ليبيا..

اختراق إيجابي وسيناريوهات "قاتمة"

"أرشيفية"

موسكو

لا تنتهي الانقسامات الليبية على الصغيرة والكبيرة. لكنّ خرقًا "مهما" كما وُصف، سُجل أخيرًا عبر توحيد مصرف ليبيا المركزي. فقد أعلن محافظ المصرف الصديق عمر الكبير ونائبه، بعد اجتماع موسع، عن عودة المصرف مؤسسة "سيادية موحدة" وعن "معالجة آثار الانقسام".

موجة ترحيب بالحاصل جمعت الأضداد والساسة المنقسمين. بدءًا من المجلس الرئاسي مرورًا برئيس "حكومة الوحدة" (المنتهية ولايتها) عبد الحميد الدبيبة وصولا للحكومة المكلفة من البرلمان وحتى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح. الكل دون استثناء رحبوا بما حدث ووصفوا القرار بـ"المهم" وأشادوا بـ"إنهاء الانقسام".

السفارة الأميركية ذهبت بتفاؤلها أكثر من ذلك، إذ وصفت الخطوة بـ"الحيوية" للاستقرار الاقتصادي والتنمية في ليبيا، وأعربت عن أملها بأن تكون هذه الخطوة نموذجًا على طريق تهيئة المجال للانتخابات، وإعطاء زخم لجهود توحيد المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية.

انطلاقا من هذا التطور، تبقى الأنظار على الأزمة الليبية المستمرة منذ أكثر من عقد وتتفاقم. ومن هنا، قد يبدو للمتابعين أنّ هذا الخرق يشكل بادرة للحل إذا تم تعميمه بعد أن كان (ولا يزال) المشهد السياسي "قاتم" في ليبيا. ويبقى موضوع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أساسيا في طريق الحل أو التأزيم. فهل تجري الانتخابات نهاية 2023 وما هي السيناريوهات المرتقبة؟

معهد ويلسون الأميركي تحدث عن 5 سيناريوهات محتملة قد تشهدها ليبيا خلال الأشهر المقبلة.

1-إجراء انتخابات ناجحة، رغم عدم ترجيح المعهد لذلك إلا إذا تم التوافق بشأن القوانين.

2-السيناريو الثاني، والأكثر ترجيحا هو تأجيل الانتخابات مرة أخرى من قبل الأطراف السياسية مع بقاء بعض النقاط الخلافية دون حل. فإجراء الانتخابات يعني نهاية تفويض قادة مجلس النواب والمجلس الأعلى ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية. والكل لم يظهر أي اهتمام في إنهاء الأزمة أو التخلي عن السلطة.

3-أما السيناريو الثالث المحتمل في ليبيا فهو إجراء الانتخابات لكنها ستُعتبر "غير شرعية" أو متنازع عليها من قبل البعض.

4-الاحتمال الرابع بالنسبة لمعهد ويلسون هو أن إجراء الانتخابات لن يغير الأوضاع ولن يحل الأزمات المتعددة في ليبيا.

5-اما السيناريو الأخير والأكثر تشاؤما فهو تفاقم العنف ونشوب صراعات جديدة نتيجة الخلاف حول الانتخابات، مع انتشار التشكيلات المسلحة والميليشيات في البلاد.

إذا جمعنا السيناريوهات وأساس المشكلة يتضح أنّ الأزمة لا تسير صوب الحل. فالساسة لا يريدون الانتخابات التي ستقضي على مسارهم السياسي وتضعهم خارج الصورة، وإن حصلت فسيتم التشكيك بها واستخدام العنف لدحض نتائجها. والانتشار الواسع للتشكيلات المسلحة والانقسامات العميقة بين القادة السياسيين، هو ما أبقى التوترات مرتفعة لغاية اللحظة، وأثار المخاوف بشأن تجدد الصراع.

بحسب متابعين للشأن الليبي، فإنّ العنف قد يتفاقم في ليبيا بسبب الانتخابات بطريقتين:

أولًا: إما أن يقرر أحد القادة السياسيين إنهاء الجمود السياسي والاستحواذ على السلطة بالقوة بدلا من الانتخابات، كما حدث في أغسطس من العام 2022، حينما حاول فتحي باشاغا، رئيس الحكومة المكلف وقتها من مجلس النواب، الاستيلاء على طرابلس بالقوة لكنه فشل بعد اندلاع اشتباكات مع المجموعات المسلحة المسيطرة على العاصمة.

أما الطريقة الثانية، فهي اشتعال الصراع على يد مرشح خاسر يقوم بتحدي الفائز عسكريا. وبينما تنص مسودات القوانين على أنه لا يمكن للمرشحين الانخراط بشكل نشط مع جماعة مسلحة أثناء الانتخابات، إلا أنه يمكن للمرشح الخاسر تعبئة المجموعات المسلحة الموالية ومهاجمة الحكومة الجديدة، مما يؤدي إلى صراع طويل الأمد

وبحسب معهد هادسون الأميركي، فإن أياً من هذه السيناريوهات محتمل بدرجة كبيرة. كما أن مزاعم المبعوث الأممي عبدالله باتيلي إجراء الانتخابات في 2023 يبدو غير واعد. وفيما ينتظر المجتمع الدولي التطورات، فإن الأمر يتوقف على الليبيين أنفسهم لتحديد مسار العملية السياسية.