قوة وتميز: إدارة رائدة لصندوق الاستثمارات السعودية في زمن الأزمات العالمية

"أرشيفية"

فرنسا

في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، التي تتسم بعدم اليقين والاضطرابات، ومع تزايد حدة النزاع الروسي-الأوكراني وتراجع النمو في العديد من الدول، قلق متزايد يطلّ برأسه على مستوى التوقعات وما يمكن أن يكون من ركود عالمي جديد. 

وما تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية إلا نموذجًا صارخًا عن ذلك سواء في اتخاذ التدابير الاستثنائية لتحفيز الاقتصاد وشراء الديون والمؤسسات، أو في الآثار المترتبة على جميع جوانب الحياة  أوغيرها من الإجراءات الاستثنائية التي طاولت كل جوانب الحياة ومؤشراتها المنعكسة في جوهر الاقتصاد العالمي، مراكمة تضخما يعصف بلا رحمة، وما يتبعه من استعمال الغذاء العالمي كسلاح، و تنامي التوترات الجيوسياسية بين الشرق والغرب، و تفاقم الحروب التجارية بين الصين وأميركا من جهة، وبين الاتحاد الأوروبي وأميركا من جهة أخرى.

طريقة إدارة ولي العهد السعودي

فرق شاسع بين ذاك الواقع وما تقطفه السعودية حاليًا من ثمار رؤية 2030 السعودية، والتكامل ما بين التخطيط وعزيمة ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزارء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والجهات الحكومية.

أظهرت المملكة العربية السعودية قدرتها على التصدي لأكثر الأزمات الاقتصادية تعقيدًا في تاريخ العالم الحديث. وتميّز ولي العهد بشجاعة استثنائية ومهارات عالية في التعامل مع ظروف عالمية صعبة، وتمتع بقدرة استراتيجية في اتخاذ قراراته، التي اتخذها بحنكة وحكمة وفعالية وروح إنسانية. ويتجلى الإنجاز الكبير الذي حققته المملكة في ظل هذه الأوضاع من خلال توجيهها للسياسات التجارية والاقتصادية نحو التكامل مع دول العالم.

لمواجهة تحديات التضخم، اتخذت المملكة العديد من الإجراءات السريعة لتخفيف آثار ارتفاع تكاليف المعيشة. ومن بين هذه الإجراءات، تم وضع سقف على أسعار بعض المشتقات البترولية، وتعزيز منظومة الإعانات الاجتماعية من خلال تقديم دعم إضافي للمستفيدين من الضمان الاجتماعي وبرامج حساب المواطن. كما دُعم صغار مربي الماشية وخُصص دعم آخر لزيادة المخزونات الاستراتيجية للسلع الأساسية لضمان توفرها في ظل ارتفاع أسعارها عالمياً. جراءات أسهمت في تقليل تأثيرات التضخم وتخفيف الضغوط على المواطنين ذوي الدخل المحدود.

وبالتالي جاءت تقارير المنظمات الدولية لتؤكد على نجاح المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي في تحقيق المرتبة الأولى كأسرع دول العالم نمواً في الاقتصاد الوطني بنسبة 8.7%، والمرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين في انخفاض وتيرة التضخم إلى 2.7%. وتستمر اليوم نجاحات المملكة بعد المضي قدماً في تنفيذ سياستها المالية التوسعية وزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية الضخمة التابعة لصندوق الاسثمارات العامة، ودعم أصحاب المشاريع الصغيرة ، للتخفيف من وطأة تحديات الاقتصاد العالمي.

نمو بقيمة تفوق 2.23 تريليون ريال

ملفت للانتباه أن صندوق الاستثمارات العامة يضم محافظ استثمارية مرموقة، تستند إلى استثمارات واعدة على الصعيدين المحلي والدولي. يعتبر هذا الصندوق من بين أكبر الصناديق السيادية عالميًا، ويهدف بجدارة إلى تحقيق أهداف رؤية 2030.

يتبنى صندوق الاستثمارات العامة دورًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد وتعزيز الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية. وتستند استراتيجية الصندوق إلى طموحات كبيرة تسعى إلى تحقيق أهدافه، مما يساهم في تحقيق إنجازات فريدة من نوعها في مجال الصناديق السيادية على مستوى العالم.

يشكل الصندوق عجلة التحول الاقتصادي السعودي نحو التغير الإيجابي المستدام في المملكة العربية السعودية، حيث يسعى بشغف نحو قيادة النهضة التنموية للاقتصاد المحلي وتوطين التقنيات والمعرفة، وتوسعة محافظه الاستثمارية من الأصول الدولية، والاستثمار في القطاعات والاسواق العالمية عبر تكوين الشراكات الاستراتيجية وإطلاق عدد من المبادرات التي تساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.

