من دروز سوريا الى العالم: الثورة لم تمت والأسد مجرم!

"أرشيفية"
لعبت الطائفة الدرزية دورًا هامًا في تشكيل تاريخ بلاد الشام، وتصدر الدروز خطوط الدفاع لمحاربة الاحتلال الفرنسي لسوريا عام 1925، حين أشعلوا نيران ثورة سوريا الكبرى ضد الفرنسيين الذين سيطروا على سوريا عام 1921 .
فقد كان سلطان باشا الأطرش أسطورة المقاومة و أيقونة ثورة سوريا الكبرى، وتحول من خلالها لقائد تاريخي، بعد أن قاد جموع الثوار آنذاك ضد الاحتلال الفرنسي، مسجلًا مواقف تاريخية مثل رفض عرض الفرنسيين بتأسيس دولة خاصة بالدروز وزهد السلطة والمناصب ، غير عابئ بقصف منزله في بلدة السويداء السورية .
الحكمة والنخوة الدرزية
منذ بدايات الحراك الشعبي في سوريا، الذي تحول إلى حرب ضروس، كانت المناطق الدرزية في الجنوب السوري وعلى رأسها محافظة السويداء تعتبر من مناطق سوريا الآمنة. فقد لجأ إلى السويداء عدد كبير من سكان درعا السنية ومحيطها ووصل عدد النازحين إلى المناطق الدرزية السورية إلى أكثر من 15000 نسمة، حتى من الذين كان أبناؤهم يقاتلون في صفوف المعارضة المسلحة، وفي ذلك الوقت توصل وجهاء ومشايخ السويداء الدروز إلى تفاهم مع المعارضة السورية المسلحة في بدايات تشكيل الجيش السوري الحر لتحييد المنطقة من الأعمال العسكرية.
القيادات التاريخية لطائفة الموحدين الدروز في لبنان معروفة بصلاتها العائلية التاريخية والسياسية الوطيدة مع دروز سوريا، منهم اتخاذ مواقف مؤيدة للنظام السوري ولبشار الأسد، كما هي حال المير طلال إرسلان، وكما الوزير السابق ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، أما من سجل موقفا تاريخيا ودعا الى اسقاط بشار الاسد ومحاسبة النظام السوري ، الزعيم وليد بك جنبلاط والذي يمتد زعامته من لبنان الى فلسطين الى سوريا .
خيار دروز سوريا رغم كل المآسي والصعوبات
انطلقت الاحتجاجات الأخيرة في محافظة السويداء بينما يسعى بشار الأسد لإنهاء عزلته الدولية، ذات الغالبية الدرزية والتي تشهد منذ سنوات تحركات متقطعة احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية ورفضا للنظام ورموزة .
يعتبر بعض المراقبين أن طائفة الموحدين الدروز في سوريا نجحت بالبقاء على الحياد ولم يدخلوا حلبة الصراع، لكن انخرط عدد قليل من شبابهم في صفوف المعارضة السورية المسلحة.
وفي حديث لـ"جسور"، يقول قيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، لم يكن الدروز خارج سياق المواجهة أو الثورة منذ عام 2011 ، العديد من التحركات كان الجزء الأساس والفاعل فيها، إن كان على مستوى التحركات الشعبية أو العمل السياسي.
وأضاف القيادي الاشتراكي، القول إن الدروز دخلوا اليوم إلى الثورة وهو أمر مجحف بحق كل ما تم القيام به منذ عام 2011 وبحق الشهداء الذين قضوا والمعتقلين والمضطهدين. وكل ما يجري في سوريا هو كل متكامل لا تمييز فيه بين منطقة وأخرى ومذهب أو طائفة وأخرى. أي تمييز من هذا النوع يحقق هدفا أساسياً للنظام السوري وهو التفرقة والتطييف. كل الشعب السوري بما فيه الموحدون الدروز في سوريا انتفضوا منذ العام 2011 ولا زالوا اليوم يثبتون أن هذه الثورة حية .
الدروز ودورهم التاريخي
واعتبر القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي أن كل محافظة سورية كانت تتحرك منذ العام 2011 بتوقيت مختلف عن باقي المحافظات وتشهد هذه المنطقة أو تلك تصاعدا في وتيرة الثورة أو انخفاضا تبعاً للظروف والامكانيات وقدرة التحرك وتعامل النظام معها. اليوم السويداء تتحرك صحيح، ولكن معها تتحرك مناطق أخرى في سوريا. ومنذ البداية كل المناطق السورية كانت تضم من يتفاعل ويتحرك ويشارك، وفي الوقت نفسه من فضلّ عدم المشاركة، وهذا طبيعي في كل ثورات شعوب العالم.
لا شك أن هناك جملة متغيرات في سوريا، إذ كل المساعي التي تم القيام بها منذ عام 2011 والمبادرات الدولية والعربية وغيرها لم تؤت نتيجة، لذلك الناس في سوريا محبطون من جديد، وهناك انسداد في أفق الحياة لديهم وانسداد في الحلول وانسداد في الواقع الامني والسياسي والمعيشي على السواء، فكانت هذه الاندفاعة المتجددة للشعب السوري .
وختم القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي ، يجب أن ينجح كل الشعب السوري، بكل أطيافه.. يجب أن تبقى التضحيات واحدة، والنضال واحد، والشعب السوري واحد. وسينتصر مهما طال الزمن.
سياسة الحياد من أجل الحفاظ على البقاء
وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ في القانون الدولي المحامي أمين بشير، حاول ونجح الدروز في سوريا بالبقاء على الحياد ولم يدخلوا حلبة الصراع، أقله علانية بادئ ذي بدأ. حتى اتهموا بانضمامهم الى حلف الأقليات في المنطقة الى جانب العلويين في سوريا .
