البحث عن المفقودين المهمة الصعبة في قطاع غزة

استرجاع الأنفاس

غزة

يحاول فلسطينيون بأيديهم العارية البحث عن جثامين أقربائهم الذين قتلوا في غارات إسرائيلية على مناطق مختلفة بقطاع غزة خلال أيام الحرب، مستفيدين من هدنة إنسانية مؤقتة دخلت حيز التنفيذ الجمعة، وتستمر أربعة أيام قابلة للتمديد.

وانتشر مقطع فيديو بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر الصعوبات والتحديات التي يواجهها أهالي قطاع غزة في استخراج جثامين أقربائهم. وأظهر مقطع فيديو، نقلته وسائل إعلام فلسطينية انهيار مبنى بالكامل على من بداخله، خلّف عالقين يحتاجون إلى معدات ثقيلة لإخراجهم.

وتعكس تلك الحوادث الصعوبات التي تواجه فرق الدفاع المدني الذين هم في أمسّ الحاجة إلى معدات ثقيلة لإخراج جثامين قتلى فلسطينيين في قصف إسرائيلي. والجمعة، قال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إن "إجمالي المفقودين وصل نحو 7 آلاف شخص”، موجودين إما "تحت الأنقاض أو جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات".

وأوضح المركز أن "مصير المفقودين ما يزال مجهولاً، بينهم أكثر من 4 آلاف و700 طفل وامرأة". ويحاول الفلسطينيون الاستفادة من الهدنة الإنسانية المؤقتة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية للبحث عن جثامين أقربائهم الذين قتلوا بغارات إسرائيلية في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، ومنازلهم.

ويتضمن اتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة إطلاق 50 أسيرا إسرائيليا من غزة، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية، وإدخال المئات من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق القطاع.

والجمعة، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 39 فلسطينيا، 24 امرأة و15 طفلا، ضمن صفقة التبادل مع حركة حماس، التي أبرمت بوساطة قطرية - مصرية - أميركية.

في المقابل، أفرجت "حماس" عن 13 إسرائيليا من النساء والأطفال بعضهم يحملون جنسية مزدوجة، إضافة إلى عدد 10 تايلانديين وفلبيني واحد، كانوا محتجزين في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

من جهة أخرى، كشفت التهدئة الإنسانية عن فاجعة إنسانية ارتكبتها إسرائيل بقتل المدنيين أثناء نزوحهم عبر شارع بحر في مدينة غزة. وتم نشر صور على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر جثث الضحايا الذين قضوا في غارة إسرائيلية، وإلى جانبهم سيارة مدنية، على طول شارع الرشيد، غربي قطاع غزة.

ووفقًا للفيديو المنشور، يظهر أن الجيش الإسرائيلي استهدف تلك السيارة، مما أدى إلى مصرع مَن كانوا بداخلها. وقبل التهدئة الإنسانية لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني من الوصول إلى منطقة بحر قطاع غزة، بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.

وكان الجيش الإسرائيلي دعا سكان شمال قطاع غزة، ومدينة غزة، إلى التوجه للمناطق الجنوبية للقطاع. وأعلن المتحدث باسم وزارة صحة غزة أشرف القدرة إخلاء مستشفى الإندونيسي بالكامل والعمل على إخلاء بقية الجرحى من مجمع الشفاء الطبي.

وقال القدرة إن "المساعدات الطبية التي دخلت قطاع غزة غير كافية وهي أقل بكثير مما كان يدخل سابقا". وحذر من أن "الوضع الصحي في قطاع غزة سيء جدا وكارثي للغاية ومنهار ولا توجد أيّ مقومات صحية".

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عدم وجود معلومات لديها عن مصير مدير مستشفى الشفاء في غزة محمد أبوسلمية، الذي اعتقلته الثلاثاء الماضي. وقالت المنظمة إن "أبوسليمة اعتقل، في 22 نوفمبر، مع 5 آخرين من العاملين في المجال الصحي، أثناء مشاركتهم في مهمة قادتها الأمم المتحدة لإجلاء مرضى”.

وأضافت "في يوم 22 نوفمبر، وبالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، شاركت منظمة الصحة العالمية في بعثة أخرى مشتركة للأمم المتحدة لنقل 151 من المرضى وذويهم والعاملين الصحيين المرافقين لهم من مستشفى الشفاء في شمال قطاع غزة".

وتابعت "خلال هذه البعثة، نقل الفريق 73 مريضًا مصابًا باعتلالات أو إصابات خطيرة، ونُقل المرضى في 14 سيارة إسعاف وفّرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وزودتها بطواقمها، بالإضافة إلى حافلتيْن، ورافق المرضى 8 عاملين صحيين و70 فردًا من أفراد أسرهم".

وأردفت "تعرض ثلاثة موظفين طبيين من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وثلاثة آخرون من وزارة الصحة إلى الاحتجاز". وأوضحت المنظمة أنه تم "إطلاق سراح اثنين من العاملين الصحيين الستة المحتجزين. ولا تتوفر لدينا أيّ معلومات حول عافية الموظفين الصحيين الأربعة المتبقين، ومن بينهم مدير مستشفى الشفاء".

وفي اليوم الثاني للهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة شهدت أسواق القطاع توافد الآلاف من الفلسطينيين لشراء احتياجاتهم الأساسية، بعد رحلة نزوح شاقة جنوبا نتيجة الحرب الإسرائيلية المدمرة على شمال القطاع.

وأُرغم الآلاف من الفلسطينيين على النزوح جنوبا من شمال قطاع غزة، دون توفر مقومات الحياة الأساسية، ما فاقم من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يواجهونها منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.

وتمكن المزارعون الفلسطينيون من قطف بعض الخضروات من أراضيهم التي لم يكونوا قادرين على الوصول إليها بسبب الحرب على غزة. كما تمكنت المحال التجارية من فتح أبوابها لبيع ما بداخلها من سلع، وتخفيف المعاناة على سكان غزة.

وفي حديث للأناضول، قال الخبير الاقتصادي محمد أبوجياب إن "ما يحدث من نشاط في الأسواق يرتبط بمحاولة تأمين الاحتياجات الغذائية والملبوسات للسكان، استغلالا لفترة الهدوء" النسبي. وأضاف "الحالة الأمنية في غزة وتهديدات إسرائيل بمواصلة عملياتها بعد الهدنة تثيران مخاوف الفلسطينيين من فقدان الأمان الغذائي".

وأشار أبوجياب إلى أن "التهجير الداخلي من شمالي القطاع ومدينة غزة، إضافة إلى الضغط الناجم عن التهجير على القطاع التجاري في المناطق الشمالية، أدى إلى نفاد مخزونات المحلات التجارية". وتابع "الهدنة وتهديدات إسرائيل المستمرة دفعا السكان والنازحين لاقتناء أكبر كمية ممكنة من السلع الغذائية".