"شنغن خليجية" تحفز السياحة والاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي

الحدود مفتوحة من قبل شنغن

مسقط

وافق الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الأربعاء، على تأشيرة سياحية موحدة لجميع الدول الأعضاء في المنظمة وهي البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ما يحفز قطاعي الاستثمار والسياحة من خلال زيادة عدد السياح القادمين إليها من مختلف دول العالم، وتسهيل إجراءات دخولهم وخروجهم من الدول الست، التي تسعى لدعم الاقتصاد غير النفطي عبر قطاعات أخرى.

وتم الإعلان عن التأشيرة الجديدة خلال الاجتماع الأربعين لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي انعقد برئاسة السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية العماني رئيس الدورة الحالية، في العاصمة العمانية مسقط.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي إن التأشيرة تمثل إنجازا جديدا للكتلة المكونة من ست دول وستدعم “التواصل والتنسيق المستمر” بين الأعضاء.

وقال البديوي “إن التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة مشروع سيسهم في تسهيل وانسيابية حركة المقيمين والسياح بين دول مجلس التعاون الست، وستكون لها بلا شك آثار إيجابية على القطاعين الاقتصادي والسياحي”. وأضاف أنه سيتم تقديم التأشيرة خلال الفترة 2024 – 2025.

وستؤثر هذه الخطوة بشكل إيجابي على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وستعزز التجارة فيما بينها.

ومن المتوقع أيضا أن تعزز السياحة، حيث يتم تأجيل بعض الزوار المحتملين بسبب بعض القيود الحالية على التأشيرات التي تفرضها الدول الأعضاء في الكتلة.

وستعمل التأشيرة الجديدة بطريقة مشابهة لتأشيرة شنغن، التي تسمح بالبقاء لمدة تصل إلى 90 يوما في أي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة للسياحة أو العمل.

وفي الشهر الماضي، قال وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري في مقابلة نشرتها وكالة أنباء الإمارات (وام)، إن التأشيرة جزء لا يتجزأ من إستراتيجية السياحة لدول مجلس التعاون الخليجي 2030، والتي تهدف إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء.

وشهد الشرق الأوسط تعافيا سريعا من فايروس كورونا في ما يتعلق بالسياحة. ومن غير المتوقع أن تنتعش السياحة العالمية بشكل كامل حتى عام 2024، لكن الربع الأول من هذا العام شهد أن تصبح منطقة الشرق الأوسط أول منطقة في العالم يعود فيها الوافدون السياحيون إلى مستويات ما قبل الوباء، متجاوزين أرقام 2019 بنسبة 15 في المئة، بحسب منظمة السياحة العالمية.

ومع ذلك، أثار اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل مخاوف من أن مسار السياحة في الشرق الأوسط قد لا يكون ورديا كما كان يعتقد في وقت سابق من هذا العام.

وخصصت المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، تريليون دولار لتطوير قطاع السياحة حيث تتطلع المملكة الصحراوية إلى التنويع بعيدا عن النفط.

وتعد فكرة طرح التأشيرة السياحية الموحدة لدول الخليج قديمة، حيث تمت مناقشة الفكرة قبل 7 سنوات، حيث كشف الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحيم نقي عن توقعه أن يتم إقرار التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة قريبا.

وأكد نقي، في تصريح له في أبريل 2015، أن فتح الحدود أمام حركة السياح القادمين لدول مجلس التعاون الخليجي سيتيح الاستفادة من 100 مليون سائح يزورون هذه الدول سنويا.

وسبق أيضا أن طالبت منظمة صناعة السياحة والسفر العالمية دول مجلس التعاون بسرعة تطبيق التأشيرة الموحدة للسياحة، أسوة باتفاق دول الاتحاد الأوروبي الـ27 التي تطبق تأشيرة شنغن الموحدة لدخول جميع الدول الأوروبية لـ”تحفيز السياحة الإقليمية في المنطقة، وجذب المسافرين الدوليين”، وذلك بعد أن “طال النقاش حول هذا الموضوع”.

وأكد الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس السياحة والسفر العالمي ديفيد سكوسيل، وفقا لما هو منشور على موقع المنظمة في مايو 2016، أن الهدف من تطبيق نظام التأشيرة السياحية الموحدة هو تمكين السياح والمغتربين الذين يعيشون في دول المجلس ليكونوا قادرين على التحرك بحرية بين أي من الدول الست.

وحول خطوة إصدار تأشيرة سياحية خليجية موحدة للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، اعتبر نائب المدير العام لغرفة تجارة وصناعة الكويت حمد العمر أن تلك الخطوة لها الكثير من الإيجابيات، خاصة على رجال الأعمال الذين يقومون الآن بالحصول على تأشيرات لجميع دول الخليج من أجل التنقل فيما بينها لمتابعة أعمالهم وعقد اجتماعاتهم.

وأفاد العمر، في تصريحات صحافية ، بأن الخطوة جاءت متأخرة لكنها في الوقت نفسه مهمة في الوقت الحاضر، حيث ستكون عاملا مهما لتحقيق الانتعاش الاقتصادي للسوق الخليجية عموما.

كما أكد عضو المعهد العربي للتخطيط الاقتصادي فيصل المناور أن هدف التأشيرة الموحدة لدول مجلس التعاون هو تنشيط قطاع السياحة فيها، حيث إن إقرار هذا النوع من التأشيرات قد يؤدي إلى زيادة في أعداد السائحين للمنطقة.

ويرى المناور في حديثه لـ”الجزيرة نت” أنه سيكون لمثل هذا القرار أثر إيجابي في نمو الدخل من قطاع السياحة، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للشباب الخليجي، مشيرا إلى أنه قد تتضاعف الفائدة إذا ما تم السماح للمقيمين في تلك الدول بالتنقل بين دول المجلس، لكن ذلك يتطلب “سياسات نوعية لكي تنجح تلك المساعي، وفي مقدمتها تعزيز ما يعرف ببرامج الزيارات السياحية المشتركة، والاستخدام الفعّال للفوائض من المواقع السياحية المتوفرة”.

وهناك خطوات خليجية سابقة لتطبيق التأشيرة الموحدة بين ثلاث دول خليجية، حيث تسمح دولة قطر وسلطنة عُمان والإمارات بدخول رعايا 69 دولة ممن يحملون تأشيرة سياحية لتلك البلدان.

وتمنح تلك التأشيرة لمدة ثلاثة أسابيع مجانا بحسب مواقع الهيئات الحكومية لتلك الدول على الإنترنت، شريطة أن تكون التأشيرة الصادرة من تلك الدول سارية المفعول لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع، وألا يكون حامل التأشيرة قد ذهب إلى دولة أخرى قبل أن يسافر إلى إحداها.

وأطلقت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي خلال اجتماعها الأول في أبوظبي عام 2019، مبادرة لإصدار التأشيرة السياحية المشتركة، ولكن لم تنفذ بعد.

وتختلف مدة الإقامة التي تمنحها دول الخليج من خلال التأشيرات للسياح، بين 40 يوما و90 يوما.

وتصدرت السعودية قائمة الدول العربية الأكثر جذبا للسياح، بمعدل 18 مليون زائر منذ بداية عام 2022، وفقا للإحصاء الذي نشرته منظمة السياحة العالمية في الرابع من أكتوبر 2022.

وحسب إحصائية المنظمة، زار الإمارات 14.8 مليون سائح، والبحرين 4.3 مليون سائح، وقطر 2.9 مليون سائح، وسلطنة عُمان 2.3 مليون سائح، والكويت 203 آلاف سائح.