صحف..
المملكة أضحت لاعبًا دوليًّا

"أرشيفية"
باتت المملكة العربيّة السعوديّة اللاعب الإقليمي الذي لا يمكن تجاهله في منطقة الشرق الأوسط. كما أنّ هذا الدّور الذي فرضته جعلها لاعبًا جوهريًّا في الميدان الدّولي، ولا سيّما مع سياسة ورؤية واضحة لوليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان. هذا القائد الشاب الذي لا يرى في الصراعات سبيلاً للسيطرة، بل هو يؤمن بثقافة السلام وتمتين أواصر التواصل بين دول المنطقة خاصّة ودول العالم عامّة لتحقيق المصلحة الانسانيّة المشترَكَة.
من هذا المنطلق، تَلِجُ المملكة باب السياسة الاقليميّة والدّوليّة. فهي في الميدان الاقليمي حاولت وما زالت تحاول أن تحقّق شعار صفر مشاكل في المنطقة، لتستطيع هذه القيادة أن تنتقل إلى الاستثمار في الاقتصاد والبنيان والتطوّر والتقدّم. وما القرارات التي تمّ اتّخاذها وتنفيذها مؤخّرًا في المملكة إلا دليل على هذه الاستراتيجيّة.
المملكة وسيط سلام دوليّ
وفي هذا السياق كان لموقع جسور عربيّة حديث مع الدّكتور" سامي المرشد" الباحث السعودي في العلاقات الدّوليّة، ومدير مكتب تنمية الاتّصالات بالاتّحاد الأوروبي في جنيف سابقًا، وعضو جمعيّة العلوم السياسيّة في المملكة حول المبادرة السعودية للسلام في أوكرانيا التي عززت محاولة المملكة لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات، فيرى المرشد بأنّ "المبادرة السعودية لحلّ الأزمة الأوكرانية توّجت بالاجتماع الدّولي بحضور أكثر من 40 دولة من أنحاء العالم بما فيها الصين، وهي نقطة تحوّل في محاولة معالجة هذه الأزمة الخطيرة."
أمّا بالنسبة إلى دور المملكة العربيّة السعودية بسياستها المتوازنة وبثقلها الاقليمي العربي والاسلامي والعالمي فيشير المرشد إلى أنّها " كانت دائما تساهم في رأب الصدع بين المتحاربين، وإنهاء الكثير من الحروب في المنطقة العربيّة وفي شمال أفريقيا والقرن الافريقي وأفغانستان." ويوضح المرشد بأنّ " المملكة لا تحبّذ سياسة المحاور، وهي تمدّ يد العون للجميع، وليس لها أهداف توسّعيّة في العالم، ولا تخفي أيّ أجندات. لذلك هي نالت احترام العالم." ويستعيد المرشد في حديثه لموقعنا كيف قام رؤساء دول عظمى مثل الرئيس الفرنسي بالطلب من سموّ وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان أن يبذل جهوده لمحاولة حلّ الأزمة بين كلّ من روسيا وأوكرانيا وروسيا وحلف النّاتو بطرق سلميّة التي تخدم مصالح العرب والعالم أجمع.
ومن الواضح أنّ هذه المبادرة قد نالت استحسان العالم، وأجمعت الدول كلّها، بحسب ما يفيد المرشد "أنّ المملكة العربيّة السعوديّة هي الطرف المقبول من الأطراف كافّة. وهذا ما ثبت للعيان منذ بداية هذه الأزمة من خلال عمليّات تبادل السجناء." ويؤكّد المرشد أنّ هذه المسألة قد "عزّزت دور المملكة لأنّ هذه الأزمة هي الأكبر عالميًّا منذ الحرب العالميّة الثانيّة، لأنّها تهدّد العالم ونأمل بأن تكلّل مساعي المملكة وشركائها بإنقاذ العالم أجمع من هذه الأزمة الأمنيّة والغذائيّة والكارثيّة والاقتصاديّة على دول العالم كلّه."
المملكة تسعى لنظام عالمي جديد
وبدا لافتًا في الموضوع الدّولي الانفتاح الذي أبدته من الممكن الرياض مع الهند أو البرازيل، لتعمل كفريق مع هذه القوى المتوسطة، وفيما إذا كانت تطمح المملكة ليكون لها تأثير على المسرح العالمي مع هذه المجموعة الدّوليّة كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة يفيد المرشد بأنّ "المملكة العربيّة السعوديّة هي من الدّول المهمّة المعروفة في العالم التي كانت دائمًا تطالب بإعادة هيكلة النّظام الحالي لمنظّمة الأمم المتّحدة بعد الحرب العالميّة الثانية."
ويوضح المرشد أنّ المملكة ترى أنّ هذا النّظام الدّولي "تمّ تفصيله ليتناسب مع مصالح الدّول المنتصرة في هذه الحرب العالميّة الثانية." ويعبّر المرلشد بوضوح تامّ عن عدم رضى المملكة على مجلس الأمن. ولا يكشف سرًّا إذ يقول إنّها "الدّولة الوحيدة التي رفضت عضويّة المجلس بالرّغم من تصويت 187 دولة لها، وهذا كان رقم تاريخي لأيّ دولة من الدّول غير الدّائمة العضويّة التي يصوّت على دخولها لعضويّة المجلس لمدّة عامين.
ويعلّل المرشد عدم مشاركة المملكة " لأنّ هذا المجلس لم ينصف العرب يومًا بقضاياهم وأزمات المنطقة منذ أزمة فلسطين وكلّ الأزمات التي تلتها حتّى الأزمة السوريّة. ومبالغة روسيا باستخدام قانون النقد الفيتو لحماية النظام السوري وإيران وكلّ الجرائم التي حصلت في سوريا والعراق ولبنان." فهذا الموقف كان محسوبًا للمملكة. لذلك يؤكّد المرشد بأنّها "مع إعادة هيكلة النظام العالمي، وتسعى لأن تكون عضوًا فاعلاً في كلّ الجهود التي تؤدّي إلى خلق هذا التوازن على المسرح الدّولي."
المملكة لن تنحاز ضدّ الغرب
كذلك يوضح المرشد أنّ طلب المملكة للدخول كمراقب بعضويّة مجموعة البريكس مع الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا " لا يعني أنّها تنحاز ضدّ الغرب الذي تملك علاقات وشراكات استراتيجيّة معه، وهي بالطبع ستحافظ عليها. ولكنّها في الواقع تريد إحلال التوازن في السياسة الدّوليّة واعتماد سياسة الكيل بمكيالين؛ ولا سيّما في القضايا التي تتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط بشكل خاصّ وفي العالم أجمع بشكل عام." فهي من هذا المنطلق تشارك مع هذه الاقتصاديّات الكبيرة التي تشكّل حوالي ال 40 % من اقتصاد العالم. وعدد كبير من سكّانه. هكذا يرى المرشد. ويوضح أنّ "حضورها سيكون ضروري ولكن ليس على حساب مصالحها علاقاتها مع دول الغرب. فالمملكة لا تؤمن في إقامة محاوز عدم انحياز أو غيرها فهي تعمل وتهتم باستقلال وحرّيّة من حيث الحفاظ على قرارها مع الأطراف كافّة."
في المحصّلة
تلعب المملكة على ميزان التوازن الاستراتيجي في العلاقات الدّوليّة. فهي لا تريد المشاكل مع أيّ طرف، محلّيًّا كان أم إقليميًّا أم دوليًّا. ولعلّ ذلك ناجم من إيمان وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان بضرورة العمل على استثمار الخحدّ الأقصى من قدرات المنطقة وثرواتها الطبيعية.