ترجمات..

بارجة حربية أميركية للتدخل في غزة أم لبنان؟

"أرشيفية"

بغداد

هذه الحرب قد تطول. لقد استبعدت ما يسمى "بالحرب الخاطفة". كما أنها أسقطت الخوف الإسرائيلي من عدد القتلى بعد أن تكبدت إسرائيل أعدادا كبيرة من القتلى مقارنة بالسابق. فالجيش ـ الذي يخشى الإصابات وطالما تهرّب من العمليات البرية ـ وجد نفسه يواجه الموت. كما أنهت هذه الحرب الخوف من الأضرار اللاحقة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية بعد أن اعتادت المدن والكيبوتزات على سماع دوي الصواريخ وصفارات الإنذار وأظهرت تماسكها .

في الموازاة، لا تخفى القدرات العسكرية بالعتاد الذي تملكه الدولة العبرية مقابل قدرات الفصائل. بالتالي يُطرح سؤال أساسي حول  تحرك الأساطيل الغربية وأهدافه بعيدا عن دعم عسكري تحتاجه إسرائيل في مواجهة حماس التي تبيّن الوقائع حتى كتابة هذه السطور أنها تُركت لوحدها في مواجهة إسرائيل.

لم يفعل شعار "وحدة الساحات" وتضامنها ووحدة المصير شيئا، وكأنه تم توريط غزة لقبض الثمن في مكان آخر.

يتبين أنّ تأخير إطلاق العملية البرية الإسرائيلية على قطاع غزة مرة بعد مرة ليس لحماية المدنيين وإجبارهم على التهجير القسري فقط، بل يأتي التأجيل بطلب من واشنطن.

رسائل إيرانية لواشنطن

يحصل تأجيل البدء بالعملية البرية لأن طهران (عبر الدوحة ومسقط) تنقل رسائل إلى واشنطن تتضمن أثمانا سياسية مقابل منع توسيع الجبهات، والحد من اشتراك حزب الله في اندلاع الحرب من جنوب لبنان. ومن هذه الرسائل:

أن تضغط واشنطن على تل ابيب ليأتي الهجوم البري محدودا بالمساحة الجغرافية ولا يتجاوز شريطا حدوديا محدودا.
منع إسرائيل من إسقاط سلطة حماس بل الإبقاء عليها ولو ضعيفة القدرة والإمكانيات.
عدم تعريض دمشق ورأس النظام فيها لأذى مدمر وعدم التوغل برا في الجولان.
الحد من الضربات الجوية في سوريا على القوات الإيرانية وعلى حزب الله ومنظمات زينبيون وفاطميون وحسينيون، لا سيما بعد أن تعرض كل من مطار دمشق ومطار حلب للإغلاق القسري مرتين في أسبوع واحد.
تريد طهران ـ لمنع اشتراك حزب الله في الحرب من جنوب لبنان ـ التعهد بإجراء مفاوضات مباشرة معها حول الاتفاق النووي، وحول الأرصدة التي ما زالت مجمدة، وتخفيف العقوبات عنها، والعودة للسماح لإيران بتصدير سلع الطاقة والبتروكيميئات على أنواعها .
كما طلبت طهران ضمانة أميركية تتعهد بوقف إسرائيل لعملياتها في الداخل الإيراني وإيقاف عمليات الاغتيال للعلماء ولمهندسي أنظمة التسلح والتمنع عن القيام بعمليات التخريب والسابوتاج للمصانع والمستودعات والمرافئ.
إعادة بناء سوريا بالدعم المالي العربي من دون ان يقدم النظام تنازلات على المستوى السياسي.
أن يقبض حزب الله الثمن السياسي في لبنان ـ أقله التسليم له بانتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ـ وإطلاق يده في تشكيل حكومة جديدة يختار رئيسها ووزراءها وبيانها الوزاري وضمان مصالح حزب الله أمنيا وسياسيا ضمن الدولة اللبنانية .
 

الرد الأميركي على الرسائل الإيرانية

تولت واشنطن ولندن تحريك الأساطيل البحرية والجوية ووضع قواعدهما في قبرص واليونان وإيطاليا على أهبة الاستعداد. كما نشرتا هذه الأساطيل بين شرقي البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر وحاولتا إبراز موقف غربي موحد ـ تعاطفت معه ألمانيا بتحريك بعض الطرادات ـ فيما امتنعت باريس عن المشاركة المباشرة مكتفية بالتأييد السياسي. ليأتي هذا التجاوب السريع لا سيما من الإدارة الأميركية أولا لـ"ردع تدخل حزب الله" الذي تلقى أكثر من تحذير علني صارم من كل من بايدن وبلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن وكل ذلك لمنع إيران من توسيع دائرة المعارك وإسقاط شروطها ورسائلها التي تحاول أن تبتز فيها واشنطن لإحقاق مصالحها وانتزاع أوراق من الغرب عامة والأميركيين خاصة.

الموقف الأميركي السياسي والعسكري الحازم، يهدف إلى تخفيض سقف الطلبات الإيرانية وتحجيمها.

نهاية حماس أم تصغيرها؟

إن مآسي الشعب الفلسطيني والمجازر البربرية الإسرائيلية المرتكبة بحقه، ومحاولات تل ابيب لتهجير سكان القطاع قسرا نحو مصر أو حصرهم في جنوبه، تظهر مدى تورط التنظيمات المؤتمرة من الحرس الثوري في خدمة الأجندات الإيرانية على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني.

لم يعد باستطاعة ايران بعد عملية "طوفان القدس" المطالبة بالحفاظ على سلطة حماس في القطاع . كما لم يعد بإمكان الحكومات الإسرائيلية الحفاظ على سلطة حماس في القطاع واللعب على التناقضات بين سلطة غزة وسلطة رام الله للبقاء عليهما "في ضعفهما" لتأمين السيطرة على السلطتين معا. ستضطر إسرائيل للعودة إلى التفاوض مع السلطة في الضفة بعد أن اعتبرت لسنوات طويلة "غياب المفاوض الفلسطيني وضعفه" نقطة أساسية للتنصل من الالتزامات السابقة. ثبت لتل ابيب أن سياسة الانفتاح على حماس وتقويتها أدى إلى تقوية النفوذ الايراني في القطاع وأدى إلى تداعيات عملية "طوفان القدس".