ترجمات..

مخططات إسرائيلية مشتركة لاستهداف القضيّة الفلسطينية

"أرشيفية"

القاهرة

لم تكن من قبيل الصدفه بأن تتم الاقتحامات اليومية لجيش الإحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية في مخيم جنين ونابلس وطولكرم ومخيم عقبة جبر، وتنافس بين الأحزاب اليمينية المتطرفة التي يرئسها بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي ووزير المالية الإسرائيلي سيموترفيش والمستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وهذا المسلسل الإسرائيلي اليومي في تكرر الاقتحامات الإسرائيليّة للمسجد الأقصى المبارك  وباحاته، ولا سيّما أنّ ردود الفعل العربية أتت خجولة حيث توقفت حتى عن الادانه

إضافة إلى استباحة مختلف أرجاء فلسطين من عدوان سافر على الفلسطينيّين والحملة الممنهجة على السلطة الوطنية الفلسطينية التي لم تأتِ من فراغ، بل أتت  مصحوبة بحملة إعلامية من التحريض والأخبار المفبركة عبر وسائل الإعلام ومواقع  إخبارية ومواقع التواصل الاجتماع. زد على ذلك استخدام مختلف الوسائل في افتعال الفتنة الداخلية قبل إنتهاء العدوان الإسرائيلي على مخيّم جنين تستهدف الرئيس الفلسطيني والسلطة ومقراتها من بعض المدسوسين بهدف  تحويل الأنظار عن العدوان الإسرائيلي المتكرر على مخيم جنين. كذلك المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان التي لم تسلم من هذا المخطّط الخبيث الذي يقوده ارتباط واحد بين عملاء في  الدّاخل  والخارج.

مرحلة تأسيس السلطة الفلسطينيّة بعد أوسلو

 ولتبيان حقائق بعض ما جرى في المخيّمات داخل فلسطين وخارجها أي في لبنان من عمليّات طالت اغتيال بعض المقاومين وتبعها اختلاق الأكاذيب والافتراءات على السلطة ومؤسّساتها وعلى الأجهزة الأمنية الفلسطيني، إلى جانب كتائب شهداء الأقصى منذ الانتفاضة الأولى ومحاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات بمقر المقاطعة في رام الله، من المهمّ العودة إلى المرحلة التي رافقت نموّ السلطة الوطنيّة ومؤسّساتها التنفيذية والتشريعية في فلسطين التي رحّبت وقتذاك بعودة بعض القيادات من دول الشتات حيث لم تعد تستطيع الدول العربية والإسلامية أن تتحمل أعباء الوجود الفلسطيني، ليس فقط العمل العسكري المقاوم بل الوجود السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينيّة ومؤسساتها.

وفي هذا السياق يلفت النّائب في المجلس  الوطني  الفلسطيني الدكتور عمران الخطيب في حديث لموقعنا أنّ "الهدف الأساس في تلك المرحلة كان تصفية الرئيس أبو عمار، وإنهاء السلطة الفلسطينية والتي كانت وما تزال مشروع وطني تمت الموافقة عليه من خلال منظمة التحرير الفلسطينية عبر المجلس المركزي الفلسطيني."  ويتابع الخطيب معلّلًا أنّ "القيادة الفلسطينية وافقت على مضض قبول إعلان أوسلو، وتمكين عودة آلاف المقاتلين الفلسطينيين وعائلاتهم، وإنشاء السلطة الفلسطينية كخطوة أولى باتّجاه إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية وخاصة  القرار 194 الذي ينصّ على عودة اللاجئين الفلسطينيين.

ضرب أوسلو ورحيل أبو عمّار

ويرى الدّكتور  عمران الخطيب أنّ ضرب اتّفاق  أوسلو هو هدف إسرائيلي لذلك يفيد لموقعنا بأنّه "من الطبيعي تَنَصُّلِ حكومات الإحتلال الإسرائيلي المتعاقبة من التزاماتها ببنود اتّفاق أوسلو، إضافة إلى موقف الإدارة الأمريكية." كما يلحظ الخطيب بأنّ "الدول الأوروبية لم تكن أفضل حال من الإدارة الأمريكية حيث هدّد الجميع الرئيس الراحل ياسر عرفات حين أراد من جانب واحد إعلان  الدولة الفلسطينية وفقًا لاتفاق أوسلو الذي حدّد الفترة  لخمسة سنوات."