وفي التفاصيل، سعى البرنامج إلى تعزيز دور صندوق الاستثمارات العامة بوصفه القوة المحركة وراء تحقيق تنوع اقتصادي متجدد في المملكة العربية السعودية. وهدف البرنامج أيضًا إلى تطوير قطاعات استراتيجية محددة من خلال تعزيز وتعظيم أثر استثمارات الصندوق، وذلك لتحقيق مكانة مرموقة له كواحد من أكبر صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم. ليس هذا فحسب، بل سعى أيضًا لإقامة شراكات اقتصادية قوية وفعّالة تسهم في تعميق الأثر والدور المتميز للمملكة في الساحة الإقليمية والدولية.

وقد أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، منذ أيام، أنه استثمر 120 مليار  ريال في القطاعات الاستراتيجية خلال عام 2022، فيما بلغ حجم أصوله  المدارة  2.23 تريليون ريال.وذكر الصندوق في تقريره السنوي عن العام الماضي أنه 

أسس 25 شركة جديدة للصندوق خلال عام 2022، مشيرًا إلى أنه ساهم فيخلق 181 ألف وظيفة جديدة بالعام المنصرم.وتجاوزت الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة 2.23 تريليون ريال (594.43 مليار دولار) في 2022.وأكد الصندوق أنه في وضع "قوي ومتين لتحقيق مكانة عالمية".  وسجل الصندوق إجمالي عائد للمساهمين منذ بدء برنامج الرؤية 8% سنوياً.

انخفاض معدل البطالة

في مقابلة مع "جسور"، كشف الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور مشعل الغامدي أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي قام بتوظيف 666 موظفًا جديدًا خلال عام 2022، مقارنةً بـ 569 موظفًا في عام 2021. وبذلك ارتفع إجمالي عدد موظفي الصندوق إلى 1940 موظفًا وموظفة بزيادة نسبتها 33% منذ نهاية عام 2021. من هؤلاء الموظفين، بلغ عدد الموظفين السعوديين 1601، في حين بلغ عدد الموظفين غير السعوديين 339. ومن بين إجمالي العدد، كان هناك 1356 ذكرًا و 584 أنثى.

وأضاف د. الغامدي أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يمتلك شركات سعودية وطنية، حيث يعمل فيها كوادر سعودية بفعالية لتحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة. وبالتالي، أثر هذا الجهد بشكل إيجابي على سوق العمل من خلال تحسين مؤشرات معدلات البطالة، التي كانت في الأساس منخفضة جدًا.

السعودية قوة مالية

من ناحيته، أكد محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر بن عثمان الرميان لـ"جسور" أن الأسس المالية القوية التي وضعها الصندوق ساهمت في تحقيق تقدم واضح وسريع خلال عام 2022. ومع استمرار تعافي الاقتصاد من الاضطرابات التي شهدتها السنوات الأخيرة، شغل الصندوق دورًا قياديًا في تنفيذ عمليات التحول في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية.

وأضاف الرميان أن "قوة مركزنا المالي مكنتنا من تحديد واستغلال الفرص الاستثمارية الرئيسية بطريقة تضمن نموًا مستدامًا للمملكة".

 توازن اقتصادي اجتماعي بيئي

وفي حديث خاص لـ"جسور"، أشار الدكتور جهاد الحكيم، الأستاذ المحاضر في الأسواق المالية العالمية وشؤون الاستثمار في الجامعة الأمريكية في بيروت، إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يتمتع بقيادة كفؤة تتسم بخبرة كبيرة. تجمع الاستثمارات الطموحة التي يقوم بها الصندوق بأهداف محددة تشمل القطاعات الواعدة، مثل مجال الذكاء الاصطناعي.

وأضاف د. الحكيم أن صندوق الاستثمارات العامة يعد واحدًا من أكبر الصناديق السيادية في العالم للاستثمار على الصعيدين المحلي والعالمي. وتسهم استراتيجية الصندوق في تعزيز طموحه، ويمثل برنامجه جزءًا أساسيًا من رؤية المملكة 2030. هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز ثروات المملكة العربية السعودية من خلال المشاركة في تعزيز النمو الاقتصادي غير النفطي واستثمار في مشاريع مجدية.

أضاف د. جهاد الحكيم أن صندوق الاستثمارات العامة يتمتع بمحفظة استثمارية متنوعة، ترتكز على استغلال الفرص الواعدة على الصعيدين المحلي والعالمي، لتحقيق الأهداف الوطنية. وقد قاد الصندوق، الذي يدير أصولًا تزيد قيمتها الحالية عن 770 مليار دولار، عملية إنشاء 85 شركة في 13 قطاعًا استراتيجيًا، مما أدى إلى توفير أكثر من 500,000 فرصة عمل.

وأوضح أن صندوق الاستثمارات العامة قام بتطوير وتبني نظام خاص بالحوكمة، لقيادة استراتيجية الاستثمار سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، وعمل على زيادة العوائد الاستثمارية التي يهدف لتحقيقها. كما أكد أن الصندوق يمثل ضمانة للأجيال القادمة.

وفيما يتعلق بالتطورات الاقتصادية، أشار الحكيم إلى أن السعودية أصبحت قوة ما بعد الطاقة، بفضل صندوق الاستثمارات العامة والإيرادات المستقبلية التي ستنبعث من خارج قطاع النفط ومصادر الطاقة الأحفورية.