خطوات لتسريع الاندماج والتكامل الاقتصاديين بين تونس وليبيا

تعمل تونس وليبيا على تسريع الاندماج والتكامل الاقتصاديين بما يخدم البلدين ويفتح لهما آفاقا كبيرة في سوق أفريقية نامية وواسعة، إلا أن الخطوات تعترضها عقبات أمنية بالأساس.

ليبيا بوابة تونس نحو أفريقيا

تونس

اتخذت الحكومتان التونسية والليبية خطوات هامة رغم أنها متأخرة لتسريع الاندماج والتكامل الاقتصاديين، ما يمكن الجارتين من إرساء شراكة فعالة ثلاثية الأبعاد تونسية – ليبية – أفريقية.

وأعلنت تونس وليبيا رسمياً عن إحداث ممر تجاري نحو بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، واتفقتا على تأهيل المعبر الحدودي رأس جدير الرابط بين البلدين وفقاً للمعايير الدولية حتى يصبح بوابة تجارية لأفريقيا، ووسيلة لتحقيق الاندماج والتكامل الاقتصاديين، خاصة مع دول أفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى إرساء شراكة فعالة مع الدول الأفريقية.

وجاء ذلك خلال اجتماع وزاري مشترك تونسي – ليبي عُقد بمقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية، الجمعة، برئاسة وزيرة التجارة التونسية كلثوم بن رجب ووزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها محمد علي الحويج.

ويقول مراقبون إن تحديات أمنية بالأساس تعترض مشروع الممر التجاري القاري التونسي – الليبي نحو بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، نظرا إلى تطورات الأوضاع السياسية في البلدان المتاخمة لليبيا ومن بينها مالي والنيجر.

وقالت وكالة الأنباء التونسية الرسمية (وات) إن الجانبين التونسي والليبي أكدا خلال هذا الاجتماع على ضرورة تأهيل وتطوير المعبر الحدودي التونسي – الليبي (رأس جدير) وفقا للمعايير الدولية.

ويعتبر معبر رأس جدير بمثابة الشريان البري الرئيسي الذي يربط بين تونس وليبيا، ويقع في الجنوب الشرقي التونسي، ويبعد عن تونس العاصمة بحوالي 600 كيلومتر، بينما يبعد عن العاصمة الليبية طرابلس حوالي 175 كيلومترا.

وأضافت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن الهدف من تطوير هذا المعبر هو جعله يتحول إلى “بوابة تجارية لأفريقيا ووسيلة لتحقيق الاندماج والتكامل الاقتصاديين خاصة مع دول أفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى إرساء شراكة فعالة ثلاثية الأبعاد تونسية – ليبية – أفريقية”.

وتم في هذا الصدد الإعلان الرسمي عن تكوين فريق مشترك تونسي – ليبي للتواصل والاستجابة السريعة لفض الإشكاليات التي قد تطرأ على مستوى معبر رأس جدير، إلى جانب تشكيل فريق عمل مشترك لتعزيز التعاون في مجال الأمن الدوائي والغذائي، وتكوين لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ مشروع الممر التجاري البري في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (زليكاف).

وأشارت إلى أن الجانب الليبي أعرب في هذا الإطار عن دعمه لملف تونس المقدم لمنظمة السوق المشتركة وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، الذي يتضمن الحصول على دعم فني ولوجستي للمساهمة في تطوير المعبر المذكور باعتباره يحظى باهتمام خاص وأولوية على مستوى الاتحاد الأفريقي والأمانة العامة للمنطقة القارية الأفريقية للتبادل الحر والتجمعات الاقتصادية الإقليمية الأفريقية.

وأكد الوزيران التونسي والليبي في هذا السياق على تعزيز وتطوير حجم التجارة البينية بين تونس وليبيا والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية من خلال بناء شراكات مثمرة ومشاريع استثمارية

وتوسيع قاعدة ومجالات التعاون والتكامل، فضلا عن استغلال كل النظم والأطر القانونية التي تنظم العلاقات التجارية التونسية – الليبية التي من شأنها تحسين مستوى المبادلات التجارية ودفع التعاون الثنائي نحو الأفضل.

وشهد حجم المبادلات التجارية بين تونس وليبيا نسقا تصاعديا، حيث بلغت قيمته خلال العام الماضي 3.027 مليار دينار تونسي (976.451 مليون دولار)، مقابل 2.020 مليار دينار (651.612 مليون دولار) سنة 2021. وهو ما يعني تسجيل نسبة نمو في حدود 49.8 في المئة.

ويأمل البلدان في بلوغ حجم تجارة بينية في حدود 5 مليارات دينار تونسي، وهو ما يتطلب استقراراً سياسياً وأمنياً في البلدين.

ويمثّل الطلب المتنامي على المنتوجات المعملية ومختلف الخدمات رافعة مهمّة لتنمية اقتصاديات القارة الأفريقيّة، ممّا يمنح فرصا لتونس لدعم اقتصادها الذي يكمن مستقبله في الاندماج في الفضاء الأفريقي.

ويمكن لتونس تصدير منتجاتها في قطاعات كالصناعات الغذائية وصناعة الأدوية ومواد البناء والإنشاء والصناعات الميكانيكية والكهربائية.

ولا يزال هذا الاندماج ضعيفا، ففي مجال التصدير نحو أفريقيا تحتلّ تونس المرتبة 29 على مستوى القارة وفي ميدان الاستثمار تحتلّ المرتبة 28 في ما يخصّ جاذبية الاستثمارات الخارجية، على الرغم من بيئة قانونية تعتبر الأكثر تحفيزا في أفريقيا.

ولتونس قدرة على الاندماج الاقتصادي في أفريقيا من خلال قطاعات ذات قيمة مضافة في مجال الخدمات كالسياحة الاستشفائية والتعليم العالي والهندسة والاستشارات.

وتعمل تونس على إعداد إستراتيجية النفاذ إلى الأسواق الأفريقية، بعد طلب دخولها إلى السوق المشتركة لغرب القارة التي تضم 480 مليون نسمة، إضافة إلى خط بحري، إلى جانب 13 خطاً جوياً مباشراً نحو وجهات في القارة السمراء.

ويقول الاستشاري في الاستثمار محمد الصادق جبنون إن الانتشار التونسي في أفريقيا يبقى ضعيفاً لعدة عوامل، على الرغم من وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس.

وتتمثل عوامل ضعف تونس في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، إضافة إلى أن التغطية في مجال النقل الجوي لأفريقيا تبقى ضعيفة، بحسب جبنون الذي يرى بأنه “لا بد من دعم تواجد الخطوط الجوية التونسية في الدول الأفريقية”.