في مواجهة المخاوف الأمنية: هل من مبادرات وطنية للجم التدهور؟

"أرشيفية"

الرياض

تنتشر المخاوف الأمنية لدى الكثير من الأوساط السياسية والدبلوماسية في بيروت، فبعد اشتباكات مخيم عين الحلوة وحادثة القتل في قرية عين إبل وحادثة كوع الكحالة، تحدثت مصادر سياسية مطلعة في بيروت عن مخاوف جدية من حصول المزيد من الأحداث الأمنية في مناطق لبنانية مختلفة بهدف توتير الأجواء وفرض المزيد من الضغوط على القوى السياسية وبث الفتنة بين الأطراف اللبنانية، كما تلقت بعض الشخصيات اللبنانية تحذيرات من جهات إقليمية وعربية

بضرورة الحذر والانتباه وذلك في ظل عودة المجموعات الإرهابية للتحرك والنشاط في عدد من دول المنطقة ومنها سوريا ولبنان والعراق، إضافة لزيادة تحرك جهاز المخابرات الإسرائيلي في لبنان من خلال تجنيد العملاء وإمكانية تنفيذه لعمليات أمنية نظرًا لعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على القيام بهجوم واسع على لبنان واستهداف حزب الله مباشرة، مما قد يضطره للقيام بعمليات أمنية تستهدف قيادات إسلامية او العمل لبث الفتنة في لبنان.

على ضوء هذه المخاوف والمخاطر الأمنية الحقيقية والتي قد تتطور في الأسبوعين المقبلين، تساءلت بعض المرجعيات الدينية في لبنان عن كيفية العمل لمواجهة هذه الفتنة وكيفية التحرك لمنع العودة لخطاب الحرب الأهلية تحت عنوان: مواجهة سلاح حزب الله؟ وأين دور المؤسسات الحوارية والثقافية في تفعيل خطاب الوحدة والحوار ولجم خطاب الكراهية والحقد؟

ومن أجل ذلك بدأت بعض المرجعيات الدينية إجراء الاتصالات واللقاءات مع عدد من الفعاليات الثقافية والدينية لدراسة خطة العمل من أجل توجيه رسائل واضحة لكافة الأطراف اللبنانية لعدم التفاعل مع دعوات الحرب أو اللجوء إلى العنف ودعم الدعوات للحوار لحل كافة المشاكل والملفات الساخنة، لأن أي خيار آخر سيؤدي إلى المزيد من العنف وسيجر البلد إلى حرب أهلية جديدة ستكون كارثة على الجميع ولن يحقق أية نتيجة.

وفي هذا الإطار توقفت بعض الأوساط المتابعة بإيجابية كبيرة أمام الاتصالات التي أجراها رئيس ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار العلامة السيد علي فضل الله بكل من رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون وبراعي أبرشية الموارنة في بيروت المطران بولس عبد الساتر للإشادة بمواقفهما حول حادثة الكحالة وللتأكيد على أهمية العمل المشترك من أجل مواجهة الفتنة وتأكيد الوحدة الوطنية.

وأشارت مصادر مقربة من العلامة السيد علي فضل الله بإنه يجري بعض الاتصالات مع بعض الشخصيات الدينية والمؤسسات الحوارية من أجل البحث في كيفية تعزيز خطاب التهدئة ورفض خطاب الحرب والفتنة الداخلية.

وعلى خط مواز بدأت الجهات المختصة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالتحضير لعقد لقاء موسع للمؤسسات الحوارية والثقافية والمرجعيات الدينية خلال الأيام المقبلة من أجل بحث الأوضاع في لبنان وكذلك دراسة مختلف التحديات الداخلية والخارجية والتي قد تؤدي لتفجير الأوضاع في البلاد أو التي تهدف للمس بالمقدسات الدينية والقيم الاجتماعية.

وتتساءل بعض الجهات المسؤولة عن أسباب غياب دور العديد من المؤسسات الحوارية والثقافية والدينية للتصدي لموجات العنف الداخلية أو لمحاولات نشر القيم الاجتماعية الجديدة المنافية للأديان أو لما يجري من محاولات للمس بالمقدسات الدينية، واعتبرت هذه الجهات: إن ما يجري اليوم من أحداث في الداخل والخارج يستدعي إطلاق حالة طوارىء من قبل جميع الجهات لمواجهة خطاب التحريض والكراهية والدعوة للعودة الى مناخات الحرب الأهلية، وأنه لا يمكن الفصل بين ما يجري في لبنان من أحداث أمنية متنقلة وبين ما يجري في العالم من محاولات لإثارة الفتنة بين الأديان، وأن على جميع المعنيين بالحوار دراسة كل هذه التطورات ووضع خطط عملية في كيفية مواجهة كل هذه التحديات.

ومن خلال كل هذه المعطيات تعتبر هذه الجهات: إن لبنان اليوم يقع على فالق زلزالي خطير وإن الأحداث الأمنية مفتوحة على كل الإحتمالات السلبية ومن هنا أهمية العمل لحماية البلد من هذه المخاطر، ووقوف الجميع في مواجهة الفتنة وأن الحوار الداخلي هو الطريق الأفضل والأقصر لمواجهة الفتنة والبحث في كل المشاكل والأزمات، وإلا فإن خيار الصدام والحرب سيكون له نتائج كارثية على الجميع.