سلطان عمان يجري حركة تغيير واسعة في سلك السفراء

نحو تنشيط الدبلوماسية العمانية

مسقط

شهد الجهاز الدبلوماسي العماني حركة تغييرات واسعة أمر بتنفيذها سلطان البلاد هيثم بن طارق وشملت نقل سفيرين إلى ديوان وزارة الخارجية، وتعيين وزير مفوض وثمانية مستشارين بينهم امرأتان سفراء للسلطنة في عدة بلدان عربية وأجنبية. ووصف مصدر عماني الحركة بالروتينية وقال إنها "تأتي ضمن اهتمام السلطان المباشر بأداء الدبلوماسية العمانية وحرصه على الارتقاء بمستواها لتظل إحدى نقاط قوة السلطنة".

ورأى أحد المتابعين للشأن العماني أنّ الهدف من تعيين هذا العدد الكبير نسبيا من السفراء في بلدان تنتمي إلى مناطق جغرافية متباعدة هو إعادة تنشيط العلاقات العمانية مع عدّة دول لأهداف سياسية مرتبطة بالأحداث الجارية في المنطقة والعالم، وأخرى اقتصادية تتلخّص في تنشيط التعاون الاقتصادي والتجاري مع تلك الدول لتثبيت خطوات السلطنة على طريق التعافي والخروج من مرحلة الأزمة المالية التي شهدتها في سنوات سابقة واستعانت في تجاوزها بمساعدة دول الجوار.

وذكّر نفس المتحدّث بأن الدبلوماسية العمانية ظلت لفترات طويلة أداة فعّالة بيد صنّاع القرار في عمان حيث مكّنتهم من الحضور كفاعلين رئيسيين في حلحلة مشاكل وأزمات معقّدة عن طريق وساطات مكنّت من عقد صفقات بين أطراف متضادّة كما هي الحال بين إيران والولايات المتّحدة. وقال إنّ للدبلوماسية العمانية أدوارا منتظرة في حلحلة قضايا معقدة من بينها قضية الصراع في اليمن حيث تعوّل السعودية على دور عماني فعّال في إقناع الحوثيين ومن ورائهم إيران بالانصياع لجهود السلام التي تحاول المملكة تحريكها.

وأصدر سلطان عمان عددا من المراسيم نص بعضها على إجراء تنقلات وتعيينات في السلك الدبلوماسي شملت نقل كل من سعيد بن محمد بن علي البرعمي سفير عمان لدى المملكة المغربية، ونجيب بن يحيى بن زيروك البلوشي السفير لدى قطر، إلى ديوان عام وزارة الخارجية. كما نصّ على منح الوزير المفوض خالد بن سالم بن أحمد بامخالف لقب سفير، ويعينه سفيرا لعمان فوق العادة ومفوضا لدى المملكة المغربية.

وتمّ أيضا تعيين المستشار أحمد بن محمد بن ناصر العريمي سفيرا لدى فرنسا. وشملت التغييرات في سلك السفراء تعيين امرأتين في منصب سفيرة فوق العادة ومفوضة، ويتعلّق الأمر بالمستشارة وفاء بنت جبر بن ناصر البوسعيدية التي عينت سفيرة لدى أوزبكستان، والمستشارة نصراء بنت سالم بن محمد الهاشمية التي اختيرت لتشغل منصب سفيرة لدى كينيا.

كما عُيّن المستشار مال الله بن محمود بن شعبان البلوشي سفيرا لدى المجر، والمستشار الشيخ فهد بن عبدالرحمن بن أحمد العجيلي سفيرا لدى المملكة الأردنية، والمستشار فهد بن سليمان بن خلف الخروصي سفيرا لدى باكستان، والمستشار سيف بن راشد بن سيف الجهوري سفيرا لدى تركيا، والمستشار عمار بن عبدالله بن سلطان البوسعيدي سفيرا لدى قطر.

ويقود الدبلوماسية العمانية في الوقت الحالي العضو في الأسرة الحاكمة بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي الذي عيّن في منصب وزير للخارجية سنة 2020 خلفا ليوسف بن علوي الذي شغل المنصب طيلة ما يقارب الثلاثين سنة رافق خلالها سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد خلال معظم فترة حكمه للبلاد وطبع أثناءها السياسة الخارجية لعمان بطابع التكتّم والسرّية والعمل بعيدا عن الأضواء، وهي ميزات تنطبق على مجمل السياسات العمانية.

وقادت عمان عدّة وساطات بين أفرقاء إقليميين ودوليين من أبرزها تلك التي أفضت إلى إبرام الاتّفاق النووي بين إيران وعدد من الدول الغربية، وكانت في كل مرّة تتكتم على جهودها حتى تكتمل وتبلغ هدفها الأخير. وعلى هذه الخلفية لم تخل السياسات الخارجية لعمان من مفاجآت أبرزها التطور الكبير في علاقات السلطنة بدولة إسرائيل والذي اكتشفه الرأي العام الإقليمي وحتى المحلّي بشكل مفاجئ في أكتوبر 2018 عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسقط حيث استُقبل من قبل السلطان الراحل قابوس.