وكالات..
صفقة أميركيّة - سعودية ستغير وجه الشرق الأوسط
أرسل الرئيس الأميركي بايدن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان وبريت ماكغورك المسؤول الكبير في البيت الأبيض الذي يتعامل مع سياسة الشرق الأوسط إلى المملكة العربية السعودية، حيث وصلا صباح الخميس الماضي في 27 تمّوز ، لاستكشاف إمكانية وجود نوع من التفاهم بين الولايات المتحدة والسعودية، والهدف الأساسي من هذه المباحثات هو لإيجاد صيغة لحلّ القضايا العالقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مرّة لكلّ المرّات.
ضبط المثلّث الاسرائيلي الإيراني التركي
وفي هذا السياق يؤكّد الباحث السعودي في الديبلوماسيّة والعلاقات الدّوليّة المستشار عبدالله الودعاني في حديث لجسور " أن المملكة العربية السعودية تسعى دائمًا إلى أن تكون ذات علاقات جيدة مع جميع الدول." لذلك يرى الودعاني " أن التطبيع مع إسرائيل شيء ممكن، وليس مستحيلاً لما فيه من عوائد إيجابية على المنطقة اقتصاديًّا وأمنيًّا وتنمويًّا إلخ..." ويتابع الودعاني مشيرًا إلى أنّ الديبلوماسيّة " قد علّمتنا أنّ الطرف الذي يريد إعادة علاقته مع طرف آخر يجب أن يبادر ببعض التضحيات التي توضح حسن النية وتساعد في إعادة العلاقة إلى الطريق السليم، وهذا الشيء لم نشاهده من إسرائيل."
يبدو في هذا السياق أنّ اسرائيل ليست في أيّ وارد لتقديم أيّ تنازلات لإنجاح المحادثات مع المملكة، لكن من الواضح أنّ السياسة الجديدة التي تنتهجها المملكة في الرؤية التي وضعها ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان ستقوم على نظريّة تصفير المشاكل في المنطقة. وهذا ما بدت تجليّاته في الاتّفاق السعودي – الإيراني. فمن باب ضبط المثلث التركي – الاسرائيلي - الإيراني في الشرق الأوسط تدخل الديبلوماسيّة السعوديّة بوّابة التهدئة. فبعد ضبط الزاوية الايرانيّة، والتركيّة بعدما وقعت كل من تركيا والسعودية -مساء الاثنين 17 تمّوز 2023- اتفاقيات في مجالات الاستثمار المباشر والصناعات الدفاعية والطاقة والدفاع والاتصالات عقب محادثات بين وفدي البلدين برئاسة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مدينة جدّة، والتي ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. يبدو أنّ الاتّجاه راهنًا إلى ضبط الزاوية الاسرئيليّة .
فلسطين تبقى القضيّة المركزيّة والمملكة وسيط سلام دولي
ويتابع الودعاني حديثه معتبرًا أن " الجانب السعودي وضّح مسبقًا أنّ فكرة التطبيع مقبولة، لكن لا يمكن أن تتم دون النظر إلى الملف الفلسطيني، بإعادة كيان دولة فلسطين وضمان حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق." ويربط الودعاني حديثه هذا بشرط "قبلت إسرائيل ذلك فهي بالفعل أكدت حرصها على دعم السلام في المنطقة وتحسين العلاقات الدبلوماسية مع دول الشرق الأوسط."
فالودعاني يرى أنّ "السعودية هي دولة رائدة في دعم السلام بالمنطقة والعالم، وتمتلك سجلاً حافلاً بالإنجازات في الوساطة السلمية، و حرصت الحكومة السعودية منذ نشوب الخلافات السياسية بين روسيا وأوكرانيا على تهدئة الأوضاع وتوحيد وجهات النضر والحدّ من الصراع العسكري الدائر بين البلدين."
ويعتقد الودعاني أيضًا أنّ " تفعيل دور الوساطة من دولة مثل السعودية لها ثقل سياسي وإقتصادي، وتمتلك علاقة إيجابية مع طرفي النزاع تعد خطوة ايجابية وتطمح لها جميع الدول لإغلاق ملف هذه القضية التي تشكل مخاطر إقتصادية وأمنية على العالم." ويختم حديثه معتبرًا أن ّالمملكة قد "أبدت استعدادها في استضافة محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وهي ستبذل من خلالها الجهود كافّةً لإنهاء الخلاف وفق مواثيق السلام الدولية."
انعكاسات إقليميّة
سيكون الاتفاق الأمني بين الولايات المتحدة والسعودية الذي قد ينتج عنه تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية واسرائيل. وربّما قد يكون السعي الأميركي هذا للتوصّل إلى تقليص العلاقات السعودية - الصينية بعد التّفاق الذي رعته الصين في بكين بين المملكة والجمهوريّة الاسلاميّة. لذلك ، سيكون هذا التقارب الأميركي- السعودي بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
ولعلّ المقاربة السعوديّة لعمليّة سلام أزرق مع إسرائيل ستندرج في إطار حضاري - ثقافي بهدف أن تتوصّل المملكة إلى الانفتاح على الدّول الاسلاميّة ذات البعد السنّي كإندونيسيا وباكستان إذ ستتمكّن عندها هذه الدّول من الدّخول إلى أماكن الحجّ الاسلامي في القدس والمدينة ومكّة على السواء. لذلك كلّه، ستشكّل هذه المباحثات نافذة جديدة للرئيس الأميركي وبالتحديد للديمقراطيّين، قد تسجّل لهذا الفريق الذي يرى فيها أهميّة ليتجاوز فيها مرحلة أوسلو، وربّما ابراهم التي قادها الرئيس ترامب وحزبه الجمهوريّ.
ويبقى أنّ المملكة تترقّب من الولايات المتّحدة الأميركيّة تفعيل ملفّ التسلّح ولا سيّما نظام الدّفاع الصاروخي المضاد للصواريخ الباليستيّة تحسّبًا لأيّ خروقات قد تقدم عليها الجمهوريّة الاسلاميّة في إيران بعد الاتّفاق وهذا ماى قد يؤدّي إلى ضمّ المملكة إلى نادٍ حصري للغاية من الدول التي لديها المظلة الأمنية الأميركية.