صحف..

الحوثي – إيران.. مئات الملايين تُصرف على "غسل الدماغ"

"أرشيفية"

فرنسا

تعتبر أزمة اليمن "أكبر كارثة إنسانية في القرن الـ21" بحسب الامم المتحدة. يحتاج أكثر من 80% من السكان إلى المساعدة. لن نطيل بالأرقام التي باتت معلومة للجميع إلا أنّ المؤسف أن نرى وسط هذه المأساة جماعة تصرف مئات الملايين حتى لا نقول المليارات على ورشات تدريب للتعبئة المذهبية فيما الشعب يحتاج كل دولار ليأكل ويشرب ويطبّب. 

فبالعودة إلى عام 2019، حتى لا نذهب بعيدا، فرضت قيادة ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً إقامة دورة تعبئة مذهبية وعقائدية تستهدف معظم وزراء حكومة الانقلاب، في مسعى منها لفرض مشروعها الطائفي على اليمنيين كافة في صنعاء ومناطق سيطرتها. تؤكدمصادر يمنية لـ"جسور" أن جميع وزراء ووكلاء وزارات حكومة الانقلاب الحوثية، باستثناء الهاشميين، يخضعون لما تسمى "دورة ثقافية" بتوجيه من زعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي.

ووفق المعلومات فإنّ هذه الدورات كانت ولا تزال تُنفذ بإشراف أذرع إيران في اليمن، ومن بينهم "سيدي عبد العالم" بحسب المصدر. 

تضيف المصادر أنّ هذه الدورات التي تقام للمسؤولين في سلطة الانقلاب مثل الوزراء وأعضاء مجلس النواب والقيادات العسكرية تهدف لإخضاعهم للفكر الطائفي لجماعة الحوثي وترسيخ مبدأ ولاية الفقيه. يرى مراقبون أن الدورات الطائفية الحوثية تهدف إلى غسل الأدمغة، فيما ينقل عن المصدر أنّ "زعيم الانقلاب عبدالملك الحوثي يعتقد أن لديه شرعية إلهية وأن الله اصطفاه للحكم، لذلك لا تعنيه المؤهلات العلمية بقدر ما يعنيه الانتماء لشريحة الهاشميين، وهو الأمر الذي يسعى لترسيخه من خلال الدورات الطائفية".

وحتى لحظة كتابة هذا المقال، لا تزال الدورات المقامة مستمرة في منطق سيطرة الحوثيين وفي العاصمة صنعاء خصوصا ويتم تخصيص مبالغ هائلة لإقامتها. تنظم مليشيا الحوثي مئات "الدورات الثقافية" كما تسميها في مناطق سيطرتها بشكل مكثف، وتشمل المكاتب التنفيذية بالمحافظات والمديريات والموظفين الحكوميين في وزارة التربية بشكل خاص، بالإضافة إلى "عُقّال الحارات".

كما تجبر الميليشيات المعلمين في عدد من المحافظات على المشاركة في الدورات الطائفية بعد تهديد الحوثيين بإسقاط أسماء المتغيبين من كشوف المرتبات وهو ما تسبب قبل فترة في إيقاف العملية التعليمية لمدة أسبوع. وتسعى مليشيا الحوثي لتوريط المعلمين في عمليات غسل أدمغة طلاب المدارس وتعبئتهم بالأفكار العقائدية والمذهبية تمهيدا للزج بهم في جبهات القتال.

 وقبل أيام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تم تسريب وثيقة تؤكد صرف أكثر من 11 مليون ريال نفقات دورة ثقافية طائفية واحدة وكانت لترويج أفكار الحوثي في البيضاء. فكم من دورات على هذا الشكل تقام وتصرف عليها الملايين حتى قد يصل المبلغ إلى الميليارات على مدار السنوات فيما الشعب في فقر مدقع.  

وكشفت الوثيقة الرسمية المتداولة حجم إنفاق سلطات المليشيا الحوثية على ما تسميها الدورات الثقافية لترويج سلسلة محاضرات لزعيم التمرد عبد الملك الحوثي.

الوثيقة الموقعة من قبل مدير البحوث والتدريب في السلطة المحلية لمحافظة البيضاء التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، تضمنت طلباً بصرف مبلغ 11 مليوناً و656 ألف ريال كنفقات لهذه الدورة التي خصصتها سلطات المليشيا في البيضاء للموالين لها المعينين بمناصب وكلاء المحافظة ومديري مكاتب تنفيذية ومديري عموم المديريات، بإجمالي 63 شخصاً.

وأشارت الوثيقة إلى أن هذه الدورة سبق تنفيذها خلال عشرة أيام، وأن ما تم صرفه على الدورة في حينه خمسة ملايين ريال كعهدة، بينما تطالب الوثيقة بالمبلغ المتبقي بأثر رجعي، وهو ما يكشف حجم الفساد في الإنفاق على مثل هذه الفعاليات الطائفية.

وفي تفاصيل الوثيقة التي تضمنت بياناً للمصروفات في أربعة بنود فقط، وصل المبلغ المخصص لتغذية المشاركين خلال ثمانية أيام فقط، 9 ملايين و576 ألف ريال، وبدل تنقلات بمبلغ مليون و40 ألف ريال، وبند القرطاسية 680 ألف ريال، وبند الإعداد والخدمات 360 ألف ريال. وحملت الوثيقة توجيهاً بخط اليد إلى مدير عام المالية بالمحافظة بصرف المبلغ.

بالخلاصة هذه واحدة من آلاف الدورات التي تم تنظيمها لغسل أدمغة اليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيات، وإذا كانت هذه وحدها بـ11 مليونا فكم سيكون الملبغ الإجمالي على مدى كل هذه السنوات فيما الشعب يعيش أكبر مأساة في العالم في التاريخ الحديث منذ الانقلاب الحوثي واندلاع الحرب.