النازحون اللبنانيون.. معاناة يومية قاسية

"أرشيفية"

وكالات

لم تحُطَّ الحرب الدائرة خلف حدود لبنان الجنوبية رحالها داخل البلد الصغير رسمياً حتى الآن، غير أن المواجهات بين حزب الله واسرائيل، ورغم عدم خرقها لقواعد الإشتباك، إلا أنها أرست واقعاً من الخوف والقلق على المصير، ودفعت بمئات العائلات من سكان قرى حدودية طالها القصف الإسرائيلي إلى النزوح قسراً والتوجه نحو مناطق أكثر أمناً.
 
دبل وعلما الشعب والضهيرة والقوزح وعيترون ومارون وحولا والقليعة ورميش والناقورة وغيرها من القرى الحدودية، تحولت إلى ساحة حرب وأعلنت الأمم المتحدة أن نحو 20 ألف شخص نزحوا منها مع تصاعد الاشتباكات مع إسرائيل.
 
"أنا خائفة على عام ابني الدراسي"
 
رقعة النزوح امتدت إلى كامل الأراضي اللبنانية وإن بنسب مختلفة، فيما حياة آلاف اللبنانيين انقلبت بين ليلة وضحاها، وتخبر “نغم” أم لثلاثة أطفال والنازحة مع عائلتها من بلدة دبل الحدودية عن معاناتهم ":ما حدث صعب جداً".


وتضيف لـ"جسور" أن الهلع أصابهم جميعاً عند رؤيتهم من النافذة "الصواريخ الاسرائيلية تتساقط في البلدات المحيطة ببلدات، القوزح وعيتا الشعب ورميش ولم يعد لدينا سوى خيار الرحيل عن بيتنا والتخلي عن حياتنا والإنتقال إلى منطقة برج حمود حيث نملك منزلاً" خوفاً من جنوح الصواريخ باتجاههم.


نغم تروي بحرقة أن ابنها في الصف الثالث ابتدائي لا يذهب إلى المدرسة "أنا خائفة على عامه الدراسي وإن طالت الحرب سأحاول بشتى الطرق إيجاد مدرسة له في المنطقة" كما لديها ابنتين توأم في صف الحضانة.
النزوح خلق أيضاً واقعاً اقتصادياً صعباً على العائلة حيث تسبب بخسارة نغم لعملها فيما زوجها يحاول بصعوبة الاستمرار بعمله وتضيف: " نحاول تمرير المرحلة لكن الأمور ليست على ما يرام فزوجي متعهد ويذهب حالياً بشكل متقطع إلى الناقورة، مع العلم أن المسافة أصبحت بعيدة والمردود قليل".
 
أكثر من عائلة نازحة في البيت الواحد
 
بدورها، تشير زينة المقيمة في إحدى القرى القريبة من مدينة صور، أنها نزحت مع زوجها وأولادها الستة لأيام إلى بيروت، لكنها عادت "منطقتنا لا تزال شبه آمنة بالتالي قررت العودة وإعادة أولادي إلى المدرسة" كما توضح لـ"جسور" لكنها تؤكد أنها ستنزح مجدداً إن اشتد القصف.


في المقابل، تنقل السيدة الجنوبية، الواقع المستجد في منطقتها "عائلات قرى الشريط نزحت بأكملها ولم يتبقَ سوى قلة قليلة من أهلها فيها".
وتشير إلى أن معظم العائلات توزع على قرى قضاءي النبطية وصور، حيث "فُتحت لهم المنازل" مؤكدة أن بعض العائلات تأوي لديها أكثر من عائلة نازحة.


وتكشف زينة أيضاً أن الشقق غير المأهولة فُتحت أمام النازحين كما عرض أصحاب بعض المنتجعات إيواءهم مجاناً في الغرف المفروشة لديهم فيما يتم تأمين الاحتياجات اللازمة لهم".
أما زكي السبعيني فقرر البقاء مع زوجته وابنه وعائلة ابنه في قريتهم سردة الحدودية والتي تعرضت لقصف مباشر لأنهم يملكون مزرعة أبقار ويرفضون تركها مهما حصل.
إنما وعند اشتداد القصف انتقلوا جميعاً لبعض الوقت إلى بلدة القليعة للاحتماء في منزل ابنتهم المقيمة هناك .
 
استغلال الأزمة
 
المؤلم في موجة النزوح، استغلال الأزمة من قبل بعض مالكي الشقق الخالية الذين أقدموا على رفع الايجار وذلك في أكثر من منطقة، بعد زيادة الطلب عليها وفي هذا الإطار تخبر سمر المقيمة في صيدا "ارتفع إيجار الشقق بشكل كبير، ليصل إلى 500$ في ضواحي صيدا ويقوم النازحون باستئجارها".


وتضيف لـ "جسور" أنه "ومع تصاعد الاشتباكات، وازدياد عدد العائلات النازحة بات من الصعب إيجاد شقق للإيجار".
كذلك تكشف مريم لـ"جسور" أن صاحب الشقة حيث تقيم في بيروت "استغل الوضع وقرر رفع بدل الإيجار واضطررت للقبول وإلا فمصيرها الطرد منها".
 
لا شك أن الأجواء في لبنان باتت متشنجة والقلق سيد الموقف فيما التخوف الكبير من أن يتحول لبنان إلى ساحة مواجهة مفتوحة لا يزال وارداً.. ما ينذر بالأسوأ في ظل أزمة اقتصادية خانقة لم يعرف مثيلها اللبنانيون.
 
نزح أكثر من 19 ألف شخص في لبنان جراء التصعيد العسكري بين حزب الله وإسرائيل في المنطقة الحدودية تزامنا مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، وفق ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة الإثنين.


وأوردت المنظمة في تقرير أن "ارتفاع الحوادث عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان" أدى إلى نزوح 19646 شخصا "ضمن الجنوب وفي مناطق أخرى في البلاد". .
وأشارت المنظمة إلى ازدياد في عدد النازحين يومياً منذ بدء التصعيد في لبنان غداة شن حركة حماس لهجوم دام غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر، ورد إسرائيل عليه مذاك بقصف عنيف على قطاع غزة المحاصر.