ويستذكر الخطيب بتأثّر شديد في تلك المرحلة كيف رفض أبو عمار القبول في إتفاق كمب ديفيد واللقاء الأخير مع الرئيس الأمريكي بيل كلنتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي يهودا بارك، عندما عاد دون أن يوقع على تصفية وإنهاء القضية الفلسطينية وفقا لمضون للقاء كمب ديفيد وفشل اللقاء وقتذاك وتمّ تحميل أبو عمار مسؤولية نتائج الفشل ومحاصرته في مقر المقاطعة ولم يسمح له في السفر للعلاج وفقًا للتقرير الأطباء، ليتمّ بعد ذلك السماح له في المغادرة للعلاج في اللحظات الأخيرة من حياته، حيث انتقل إلى جوار ربه دون أن يتنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية والتي تتضمنها إعلان وثيقة الإستقلال خلال إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة الجزائرية عام 1988.

المواجهة مستمرّة مع الاحتلال الاسرائيلي

يعتبر الخطيب أنّ المواجهة مستمرّة لكنّه يفيد بأننا "نواجه في هذه الحقبة من مسيرتنا النضالية مشروع مشترك لتصفية القضية الفلسطينية، يتمثل في سلطة حماس الانقلابيّة في قطاع غزة." ويعتبر الخطيب أنّ مشروع حماس السياسي "يتقاطع مع حكومات الإحتلال الإسرائيلي المتعاقبة برئاسة نتنياهو وفريقه من الأحزاب اليمينية المتطرفة والتي ترفض حل الدولتين وفاقًا للقرارات مجلس الأمن الدولي والرباعية الدولية ومبادرة السلام العربية."

 ولأنّ "إسرائيل" تعلن  بشكل واضح رفضها لحلّ الدولتين، يعتبر الخطيب أنّ "المعركة مع الإحتلال الإسرائيلي لا تقتصر على شكل وحيد من أشكال المقاومة، حيث يتطلّب خوض أشكال ووسائل المقاومة لإنهاء الإحتلال، والتمسّك بقرارات الشرعية الدوليّة والتي تتضمن مئات القرارات، إضافة إلى متابعة ملفات الجرائم التي ارتكبتها سلطات الاحتلال ممثّلة في قيادات جيشها وتحريض قيادة المستوطنين المتطرفين، وبعضهم أعضاء في الكنيست الإسرائيلي." لذلك يرى الخطيب أنّ هذه العمليّة "تتطلّب تقديم مختلف الوثائق ورصد تصريحاتهم العنصريّة التي تحرّض على قتل المواطنين الفلسطينيّين العزّل في ديارهم."

فالصراع القائم مع الإحتلال الإسرائيلي يأخذ في محتواه على الكثير بمنظومة الجرائم والمجازر الإرهابية الوحشية، لذلك يعتقد الخطيب أنّ "اللجوء إلى محكمة الجنايات الدوليّة ضرورة وطنية كخطوة في محاسبة "إسرائيل" حيث تعتبر نفسها فوق القانون والمحاسبة."  ويختم الخطيب حديثه لموقعنا بإصراره على "الإستمرار بعزل "إسرائيل" التي تستند إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية وصمت الدول الأوروبية، مع ضرورة الكيل بمكيالين بما يتعلق عدم التزاماتها بقرارات الشرعية."

في  الخلاصة

لا يمكن  استمرار الوضع على ما هو عليه. فلا بدّ من الوصول إلى نهاية لهذه القضيّة الانسانيّة والكيانيّة تكون على قدر  التضحيات التي بذلها الشعب الفلسطيني ليبقى ويستمرّ شعبًا حرًّا وأبيًّا في وطنه. لكن لا يمكن الاكتفاء بالمطالبة بالدعم الخارجي  من دول القرار، والاستمرار بالعمل  المقاوماتي من الدّاخل والخارج فقط. وذلك بسبب بروز معطى دوليّ وإقليمي جديد يكمن في  الاتّفاقيّات الدّوليّة التي تنبثق  من مصالح الدّول الاستراتيجيّة في المنطقة، سواء أكان ذلك بين الجمهوريّة الاسلاميّة في إيران والولايات المتّحدة الأميركيّة من جهة، أم بين إيران والمملكة العربيّة السعوديّة من جهة أخرى، أم اتّفاقيّات ابرهم التي تقودها إسرائيل مع الدّول العربيّة، وليس آخرها مع المملكة العربيّة السعوديّة من بعدٍ آخر.

من هنا، على الوطنيّين والأحرار في فلسطين أن يعملوا على تقاطع مصالح وطنهم مع هذه المعطيات الجديدة عبر الحفاظ على قضيّتهم حيّة في  الوجدان العربي أوّلاً والدولي-الاقليمي ثانيًا كي تذهب هذه القضيّة ضحيّة أو تقدّم قربانًا على مذبح المصالح الدوليّة والاقليميّة.