أحداث "عين الحلوة" تفجّر المخططات المشبوهة .. من يريد إلغاء من؟

"أرشيفية"

القاهرة

فيما يقف المشهد الداخلي في لبنان أمام محطات مفصلية أبرزها انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الحاكم الأطول ولاية في تاريخ لبنان، من المصرف المركزي، خطفت أحداث مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، الاهتمام نظرا لتوقيتها الذي طرح الكثير من علامات الإستفهام، ويبدو أن لملمة المخيمات والتخلّص من بقاياها وسلاحها المتفلّت عبر موقف موحّد للفصائل قد اتُخذ.
 
فهل ما يشهده المخيم يُعدّ ترجمة أولية لزيارة رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج لبيروت الأسبوع الماضي؟ وهل سيكون اغتيال القائد العسكري في فتح اللواء أبو أشرف العرموشي سبباً إضافياً ومباشراً لحسم عسكري آتٍ على المخيم، تجاه الإسلاميين، وتحديداً المجموعات التي تحتمي ببعض أحيائه، وتحظى بغطاء من بعض القوى الاسلامية الفلسطينية؟
 
كشفت مصادر ميدانية فلسطينية لـ "جسور" أنّ حدّة الإشتباكات القائمة في مخيم عين الحلوة تصاعدت بشكل كبير فجر الإثنين لتشمل أحياء جديدة ضمن المنطقة مثل حطيّن والرأس الأحمر وذكرت المصادر أنّ حركة فتح استهدفت عددا من عناصر جماعة "جند الشام" في حي الطوارئ وذلك من خلال قصف بالقذائف وإطلاق النار الكثيف. وتفيد معلومات "جسور" بأن هناك تحضيرات كبيرة من الجيش اللبناني وفوج المغاوير والمدفعية والاستطلاع وقوة مكافحة الارهاب لدخول حي الطوارئ بعد موافقة القوى السياسية في الجنوب.
 
"اللعب بأمن المخيمات"
 
وفي هذا الإطار، رأى الصحافي ابراهيم ريحان، أنّ قرار الحسم العسكري يحتاج إلى ظروف سياسية وقرار واسع لبناني - فلسطيني، وحتى الساعة لا مؤشرات بهذا الاتجاه، خصوصا أن البيان المنسوب لحركة فتح في هذا الإطار كان مزوراً. ويوضح ريحان في اتصال مع "جسور" أنّ موضوع الجماعات الإسلامية في عين الحلوة دقيق وحساس، إذ تنتشر هذه المجموعات في أحياء عدة، وتتمتع بخبرات قتالية واسعة، عدا عن السلاح الذي كدسته على مدى سنوات.
 
وفي خصوص ما يشهده مخيم عين الحلوة ينبغي التوقف وفق ريحان عند نقطتين بالغتي الأهمية:
 
الأولى: زيارة قائد الاستخبارات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج إلى بيروت الاسبوع الماضي، ولقاءاته مع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتشير المعلومات إلى أن فرج أبلغ في زيارته أنّ أي فلسطيني يقوم بعمل عسكري على الحدود الجنوبية تتحمل مسؤوليته الدولة اللبنانية، كما طلب من الدولة اللبنانية أن تمنع نقل أي سلاح وتمويل وخبرات من لبنان إلى الضفة الغربية، حيث يتنامى نفوذ حركتي حماس والجهاد الاسلامي.
 
الثانية: الخلاف بين منظمة التحرير الفلسطينيّة والسفارة من جهة مع لجنة الحوار اللبناني -الفلسطيني باسل الحسن حول آلية التعاطي مع ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا ما تراه منظمة التحرير، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، اعتداء على مرجعيتها بتمثيل الشعب.
 
ويقول ريحان لا ينبغي إغفال هذه العوامل للاستنتاج أن هناك جهات تسعى لضرب تمثيل منظمة التحرير واللعب بأمن المخيمات في هذا التوقيت الحساس، الذي يشهد انقساماً لبنانياً في مسألة رئاسة الجمهورية وفلسطينياً في مسألة تمثيل الشعب والأونروا وغيرها من الملفات الخلافية.
 
سعد يحذّر!
 
من جهته، حذّر الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، في حديث لـ "جسور" من المخططات المشبوهة التي تستهدف المخيم، معتبرا أنّ العدو الاسرائيلي متربص لنا، وله مصلحة بتفجير الأوضاع. كما حذّر من امتداد الوضع الى خارج المخيم ومناطق أخرى في حال لم تتم معالجة الموضوع بشكل صحيح وسريع.
ولفت سعد الى حالة التفلت والسلاح خارج المخيمات محملا المسؤولية للدولة اللبنانية للاهتمام بالأمن خارج المخيمات.
وكان سعد قد أجرى العديد من الاتصالات التي تهدف الى معالجة الأوضاع في المخيم. فتح: "ذاهبون إلى التهدئة"
 
مخاوف من "سلاح المخيمات"
 
ومع اشتداد حدّة المعارك المعركة في حي الطوارئ داخل مخيم عين الحلوة، وعمّا إذا كان ما يجري له خلفيات وحسابات أبعد من حدود المخيم وحتى لبنان، يرى الأستاذ في القانون الدولي المحامي أمين بشير أنّ الأحداث التي يشهدها المخيم، تتشابه كثيراً مع أحداث سابقة خلال فترة وجود تنظيم داعش الإرهابي وعناصر متشددة.
 
ويقول بشير لـ "جسور" إن "مخيم عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين في لبنان، يوفر مكاناً لاختباء للمتطرفين والفارين من القانون بسبب الاكتظاظ السكاني الكبير، وبالتالي تتجدد حالة التوتر عند محاولات الفصائل الفلسطينية المسؤولة عن أمن المخيم ملاحقة هذه العناصر للحد من حركتها".
 
ولفت بشير إلى أن "اغتيال العميد في حركة فتح أبو أشرف العرموشي في المخيم، جاء بسبب محاولاته ملاحقة عناصر متطرفة"، معتبرا أنّ "موضوع انتشار السلاح في المخيم مسألة متشابكة لأسباب أمنية داخل المخيمات". وأكد أنّ "هذا الملف يجر أسلحة غير شرعية للتنظيمات الإرهابية ويخلق حالة توتر وقلق متجددة".
 
أمر شائع
 
والاشتباكات بين مجموعات متنافسة أمر شائع في مخيم عين الحلوة الذي يؤوي أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني انضم إليهم في السنوات الأخيرة آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا.
وبموجب اتفاق ضمني يعود إلى سنوات طويلة لا يدخل الجيش اللبناني المخيمات الفلسطينية تاركا مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها.
ويعدّ مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويحتمي متطرفون وفارون من العدالة فيه.
يشار إلى أن أكثر من 450 ألف فلسطيني مسجلون لدى الأونروا في لبنان، ويعيش معظمهم في 12 مخيما رسميا للاجئين، غالبا في ظروف بائسة ويواجهون قيودا قانونية.