السويداء تنتفض لسوريا.. عن التوقيت والأسباب
سرقت محافظة السويداء السورية الأضواء إثر ارتفاع منسوب الاحتجاجات فيها ضد الانهيار الاقتصادي، واتخاذه بعداً سياسياً، وصل حدّ المطالبة، للمرة الأولى، بإسقاط بشار الأسد ونظامه، بالتزامن مع الدعوة إلى إضراب عام في سابقة أخرى موازية. وطرح التصعيد الاستثنائي اللافت، في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، علامات استفهام عديدة حول توقيته وحجمه، فمنذ اندلاع الثورة، طالبت محافظات عديدة باسقاط النظام، فيما ثارت السويداء بصمت.
واشتدت وتيرة الاحتجاجات وسط مدينة السويداء، مركز المحافظة، يوم الثلاثاء، مع تلبية عدد كبير من المواطنين الدعوة إلى التجمع في ساحة السير،, علماً أن مدن وقرى السويداء، شهدت خلال السنوات الماضية، حالة من عدم الاستقرار، حيث برزت دعوات متكررة منددة بتدهور الأوضاع المعيشية، وأصدر قادة دروز بيانات مناهضة للسلطة، أما في ديسمبر/كانون الأول من عام 2022 فاستعادت المحافضة شعار الثورة وسجلت عصياناً على النظام.
تجدر الإشارة إلى أن القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في 18 ديسمبر/كانون الأول عام 2015، شكل مدخلاً لحل الأزمة السورية بالطرق الديبلوماسية والسلمية بعيداً من الحل العسكري، غير أنه جوبه بالرفض من قبل الأسد لأسباب قيل إنها تتعلق بتشكيل هيئة حكم انتقالي تدير البلاد قبل الوصول إلى الانتخابات وبناء هيكلية قانونية ودستور جديد.
لماذا السويداء؟
عن سبب التصعيد الأخير في السويداء، يشرح مسؤول تحرير موقع "السويداء 24" ريان معروف لـ"جسور" أن "الشارع أدرك استحالة أن تتحسن ظروفه المعيشية والاقتصادية المتدهورة من دون حل سياسي".
وأضاف "المواطنون يعلمون أن النظام رهن البلد لقوى أجنبية وتحديداً إيران وروسيا، بعد أن نهب خيراته، بالتالي الحل الوحيد لاخراج سوريا من محنتها المستمرة منذ اثنتي عشر عاماً يكمن في التغيير السياسي".
وعن خطوة السويداء الجريئة وتوقيتها أكد الصحافي "أن المحافظة تعيش حالة خاصة منذ عام 2011 "لقد كانت بمنأى عن الصراع فبات الطوق الأمني ضعيفاً فيها بخلاف المناطق الأخرى التي شهدت ثورة كحمص وحماه وحلب وريف دمشق وتعرضت للقصف الشديد وإلى عمليات تهجير وترزح اليوم تحت قبضة أمنية مشددة".
لا تقسيم
في المقابل، نفى معروف بشكل قاطع أي اتجاه لدى الثوار نحو المطالبة بالتقسيم على أنواعه "الشارع يقول بصوت عالٍ إن الشعب السوري واحد ويرفع شعارات "لا للتقسيم"" وأكد أن جل ما يطالب به الأخير "التغيير السياسي لكل السوريين لأن سوريا بأكملها تعاني اليوم والسويداء جزء لا يتجزأ من سوريا".
وشدّد على أن ما يحدث شأن سوري بحت "أهل السويداء يرفضون أي مطالب خاصة لهم وللطائفة الدرزية" موضحاً أن كافة المظاهرات تطالب بتطبيق القرار 2254 إذ ترى فيه مخرجاً سلمياً للبلد.
مخاوف النظام
في المقابل، اعتبر معروف أن النظام السوري يحاول تفادى الصدام مع المحتجين حتى الآن خوفاً من ايقاظ المارد "إنه يعلم أن أي رد فعل على المظاهرات اليوم سيؤدي إلى انتفاضة عارمة في السويداء وإلى ثورة بكل ما للكلمة من معنى داخلها".
غير أنه لم يستبعد إمكانية قيام الأخير باجراء أمني أو عسكري ضدهم "النظام السوري هدم البلد فوق رؤوس السوريين منذ عام 2011، بالتالي لا مشكلة لديه في الوصول إلى أبعد الحدود في قمع الاحتجاجات".
وإذ كشف معروف أن عشائر البدو شاركوهم في الاحتجاجات الأخيرة، أمل أن تتوسع رقعة الاحتجاجات لتشمل كافة المناطق رغم التحديات، لافتاً إلى "خروج احتجاجات من مدينة جرمانا للمرة الاولى منذ عام 2011 ومن درعا أيضاً" معيداً التأكيد "لولا تخوف السوريين من القبضة الأمنية المشددة لكان كل السوريين نزلوا إلى الشارع".
وفي الختام أبدى معروف شكوكاً في قدرتهم كثوار على إسقاط الأسد "توقعنا منذ بداية الثورة سقوط الاسد لكننا لمسنا بكل أسف تخاذلاً دولياً مع النظام السوري ربما لا يزال موجوداً" مبدياً عدم قدرته على التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه الأمور.