التقارب الباسيلي مع السيد: أبعد من اللامركزية

"أرشيفية"

بروكسل

في ظل تصاعد النقمة ضد حزب الله لدى الرأي العام المسيحي وارتفاع حدة الأصوات المطالبة بالانفصال عن دويلته بأي وسيلة، لوّح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في طريق إعادة وصل ما انقطع بينه وبين الضاحية، بورقة اللامركزية الإدارية الموسعة كوسيلة يحقق من خلالها مكاسب مزدوجة، في الشارع المسيحي وعلى صعيد الملف الرئاسي اللبناني.

إلا أن التطورات الأمنية الأخيرة في الكحالة وعين إبل، فاقمت المشكلة، ودفعت بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى تصعيد غير مسبوق، حيث أكد في عظة الأحد الأخيرة، استحالة العيش "على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة"، ما يفتح الباب واسعاً أمام اعتبار كلمته دعوة إلى التقسيم والفدرالية، واسقاطاً لعبارة "الشراكة" من شعاره "الشراكة والمحبة"، للمرة الأولى منذ انتخابه على رأس الكنيسة المارونية.

"كمن يبيع سمكاً في البحر"

 اللامركزية الإدارية الموسعة ليست سوى وسيلة "يدغدغ بها باسيل مشاعر القاعدة المسيحية لتبرير عودته إلى حضن حزب الله، كما أشار المحلل السياسي، الصحافي علي حمادة لـ"جسور"، واصفاً العملية "كمن يبيع سمكاً في البحر" لسببين.

السبب الأول أن "اللامركزية الموسعة تحتاج إلى تشريع بالتالي قد لا تمر بسهولة في مجلس النواب" والسبب الثاني يتعلق بالرأي العام المسيحي "الذي بات يتجه أكثر نحو الفدرالية من اللامركزية الموسعة والتي تشمل اللامركزية الإدارية والمالية والأمنية والتشريعية."  

وأكّد حمادة أن حادثة الكحالة "أنجزت معاملات الطلاق بين الرأي العام المسيحي عمومًا وحزب الله ولن يتمكن باسيل باستمالتها مجددًا." 

لا طلاق

أكد حمادة أن الأمور لم تصل إلى نهاياتها بين حزب الله وباسيل مضيفاً أن مصلحة الطرفين، أبعد من اللامركزية بل تكمن في ترميم العلاقة بينهما لحاجة كليهما إلى الآخر بعد المكاسب الجمة التي حققاها في السياسة الداخلية بفضل اتفاق مار مخايل.

ويرى أن "التيار الوطني الحر يعدّ آخر غطاء ميثاقي لسلاح حزب الله خارج بيئته بالتالي إن حصل الطلاق من دون رجعة مع الحليف المسيحي، يصبح السلاح بمواجهة بيئات لبنانية مناوئة". 

ومن جهة أخرى، يعتبر أن حاجة التيار الوطني الحر لحزب الله أيضاً كبيرة حيث "لم يعد لديه من حليف أو من سند حقيقي في المعادلة الداخلية سواه، إذ ثبت أن التيار البرتقالي استفاد للغاية من تحالفه معه وحقق قفزات في وضعه السياسي بفضل وثيقة مار مخايل".

هذا وقد لفت إلى أن ترميم الشرخ بات يشوبه الكثير من العقبات. العقبة الأولى، وفقاً لحمادة، تكمن في تمسك حزب الله بمرشحه سليمان فرنجية وعدم قدرته على التراجع الآن "خوفاً من الظهور بموقف الضعيف واتجاه الأمور مع الشارع المسيحي إلى مزيد من التصلب ضده وتسجيل نقاط اضافية تصل حد المطالبة بنزع سلاحه."

العقبة الثانية، تتمثل بحسب حمادة، باستحالة موافقة باسيل على المضي بانتخاب فرنجية "بسبب مخاوفه على زعامته التي من المرجح أن يقضمها وصول رئيس تيار المردة إلى الرئاسة من خلال انضمام بعض نواب كتلة التيار الوطني الحر إلى كتلة الرئيس أو من خلال اتجاه العديد من الكتل النيابية المسيحية نحو رئيس الجمهورية أياً كان كما تجري العادة".

بالتالي يرجح حمادة أن تتجه الأمور إلى مزيد من التعقيد وأن تراوح مكانها لمدة طويلة معتبراً أن "أفضل ما يمكن أن يصل إليه باسيل الآن أن يتحول إلى أحد صناع الرئيس ويحافظ قدر المستطاع على العلاقة والتواصل مع حزب الله واللعب على عامل الوقت بانتظار إسقاط ترشيح سليمان فرنجية".

وأبعد من التجاذبات المحلية، ربط حمادة التعقيدات الداخلية بالمشاكل اقليمية البالغة الأهمية حيث أكد أن "الساحة السورية تتواجد على سفيح ساخن" ومرجحًا حدوث حدث أمني بالغ الخطورة فيها "بين الاميركيين والجماعات الايرانية في اي وقت من الأوقات" كذلك اعتبر أن الضربة الاسرائيلية الأخيرة لمستودعات الأسلحة الخاصة بحزب الله وفيلق القدس في قدسيا قرب دمشق "مؤشر إلى تفاقم الوضع لأنها لم تكن ضربة جوية بل عبارة عن عملية استخباراتية تفخيخية فيما لم يصدر حولها أي بيان حتى الآن من السلطات السورية ولا من حزب الله ولا من الايرانيين" كما ختم قائلاً.