السلام المؤقت في عين الحلوة: بين مطالب التسليم وأمان المخيّم

"أرشيفية"
لم يبدد بيان هيئة العمل المشترك وإعلانه تسليم المتورطين في اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه، ما أشعل الاشتباكات المسلحة بين الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح من جهة والتنظيمات والمجموعات الارهابية من جهة أخرى في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان.
مرّ أسبوعان على انتهاء الاشتباكات المسلحة ولا تزال الأطراف كافة تسعى الى تدشين مواقعها وتعزيزها فيما لم يطمئن اللاجئون الفلسطينيون في المخيم لجهة عدم تكرار المعارك الشرسة وسيناريو تشريد المواطنين من منازلهم، ناهيك عن الخسائر المادية.
وبالتزامن مع وقف اطلاق النار، عقدت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة صيدا اجتماعًا لمناقشة نتائج اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك للقوى الوطنية والإسلامية في لبنان الذي عقد منذ أيام في سفارة دولة فلسطين في حضور السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وممثلين عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب أسامة سعد.
اجماع فلسطيني لبناني
كما ناقشت خلاصة نتائج التحقيق المكلفة من المجتمعين، وأصدرت بيانًا أكدت فيه إجماعها على "تسليم المتهمين بارتكاب جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه"، مدينة "هذه الجريمة النكراء بحق العرموشي ورفاقه"، وشددت على "تثبيت الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة".
وأكد المجتمعون "التزام المنظمة بنتائج الاجتماع المشترك الذي أجمع على تسليم المتهمين بجريمة الاغتيال. هذا وتم تأكيد قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك في 30 تموز بتسليم قاتل فرهود"، وشدد المجتمعون على "التحقيق في كشف جريمة اغتيال محمد عبد الرازق الذي تم تصفيته في منزله داخل المخيم."
تخبط في آلية تسليم المطلوبين
لم يشر اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك الى تفاصيل ما توصلت اليه لجنة التحقيق حيال أسماء المتورطين في عمليات الاغتيال، بل اكتفى بتحديد آليات متابعة تبدأ بتسليم المشتبه بهم بجريمة الاغتيال.
وسط هذه الأجواء، مصادر سياسية حضرت اجتماع السفارة الفلسطينية نقلت لـ"جسور" أنّه تم تقديم تسعة أسماء لقيادة الجيش اللبناني وللأجهزة الأمنية اللبنانية متورطة في حوادث الاغتيال، منهم خمسة غير فلسطينيين من تنظيم الشباب المسلم ومجموعة جند الشام فيما جميعهم متهمين بتنفيذ عمليات ارهابية على الاراضي اللبنانية منها استهداف القوات الدولية "اليونيفيل " والجيش اللبناني، وعمليات اغتيال داخل مخيم عين الحلوة وخارجه.
اغتيال العرموشي
وأضافت المصادر السياسية أنه منذ عام 2017 توعدت المجموعات المتشددة في عين الحلوة اللواء أبو أشرف العرموشي الذي قاد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم والذي أصبح يمثل خطرًا على الجماعات التكفيرية.
هذا واستطاع العرموشي ومقاتلو حركة فتح تطهير حي الطيري في المخيم أحد معقل تنظيم جند الشام بقيادي الارهابي المطلوب للقضاء اللبناني "بلال بدر" الذي بايع سابقًا جبهة النصرة في سوريا وقاتل في صفوفها وثم لجئ إلى حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة الذي يسيطر عليه تنظيم "شباب المسلم " بقيادة الارهابي المطلوب "هيثم الشعبي" والذي أمن مأوى للإرهابي المطلوب " شادي المولوي" قبل فراره الاخير الى سوريا والقتال في صفوف جبهة النصرة الارهابية .
وتابعت المصادر أن قوات الأمن الوطني سيطرت على حيي الطيرة ورأس الأحمر الملاصقين لحي الصفصاف، المعقل الرئيس لعدد من المتشددين والمطلوبين والمواجه لحي المنشية الذي يخضع لمجموعة الارهابي المطلوب "محمود منصور".
