الحكومة الكويتية تدرس فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات

هل الشركات الكويتية ملزمة بدفع نسبة من أرباحها؟

الكويت

تعتزم الكويت فرض ضرائب على الشركات المحلية الكبرى متعددة الجنسيات وسط ضغوط من المنظمات والمؤسسات الدولية المانحة لإصلاح هذا المسار بما يتوافق مع المعايير العالمية المتبعة وسط تفنيدها وجود ضغط خارجي.

وأظهرت وثيقة حكومية الاثنين أن المسؤولين يدرسون فرض ضريبة قدرها 15 في المئة على الشركات وذلك تطبيقا لقواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بحسب وكالة رويترز.

وتأتي الخطوة الجديدة بتوصيات صندوق النقد الدولي للكويت في الصيف الماضي بشأن الإصلاحات المالية، والتي تضمنت توسيع ضريبة دخل الشركات لتشمل الشركات المحلية والإيفاء بمتطلبات اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي بخصوص الحد الأدنى للضرائب.

وتفرض قواعد المنظمة ضرائب نسبتها 15 في المئة، على الأقل، على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات لمنع التهرب الضريبي والتوجه إلى دول ذات معدلات ضريبية أقل.

ولا تدفع الشركات الكويتية ضرائب مباشرة، لكنها ملزمة بدفع نسبة من أرباحها لدعم العمالة الوطنية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ونسبة إضافية كزكاة للمال، ولا يزيد مجموع هذه النسب عن 4.5 في المئة من الأرباح.

في المقابل تدفع الشركات الأجنبية ضرائب تقدر بنحو 15 في المئة بموجب تعديل تشريعي في عام 2008، وهي نسبة منخفضة عن سابقتها التي كانت تصل إلى 55 في المئة.

وقالت وزارة المالية في رد على سؤال برلماني أواخر الشهر الماضي إنها تدرس وضع الشركات الكويتية الكبرى المشمولة بتلك القواعد تمهيدا لاختيار “الممارسة الأفضل” التي تحقق مصلحة الكويت.

وأضافت الوزارة أن “أحد الخيارات المطروحة هو إصدار تشريع ضريبي محلي بحيث يتم تحصيل الضرائب المستحقة على الشركات الكويتية الكبرى متعددة الجنسيات، لصالح الخزانة العامة بدلا من سدادها بالخارج”.

ونفت الوزارة وجود “أي ضغوط دولية” على الكويت لفرضها. وأشارت إلى أنها لا تنوي فرض ضرائب على المواطنين الكويتيين.

واعتبر عباس المقرن رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الكويت أن الاقتراح يهدف إلى حماية الشركات المحلية متعددة الجنسيات لأن الشركات التي لا تُفرض عليها ضرائب في بلدانها الأم، تُفرض عليها ضرائب أكبر في البلدان الأخرى.

ونسبت رويترز إلى المقرن قوله إن “هذه الضريبة في حال إقرارها ستشكل دخلا إضافيا للدولة يعزز الجانب غير النفطي في ميزانيتها”.

لكنه توقع ألا تحدث فرقا كبيرا فيها أو ” تأثيرا حاسما” لأن الإيرادات النفطية كبيرة جدا وغير النفطية ضعيفة جدا.

وأكد أن الضريبة لها أهداف اقتصادية متعددة، منها إعادة توزيع الدخل المتحقق من الضريبة باتجاه مزايا تعود على الاقتصاد كما أنها تؤدي إلى “تحسين الأداء المحاسبي وتعزيز الحوكمة والمزيد من الشفافية للبيانات المالية (للشركات)”.

ونقلت صحيفة “الرأي” الكويتية عن مصادر مطلعة قولها الشهر الماضي إن “الجهات المعنية منشغلة بدراسة التعامل الأمثل مع المشروع والذي يشمل مبدئياً نحو 10 شركات محلية عاملة بالأسواق الخارجية وقد تندرج ضمن الشركات متعددة الجنسيات”.

وأكدت المصادر، لم تكشف الصحيفة هويتها، حينها أن هناك ضغطا دوليا على جميع الدول، بما في ذلك الكويت ودول الخليج لزيادة معدل ضرائبها إلى 15 في المئة كحد أدنى، مرجحة أن يكون التطبيق على النتائج المالية للعام المقبل.

وكشفت أيضا أن الشركات المحلية الكبرى المتواجدة بالأسواق الخارجية تعكف مع مكاتب تدقيقها حاليا على إيجاد سيناريوهات مختلفة لتحديد طريقة تعاملها المحاسبي مع الضريبة المرتقب إقرارها سواء جاء الاستقطاع محلياً أو دوليا.

كما أوضحت المصادر أن ثمة ميولا، سواء رسمية أو لدى القطاع الخاص، إلى أن زيادة قاعدة الضريبة المقررة محلياً على الشركات الكويتية متعددة الجنسيات أولى من خصم هذه المبالغ بالخارج.

ونطاق الإيرادات الذي وضعته المنظمة لا يقل سنويا عن حوالي 750 مليون يورو (802 ملايين دولار) مما يعني أن شركات كويتية كثيرة تخضع لهذا النطاق.

ويحتاج مثل هذا التشريع إلى إقرار نواب البرلمان الذين يعارضون بشدة أي فكرة لفرض ضرائب على المواطنين الكويتيين، لكن معارضتهم للضرائب على الشركات الكبرى قد تكون أقل، في بلد يعتمد على إيرادات النفط لتمويل أكثر من 90 في المئة من الميزانية.

وتسعى الكويت منذ سنوات لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط لكن مساعيها في هذا الشأن لم تحقق الكثير من النجاح حتى الآن.

ويعد البلد الخليجي عضوا في أوبك+، وهي مجموعة منتجة تضم منظمة الدول المصدرة للبترول، التي تقودها السعودية وحلفاء بقيادة روسيا. وتخفض المجموعة إنتاج النفط الخام منذ نوفمبر الماضي لدعم الأسعار.

وتستهدف الكويت العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) زيادة طاقتها الإنتاجية من النفط إلى 3.2 مليون برميل يوميا بنهاية عام 2024.

وفي أغسطس الماضي حذر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد الكويتي يواجه تحديات كثيرة في طريق التعافي المأمول جراء سوء إدارة السياسيين لدفة الإصلاحات.

وقال في تقييم آنذاك إن “التعافي الاقتصادي في الكويت مستمر، لكن المخاطر التي تهدد مستقبل البلد لا تزال كبيرة وإن الجمود بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) يمكن أن يؤدي إلى استمرار تأخير الإصلاحات”.

ويرى صندوق النقد أن إجراءات تعزيز الإيرادات يمكن أن تشمل فرض ضريبة إنتاج وضريبة القيمة المضافة ضمن إطار مشترك لمجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دول.

والكويت هي الدولة الوحيدة بين دول الخليج التي لا تفرض ضرائب انتقائية، وتنضم إليها قطر كدولة وحيدة في عدم وجود ضريبة القيمة المضافة.