من كبار الضباط العسكريين الروس بعد ساعات قليلة من تمرد فاغنر ووفقًا لـ وول ستريت فإن سوروفيكين كان يخطط الى جانب بريغوجين ولكنه لم يشاركه التنفيذ وهناك معلومات تشير الى احتجاز ثلاثة عشر ضابطًا قد تم فصلهم أو عزلهم من الخدمة وبالطبع المعلومات تشير الى عملية الاحتجاز ضرورية لتطهير صفوف القادة الذين لم يعد موثوق بهم.