وأشارت الى أن بعد مشاورات عدة بين الجماعات الارهابية التكفيرية، صدر قرار بفتوى دينية باغتيال اللواء أبو اشرف العرموشي ورفاقه
وبعد ذلك تم الهجوم على مراكز الأمن الوطني ومقار ومكاتب حركة فتح حيث دارت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني ومقاتلي حركة فتح من جهة والمجموعات الإرهابية من جند الشام بقيادة بلال بدر، والشباب المسلم بقيادة هيثم الشعبي، وكتائب عبدالله عزام بقيادة محمود منصور من جهة أخرى.
واستخدم في الاشتباكات مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون فيما تركزت في أحياء الطوارئ والتعمير وبستان القدس والبركسات وحطين وجبل الحليب في مخيم عين الحلوة وامتدت لخمسة أيام.
وكان المطلوب من المجموعات الإرهابية دحر قوات الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح والسيطرة على المخيم ليصبح إمارة من إمارات التنظيمات المتشددة التكفيرية الإرهابية.
خطط تحت الطاولة!
إلا أن خبراء أمنيين متابعين لملف الاسلاميين المتشددين في مخيم عين الحلوة صرحوا لـ"جسور" عن وجود خطط تحت الطاولة لدى التنظيمات والمجموعات الارهابية التكفيرية المتشددة في المخيم للمضي بمخطط التفجير لخدمة اجندات خارجية، وأوضحوا ألا نية لديهم بتسليم أنفسهم للجنة التحقيق الفلسطينية ولا للقضاء اللبناني.
وأضافوا أن ما يزيد الطين بلة أن هذه المجموعات تتواصل مع بعض السجناء في سجن رومية والذين تصنفهم السلطات اللبنانية بـ"الأكثر خطورة" بينما بعضهم ينتمي الى جماعات إرهابية تكفيرية متشددة، ناهيك عن تنسيق هذه مع قيادات اسلامية متشددة في سوريا والعراق
ولفت الخبراء الى أن أحياء المخيم الفقيرة باتت ملجأ المقاتلين المتنقلين بين لبنان وسوريا والعراق، في ظل تمددت التنظيمات المتشددة في عين الحلوة وتصاعد نفوذ الإسلاميين المتطرفين في سوريا والعراق. هذا ورجحوا أن تبدأ المعركة الحاسمة بعدما يرفض المطلوبون أي حل سلمي.
ساعات حاسمة
واستطرد الخبراء أن قوات الامن الوطني الفلسطيني وحركة فتح يمثلان الاعتدال وفرض الأمن والأمان، وتعملان على محاصرة المجموعات الإرهابية كافة لضمان استقرار كل من يتواجد داخل عين الحلوة.
أما الأسماء المتهمة بعملية اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا ابو اشرف العرموشي ورفاقه الشهداء فهم:
عز الدين ابراهيم ابو داود (فلسطيني).
عمر فايز الناطور (فلسطيني).
محمد ابو بكر ذوت (لبناني يحمل جنسية افريقية).
محمود علي عزب الملقب بالفولز (فلسطيني).
فراس درويش الملاح (لبناني).
عبد شهاب قدور (لبناني).
عثمان اسماعيل تكريتي (لبناني من عكار).
مصطفى احمد الاحمد الملقب بالعاجوري (فلسطيني).
ويتمسك سكان المخيم بحق العودة الى فلسطين المحتلة وحسن الجوار مع المناطق اللبنانية المحيطة بالمخيم، ومن المتوقع أن تشن المجموعات الارهابية هجومًا مباغتًا ضد مقار قوات الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح لخلط الأوراق في محاولة لفرض حل جديد. وتبقى الأنظار شاخصة الى الساعات المقبلة والسؤال هل ستفضي أيام التوتر الأخيرة في المخيم إلى حل جذري وحاسم؟