كركوك..
"قدس" الكُرد تعود لحضن كردستان!

"أرشيفية"
كركوك قلب كوردستان كما وصفها مسعود بارزاني، و قدس الاكراد كما وصفها الراحل جلال طالباني، يجمع أغلب العراقيين إنها من أكبر المشاكل المزمنة المُرحلّة منذ 2003 ولغاية يومنا هذا.
وتمتد مشكلة كركوك الى عقود عندما حاول النظام العراقي السابق تعريب هذه المدينة وإسكان المزيد من العرب فيها كون ان هناك عرباً اصلاً فيها، وبذلك يتم التغيير الديموغرافي الذي كان يعمل عليه نظام صدام حسين، حتى أنه سمى هذه المدينة باسم التأميم بدلاً من كركوك الاسم التاريخي الذي عُرفت به !
كركوك.. برميل البارود
ورد في دستور 2005 المادة رقم 140 كحل لمشكلة كركوك وما يسمى المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والمحافظات المجاورة له (نينوى وديالى وصلاح الدين). وتعرف المادة 140 من الدستور بأن المناطق المتنازع عليها في العراق تلك التي تعرضت للتغيير الديمغرافي وسياسة التعريب على يد نظام صدام حسين.
ويعتبر الأكراد أن المادة 140 هي خريطة الطريق الوحيدة لحل مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها، فاستمر الكُرد بالضغط على باقي الأطراف المعنية في الدولة العراقية مطالبين بتطبيقها في مختلف الأوقات، ولكنهم بموازاة ذلك عملوا على فرض الأمر الواقع في تلك المناطق، مستغلين الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، حتى عام 2017 عندما حسم العبادي الصراع واعاد السيطرة على المدينة عبر عملية عسكرية باردة لا دماء فيها !
في الجانب الآخر، اعترض العرب والتركمان على المادة 140 من الدستور العراقي، ويقولون اليوم إن عمرها الافتراضي قد انتهى بعدم استطاعة الحكومات المتعاقبة على تطبيقها فعلياً .
ويتهم العرب والتركمان منذُ سنواتٍ عدة ، الأحزاب الكردية بالضغط على السكان العرب بالذات وإخراجهم من كركوك و الاتيان بمئات الآلاف من الأكراد للسكن في تلك المناطق لتغيير هويتها الديمغرافية كما فعل صدام بهم ذلك قبل عقود، وبالتزامن مع هذا شهدت المدينة خلال سنوات طويلة عمليات اغتيال متبادلة بين المكونات أدت الى زيادة الاحتقان السياسي والشعبي فيها.
عودة الأحزاب الكردية لـ كركوك وتشكيل حكومة السوداني
ضمّن محمد شياع السوداني ضمن منهاجه الوزاري إبان تشكيل حكومته في أحد البنود "حق ممارسة جميع الأحزاب الكردية نشاطها وفعالياتها السياسية الدستورية في نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، و إخلاء مقرات الاحزاب التي تم اشغالها من قبل الآخرين"
ومن الطريف فعلاً، أن المنهاج الوزاري للسوداني المليء بالوعود للشعب العراقي، لم يُنفذ منه بندٌ واحد، عدا هذا البند بالفعل والذي يخص كركوك والأحزاب الكردية فقط ! ويرى مراقبون أن السوداني بتطبيق هذه الفقرة من المنهاج الوزاري قد نفذ للكرد شرطهم الأزلي لتشكيل حكومته وحتى الحكومات السابقة، وهو شرط تطبيع الأوضاع في كركوك لصالح الاكراد، وبذلك لم يتبقَ من شروط شركاء الحكم الكرد والسُنة، إلا تنفيذ اتفاق سن قانون العفو العام الذي يطالب به المكون السني منذ سنوات وأصبح اليوم قاب قوسين أو أدنى
وذلك لحفظ حكومة السوداني من الارباكات التي قد يتعرض لها نتيجة معارضة أحد شركاء الحكم في حال عدم تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي التي على أساسها تم المضي بتشكيل الحكومة، خاصةً مع غياب السيد مقتدى الصدر الذي يتوقع الإطار التنسيقي بأنه متربص بحكومة السوداني و يتحين الفرصة للانقضاض عليها شعبياً في حال استمرار فشلها، خصوصاً في حال اصطفاف أحد شركائه السابقين معه وهم حزب برزاني او حزب الحلبوسي كما يتخيل الإطار هذا السيناريو في حال عدم تنفيذ مطالبهم .
سيناريو مرتبط بإيران!
يرى السياسي العراقي والمتحدث الرسمي باسم حركة وعي حامد السيد أن موضوع كركوك مرتبط بإيران ونفوذها في العراق، وفي تصريح لـ"جسور" قال السيد: لا شك أن قضية كركوك سياسية، وإزاحة القوى الكردية من هذه المدينة كان لغايةٍ سياسية وهو تقويض سلطة مسعود برزاني ومحاصرة نفوذه من قِبل الايرانيين في ذلك الوقت . ويضيف السيد: بعد الاتفاق بين الكُرد والإطار على تشكيل حكومة السوداني، كانت هناك ضمانات يجب على الإطار التنسيقي تقديمها من أجل المضي بتشكيل هذه الحكومة، وتبين للجميع من خلال المنهاج الوزاري للسوداني بأنه بالفعل قد تعهد بعودة الأحزاب الكردية للعمل في المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك وتوفير الحماية اللازمة لهذه القوى السياسية .
ويذكر السيد، بأن كركوك أصبحت ضمن معادلة دولية وهناك يبدو شبه اتفاق بين ايران وكردستان وحكومة المركز في بغداد، على تجفيف منابع الأحزاب الكردية المعارضة لإيران وإبعاد هذه الأحزاب عن الحدود مع إيران وسحب سلاحها .
تطلب هذا الأمر كما يقول السيد، أن تقوم حكومة المركز بتقديم ضمانات سياسية لإعادة تموضع الحزب الديموقراطي الكردستاني لما كان عليه قبل عام 2017 في كركوك خاصةً وأيضاً باقي المناطق المتنازع عليها.
شكل الاتفاق
ووفق حامد السيد، سيتكفل الحزب الديمقراطي الكردستاني بنقل الأحزاب المعارضة الايرانية الكردية من حدود إيران الى مناطق حدود غرب العراق في الأنبار وذلك بالتعاون مع حكومة المركز، بمقابل ذلك ستشارك القوى الكردية الاسايش والبيشمركة بإدارة الملف الأمني في كركوك لضمان تأمين وحماية إعادة الدور السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذين سيعود ساسته وكوادره للمحافظة للبدء بعملية سياسية واجتماعية وتثقيفية إستعدادا للانتخابات المحلية لمجالس المحافظات "إن كانت هناك انتخابات بالفعل" كما يقول السيد!
اتفاق مشبوه
ينتقد حامد السيد الاتفاق الجديد ويعتبره مشبوهاً وصفقة سياسية جديدة على حساب مصلحة الشعب العراقي في هذه المناطق وغيرها، وتلاعب بمصير المحافظات العراقية، وللفاعل الاقليمي المتمثل بالدور الايراني في العراق دور بارز في تحديد هوية هذه المحافظات.
أما ما قيل سابقاً من حديث وشعارات بأن كركوك مدينة عراقية ونفطها حق للعراقيين أجمع وليس للكرد فقط، أصبح واضحاً أن هذه الشعارات يتم التنازل عنها في حال تطلب الأمر، وذلك من أجل تثبيت معادلة حكم الإطار التنسيقي إن كان الاتفاق بين القوى الكردية والإطار، ضامناً لاستقرار العملية السياسية".