ولاية ثانية لولد الغزواني محور حملة انتخابية سابقة لأوانها في موريتانيا

يقترب الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني من ولاية رئاسية ثانية بعد دعم 13 حزبا، تمثل أحزاب الموالاة في البلاد، لترشحه للانتخابات القادمة، في ظل التحولات الإقليمية والدولية المهمة، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء.

محمد ولد الغزواني في طريق مفتوح

وكالات

أعلن 13 حزبا موريتانيا ترشيح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لعهدة رئاسية ثانية خلال الانتخابات التي ستنتظم في يوليو 2024، فيما تشهد البلاد حملة انتخابية رئاسية سابقة لأوانها، ينتظر أن تتسع دائرتها مع بداية العام القادم.

وخلال اجتماع انعقد مساء الجمعة بقصر المؤتمرات القديم بنواكشوط، أكدت أحزاب الأغلبية مساندتها الكاملة لترشيح ولد الشيخ الغزواني، وذلك في سياق حملة سابقة لأوانها تهدف إلى تهيئة الشارع الموريتاني لتقبل الولاية الثانية للرئيس الذي وصل إلى كرسي الحكم في استحقاقات العام 2019 بدفع من الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز الملاحق حاليا من القضاء بتهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والاستيلاء على المال العام.

ويرى مراقبون أن الاتجاه نحو ترشيح ولد الغزواني أصبح يحظى بدعم داخلي وخارجي نظرا للتحولات المهمة التي تشهدها أغلب دول الساحل والصحراء، والتي تعتبر موريتانيا استثناء فيها من حيث الاستقرار السياسي والاجتماعي.

ويضيف المراقبون أن جولات ولد الغزواني وكبار المسؤولين في المناطق الداخلية ووضع الحجر الأساس للمشاريع الجديدة وتدشين ما تم إنجازه منها والمواقف السياسية المعلنة من مجمل القضايا الداخلية والخارجية باتت جزءا من حملة انتخابية سابقة لأوانها محورها العهدة الثانية للرئيس.

وبحضور كل من رئيس الوزراء محمد بلال مسعود ورئيس حزب الإنصاف الحاكم محمد ماء العينين ولد أييه، ورئيس الجمعية الوطنية محمد ولد مكت، بالإضافة إلى رؤساء أحزاب الأغلبية الرئاسية وجمع غفير من منتخبي وكوادر الأغلبية الرئاسية، استعرض جميع رؤساء وممثلي أحزاب الأغلبية ما وصفوها بالمبررات المقنعة لمطالبة ولد الغزواني بالترشح للسباق الرئاسي القادم، والتي تبرهن على الأشواط الكبيرة التي قطعتها البلاد على درب التنمية بجميع جوانبها خلال مأموريته الأولى.

وقال المشاركون في الاجتماع إن البلاد شهدت تحولات كبيرة على جميع الأصعدة منذ تسلم ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة فيها، تميزت بإحداث تغيير جذري وملموس في حياة المواطنين من خلال العمل على عصرنة المجتمع وتعزيز الممارسة الديمقراطية ودولة المؤسسات والانفتاح على مختلف مكونات الطيف السياسي الوطني، في ظرف تاريخي ودولي تطبعه الصعوبة والاضطراب والتنافس الشديد على المصالح بين الدول والتكتلات الإقليمية.

واعتبرت أحزاب المعارضة أن كل ذلك حدث في جو من التهدئة السياسية التي أدت إلى استرجاع الثقة بين مختلف أركان الطيف السياسي الوطني وصولا إلى اتفاق سياسي شكل أرضية صلبة لتنظيم انتخابات توافقية تضمن مصالح الجميع.

وكانت تنسيقية أحزاب الأغلبية الرئاسية في موريتانيا أعلنت أوائل نوفمبر الجاري عن قرارها بترشيح الرئيس ولد الغزواني لعهدة ثانية، وهو ما يؤكد أن موضوع ترشحه لسباق 2024 بات محسوما في سياق التحالفات السياسية القائمة.