ومنذ بدايات الحراك الشعبي في سوريا، وحتى الساعة كانت المناطق الدرزية في الجنوب السوري وعلى رأسها محافظة السويداء من مناطق البلاد الآمنة. وقد انقسم مشايخ الدروز الثلاث بين شيخين مع النظام مقابل شيخ واحد مع المعارضة واليوم أصبح المشايخ الثلاثة جميعهم مع التحرك الشعبي المعارض للنظام وهذا الأمر الملفت والمتغير الأكيد في المجتمع الدرزي .
وأضاف بشير، وبالرغم من نأي الطائفة الدرزية السورية في السابق بنفسها عن الحرب المستعرة في سوريا إلا أن تحول الصراع في سوريا واتخذ وجهه الطائفي فتغيرت المعادلة ما دفع بالدروز نحو الخيار العسكري من أجل الحفاظ على البقاء كأي أقلية مهددة بوجودها وكيانها لكنه حتى الساعة، لم يتم نشر أي إصدار مصور لأي فرقة مقاتلة درزية ولم نر أية فرقة درزية في وضع قتالي تحت الراية الدرزية خارج نطاق الجيش السوري النظامي أو جيش الدفاع الوطني .
حرب البقاء
وأضاف بشير: في النهاية، تفسير ذلك يكمن في سياسة الطائفة الدفاعية ويأتي في سياق المنحى الطائفي للصراع الدائر في سوريا. فكل الطوائف السورية، وعلى تنوعها وإن كانت صبغتها موالية أو معارضة، أصبحت اليوم تخوض حرب بقاء ووجود كل بحسب مفهومه ورؤيته لمجريات الأمور.
وهذا توجه أكيد ومحتم بحسب مصادر قريبة من الطائفة الدرزية لبنانيًا وسوريًا، فليس كل من حمل السلاح من أبناء الطائفة هو مؤيد للنظام السوري، وبحسب المصادر نفسها فمن الواضح أن الشباب الدرزي يحاول تفادي الخدمة العسكرية الإلزامية، كما الشباب السني، وليس للدروز غلو في الدفاع عن نظام بشار الأسد. إلا أنهم يغالون ومن منظورهم في الدفاع عن بقائهم وعن بقاء هيكلية الدولة السورية من منطلق استمرار الطائفة .
واليوم، دخلت الطائفة الدرزية في سوريا بقوة على ساحة الحراك الاجتماعي الذي تشهده البلاد بدعوة كل السوريين إلى العصيان المدني بسبب غلاء الأسعار، ما يطرح تساؤلات بشأن مغادرتها الحياد خاصة وأن الأقلية اعتزلت الثورة السورية ولم تنضم إلى النظام كما لم تقف في وجه خصومه .
الدروز وخيار الثورة السورية
في هذا الصدد، يقول الناشط السياسي والأستاذ الجامعي الدكتور مكرم رباح: حاليًا الدروز كما هو حال باقي الشعب السوري هم في خط مواجهة مستمرة مع النظام السوري، قيام الدروز بتفادي المواجهة في مرحلة سابقة كان بسبب ظروف موضوعية وأخرى إقليمية ولكن من اللحظة الاولى اعتقد بأن الدروز كانوا على وعي تام بما يحصل في سوريا وما يحصل في جبل الدروز هو شيء لا يمكن تفاديه، هو المطالبة بوطن ديمقراطي وطن تسودة العدالة والكرامة. وهم يطالبون أن يعاملوا معاملة المواطن السوري وليس ان يكونوا جزءًا من تحالف أقلوي الذي ينادي به بشار الاسد وحتى الطرف الايراني .
واعتبر الدكتور رباح، أن هناك تغيرات جذرية في المجتمع السوري الدرزي بالتحديد وهو جيل جديد من الناشطين و المناضلين الذين ترعرعوا في السنوات العشر الاخيرة وهم ينادون بخطاب وطني عابر للطوائف. رأينا في التحرك السابق من أشهر كيف تم تغير النبرة الطائفية والمطالبة بحقوق الدروز الى المطالبة بحقوق الشعب السوري وما نراه اليوم مشاركة نسائية واضحة في الصفوف الأمامية و هذا الموضوع لا يقتصر فقط على الجيل الجديد نرى أن هناك مشاركة نسوية عارمة وهذه رسالة واضحة بأن الطرف الجسماني والطرف الديني من الدروز هم في مواجهة مستمرة واحدة .
عصابات اجرامية برعاية النظام
واضاف الدكتور رباح: اعتقد من العدل أن نرى لا يمكن للدروز بحجمهم أن يقوموا بقلب هذا النظام ولكن ما يقوم به الدروز هو تذكير لكل الشعب السوري بأن الثورة السورية لم تمت ولكن الثورة السورية عليها أن تعيد ترتيب أولوياتها ولأن تنتظر التغيرات الاقليمية إن الدروز يعتبرون نفسهم تحت خطر محدق بسبب عصابات التهريب وعصابات الكابتغون الذي تستعمل طرقاتهم للمرور أو الولوج الى درعا او الاردن كما رأينا في السابق النظام السوري استعمل داعش وارهابيين متشددين في محاولة الانتفام منهم و رأينا كيف ان النظام يقوم برعاية العصابات المسلحة وعصابات التهريب في سوريا. إن دروز سوريا قد نجحوا بتذكير العالم أن بشار الاسد مجرم بغض النظر محاولات دول الخليج العربي من التقرب من بشار أو التطبيع مع النظام السوري وأن هذا التطبيع يحصل من أجل حماية تلك البلدان العربية الخليجية من مخدرات نظام بشار الاسد ومخدرات حزب الله وهذا الشيء لا اعتقد ان حتى الادارات او القيادة العربية الخليجية تتفق معه.