اتفاق بين السعودية والصين على المقايضة بالعملات المحلية

مقايضة العملات أداة للدفاع ضد الاضطرابات المالية

الرياض

اتفق البنك المركزي السعودي ونظيره الصيني الاثنين على تبادل العملات لمدة ثلاث سنوات، وبقيمة تصل إلى 50 مليار يوان ويوازي المبلغ نحو 26 مليار ريال، أي ما يعادل تقريبا 7 مليارات دولار.

والاتفاق الثنائي هو الأحدث في الجهود المستمرة التي تبذلها بكين لجعل عملتها قابلة للتداول مع الشركاء الإستراتيجيين خاصة وأن السعودية انضمت مؤخرا إلى تجمع بريكس مع خمس دول أخرى من بينها الإمارات.

وتعتبر مقايضة العملات أداة للدفاع ضد الاضطرابات المالية من خلال السماح لدولة تواجه أزمة سيولة باقتراض الأموال من دول أخرى بعملتها الخاصة.

وذكر المركزي السعودي في تغريدة على صفحته الرسمية على منصة إكس أن توقيع الاتفاقية يأتي في سياق التعاون بين البنكين المركزيين، بما يعكس توطيد العلاقات بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وبالتوازي مع ذلك، قال المركزي الصيني في بيان إنه “وقع مؤخرا مع نظيره السعودي اتفاقا لمقايضة العملات المحلية، وسيكون الاتفاق ساريا لثلاث سنوات قابلة للتمديد بموافقة الجانبين”.

وأوضح أن العملية “ستساعد على تعزيز التعاون المالي بين البلدين، والتوسع في استخدام العملات المحلية وأيضا تعزيز التجارة والاستثمار”.

ووفقا للبيانات الجمركية الصينية، استوردت الصين نفطا خاما من السعودية بقيمة 65 مليار دولار في 2022، بما يمثل حوالي 83 في المئة من إجمالي صادرات البلد الخليجي إلى العملاق الآسيوي.

وقال ويتسنغ تشن الأستاذ المشارك في جامعة سنغافورة الوطنية لرويترز “يبدو أن الصين تستخدم خطوط المبادلة بطريقة مختلفة تماما عن تلك الأميركية”.

وأضاف “الصين تستخدمها كخط ائتمان، وبالتالي تقف على أساس ثابت وليست شيئا واحدا لمرة واحدة خلال أزمة مالية”.

وحظيت العلاقات الاقتصادية بين السعودية والصين بدفعة قوية منذ زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض أواخر العام الماضي والتي شهدت توقيع البلدين عشرات الاتفاقيات الاستثمارية بقيمة إجمالية وصلت إلى 50 مليار دولار.

ووقع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع جينبينغ اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين السعودية والصين.

وتعتبر الصين أكبر الشركاء التجاريين لأكبر اقتصاد عربي بحجم مبادلات وصل خلال النصف الأول من هذا العام إلى 47.4 مليار دولار.

ووفق أحدث الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، فقد بلغ فائض الميزان الجاري السعودي مع الصين خلال تلك الفترة حوالي 6.1 مليار دولار.

وتعتزم السعودية استغلال موقعها الجغرافي لربط البلدان العربية مع الصين، بعد إطلاقها طريق حرير عصريا وجديدا لتحقيق نهضة شاملة لدول المنطقة وتوفير فرص متنوعة وواعدة.

والهدف الأساسي من ذلك هو زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين، الذي وصل إلى نحو 430 مليار دولار في العام الماضي، بمعدل نمو 31 في المئة على أساس سنوي.

والشهر الماضي رأى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن هناك مساحات كبيرة للمزيد من المواءمة بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية.

وقال خلال المنتدى الثالث لمبادرة الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين حينها إن الترابط والتعاون والشراكة بين البرنامجين “تتيح العديد من الفرص الواعدة، ونحن عقدنا العزم على تعزيز هذه الشراكة الإستراتيجية بين بلدينا”.

وشهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء زيارة الرئيس الصيني في ديسمبر الماضي مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم تضمّنت خطة المواءمة بين رؤية 2030 الهادفة إلى تقليص اعتماد اقتصاد السعودية على النفط، ومبادرة الحزام والطريق.

كما تمّ توقيع مذكرات تفاهم حول الهيدروجين والطاقة الشمسية والاستثمارات المباشرة والإسكان.

وتبدو السعودية مهتمة بجذب الاستثمارات الصينية إلى سوقها بعدما وضعت أسسا تنافسية للصناعات المتقدمة والطاقة المتجددة والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والبنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية والتقنية الحيوية والتقنية الخضراء.

وشهد التعاون العملي بين الجانبين تطورا سريعا وقويا، إذ تم تنفيذ مشاريع مهمة تشمل مصفاة ينبع ومنطقة جازان – الصين للتجمعات الصناعية والبنية التحتية لمرافق مشروع البحر الأحمر.

ويتكئ البلد الخليجي على خطة واعدة يقودها ولي العهد السعودي لضخ قرابة 7.2 تريليون دولار في أكبر اقتصادات المنطقة العربية حتى العام 2030 حتى يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من أكبر 15 اقتصادا على مستوى العالم.