وقالت التنسيقية إن القرار جاء بعد اجتماع حضره رؤساء جميع أحزابها، وبعد تدارس الوضعية السياسية للبلد وتقييم أداء التحالف الحزبي، تم الاتفاق على تفعيل العمل المشترك عبر ترشح ولد الغزواني لعهدة رئاسية ثانية.

وتشكلت التنسيقية في أبريل 2021 بتوافق بين 13 حزبا مواليا للرئيس ولد الغزواني، يتزعمها حزب الإنصاف الحاكم الذي كان آنذاك معروفا باسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

وشهدت الأسابيع الماضية توجيه رؤساء بلديات ولايات موريتانية رسالة مشتركة للرئيس ولد الغزواني مطالبين إياه بالترشح لمأمورية ثانية في 2024 وذلك لـ”إكمال المشروع الوطني، واستمرار عجلة البناء والإصلاح” بحسب تعبيرهم.

كما بدأ أنصار الرئيس، ومن بينهم أعضاء في حزب الإنصاف الحاكم، تنظيم حملات على منصات التواصل الاجتماعي تنادي باستمرار ولد الغزواني في حكم البلاد، معتبرين أن ذلك “حقه الدستوري ومطلب شعبي”.

وكان ولد الغزواني أكد أنه “سيخضع لإرادة أغلبيته والشعب” بخصوص الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها عام 2024 في موريتانيا.

وضمن مقابلة حصرية أجرتها معه صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية ردّ ولد الغزواني على سؤال حول ما إذا سيكون “بالفعل مرشحا” للانتخابات القادمة، قائلا “الأمر متروك لك تفسيره”.

ووصل ولد الغزواني إلى السلطة بعد حصوله على 52.01 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المنظمة في الـ22 يونيو 2019.

وفي مايو الماضي عزز حزب “الإنصاف” الحاكم غالبيته في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بحصده 107 من أصل 176 مقعدا، كما حازت أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم 42 مقعدا، فيما حصلت المعارضة على 27 مقعدا فقط، وهو ما رأى فيه المراقبون تمهيدا منطقيا للانتخابات الرئاسية.

وفيما يرجح أن يتقدم مرشحون عن القوى السياسية التقليدية المعارضة للمنافسة على كرسي الرئاسة، أعلنت سيدة الأعمال الموريتانية بليندا محمد فال ترشحها رسميا للانتخابات الرئاسية القادمة، حيث تطمح إلى أن تصبح أوّل امرأة تترأس موريتانيا.

وقالت إنها “أعدت برنامجًا طموحا يراعي الإصلاحات المتكاملة في كل القطاعات خاصة بعد زيارتي إلى كل ولايات الوطن ووقوفي على أسباب ومعوقات البناء التنموي، ووصلت إلى عدة حلول وإصلاحات تمس جميع قطاعات المجتمع”، مشيرة إلى أن ترشح امرأة لرئاسيات موريتانيا يعتبر “تحديا صعبا، على الرغم من أن المرأة الموريتانية تحظى بمكانة عالية خاصة في الميدان الاجتماعي، وربما المرأة الوحيدة في محيطها التي تحظى بهذه المكانة”.

وبليندا فال من مواليد الجزائر العاصمة عام 1981 من أب موريتاني وأم جزائرية، وعاشت طفولتها بموريتانيا حيث نالت شهادة الباكالوريا بالعاصمة نواكشوط عام 1998، ثم انتقلت لمتابعة دراستها الجامعية بكل من سويسرا والولايات المتحدة.

 وقد دخلت ميدان ريادة الأعمال مبكرا، حيث أسست وهي في الثالثة والعشرين من عمرها شركة متخصصة في التدريب العسكري امتدت إلى بعض الدول الأفريقية، ما سمح لها بالعمل في الفترة الممتدة من 2005 إلى 20217 كمستشارة لمسؤولين موريتانيين ورؤساء أفارقة، بينهم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وإلى جانب ذلك تعد فال كاتبة روائية أيضًا حيث أصدرت العديد من الروايات أبرزها رواية “رهينة في بانكوك”.