دعم تركي للدبيبة تقوي فرضية استمراره
تتضاءل فرضيات رحيل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا والتي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، في ظلّ دعم خارجي متواصل من تركيا الساعية إلى تعزيز موقعها في طرابلس وحماية مصالحها.
ينظر محللون للشأن السياسي الليبي إلى زيارة رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة إلى تركيا ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثم وزير الخارجية هاكان فيدان على أنها جرعة دعم تقوي فرضية استمراره وتنهي تكهنات بقرب رحيله.
وجاءت زيارة الدبيبة إلى تركيا بعد فترة من الفتور ترجمه تراجع مستوى الزيارات والاتصالات بين الطرفين وغموض الموقف التركي من تحركات البرلمان ومجلس الدولة قبل إزاحة خالد المشري من رئاسته، بشأن تغيير الحكومة.
وناقش عبدالحميد الدبيبة 6 ملفات مع هاكان فيدان في أنقرة، من بينها عودة الخطوط التركية ومعالجة مشاكل إقامة الليبيين في تركيا وإلغاء التأشيرات بين البلدين.
وجاء ذلك خلال لقاء عُقِد بوزارة الخارجية التركية، بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ورئيس الحكومة ومستشار رئيس الوزراء، بحسب بيان نشرته صفحة الحكومة على فيسبوك.
وبحسب البيان، أكد الدبيبة وفيدان دعمهما لجهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي لإجراء الانتخابات وفق قوانين عادلة ونزيهة، وتوحيد الجهود المحلية والدولية لتحقيق الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا.
وأضاف البيان أن الاجتماع ناقش أيضا عددا من الملفات التي جرى الاتفاق فيها مع الرئيس التركي، وأهمها عودة الخطوط التركية ومعالجة مشاكل الإقامة لليبيين في تركيا، وإلغاء التأشيرات بين البلدين من الجانب الليبي والجانب التركي.
كما تمت مناقشة ملف إعادة إعمار درنة والبلديات المجاورة. ونقل البيان عن فيدان قوله إن تركيا على الاستعداد للمساهمة والمشاركة في هذا الملف.
وكانت تركيا قد استفادت من انسحاب مختلف الدول المؤثرة في الملف الليبي، وخاصة انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا وعدم تحمّس الولايات المتحدة لرعاية حل ليبي – ليبي، لتتحوّل إلى قبلة لزيارات المسؤولين الليبيين الباحثين عن جهة دولية قادرة على جمعهم والاستماع إليهم وفرض تسوية عليهم، وكان من أبرزهم الدبيبة.
والجمعة، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدبيبة في قصر “وحيد الدين” في إسطنبول، وناقشا ملف إعادة إعمار درنة، وإتاحة الاستفادة من الخبرة التركية في التعامل مع الكوارث.
وأفادت منصة “حكومتنا” على فيسبوك بأن الدبيبة وأردوغان اتفقا على “تعزيز التعاون في مجال التدريب العسكري ورفع كفاءة عناصر الجيش الليبي”.
وترتبط ليبيا وتركيا بعلاقات قوية ترجمها البلدان إلى اتفاقيات أمنية وعسكرية واقتصادية، أحدثها التوقيع في الثالث من أكتوبر الماضي على مذكرة تفاهم تهدف إلى تطوير المشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل وتجارة النفط والغاز الطبيعي.
ويستعد البرلمان التركي لمناقشة مذكرة التفاهم الموقَّعة بين أنقرة وطرابلس، بشأن التعاون في مجال المحروقات، وقد أثارت ردود فعل غاضبة من جانب مصر واليونان.
وقدّم أردوغان المذكرة إلى البرلمان في يونيو الماضي، عقب الانتخابات البرلمانية وقبل العطلة الصيفية، التي امتدت حتى بداية أكتوبر الحالي لاستكمال إجراءات المصادقة عليها.
وتهدف المذكرة التي جاءت امتدادا لمذكرة موقّعة بين أنقرة وطرابلس في 2019 بشأن تحديد مناطق الصلاحية في البحر المتوسط، إلى تعزيز التعاون بين شركات النفط والغاز لاستغلال موارد الطاقة في ليبيا، والعمل في الاستكشاف، وتنمية حقول النفط والغاز داخل الأراضي الليبية، وفي منطقتها البحرية.
ويحظى الملف الليبي باهتمام كبير من قبل الحكومة التركية خاصة وأن مراقبين يقولون إن تركيا متورطة بشكل كبير في الملف خدمة لمصالحها، وقامت بإرسال مرتزقة خلال السنوات الماضية لدعم قوات حكومة الوفاق السابقة والميليشيات الموالية لها في مواجهة الجيش الوطني الليبي للدفاع عن معاهدة لاستغلال الثروات النفطية الليبية.
وكان عبدالله باتيلي أكد مرارا أن المرتزقة والقوات الأجنبية والميليشيات من بين أبرز التحديات أمام ليبيا لعدم العودة إلى مربع العنف مجددا، فيما تشير الكثير من التطورات السياسية إلى قرب التوصل إلى توافقات في المفاوضات الدائرة في بوزنيقة بالمغرب.
وسبق أن دعا مجلس النواب الليبي إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة موحدة للبلاد، في خطوة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتجاوز مرحلة الانقسام السياسي القائمة بين حكومتي الشرق والغرب، لكن الدبيبة يؤكد رفضه تسليم السلطة إلى حكومة جديدة.
وحرص الدبيبة منذ وصوله إلى السلطة على أن يكون صديقا لكل الدول، وهو ما يمثل قطيعة مع سياسة الاصطفافات التي انتهجتها الحكومات السابقة.