شبكة عالمية من الخداع
شبكة تهريب النفط الإيرانية: شبكة عالمية من الخداع
وصلت عمليات تهريب النفط الإيرانية إلى مستوى غير مسبوق، حيث تستخدم طهران “أسطول الأشباح” الواسع للتهرب من العقوبات الدولية وتوزيع نفطها حول العالم. وفقًا لتقارير تتبع ناقلات النفط، تقوم إيران بنقل حوالي 1.7 مليون برميل من النفط يوميًا بشكل سري، مستخدمةً أسطولها لتجنب اكتشاف مصدر هذه الشحنات
شبكة تهريب النفط الإيرانية: شبكة عالمية من الخداع
وصلت عمليات تهريب النفط الإيرانية إلى مستوى غير مسبوق، حيث تستخدم طهران “أسطول الأشباح” الواسع للتهرب من العقوبات الدولية وتوزيع نفطها حول العالم. وفقًا لتقارير تتبع ناقلات النفط، تقوم إيران بنقل حوالي 1.7 مليون برميل من النفط يوميًا بشكل سري، مستخدمةً أسطولها لتجنب اكتشاف مصدر هذه الشحنات.
“أسطول الأشباح” هو شبكة من السفن التي تقوم بإيقاف أنظمة التعريف التلقائي (AIS) الخاصة بها، مما يسمح لها بالإبحار دون اكتشافها. هذه السفن هي جزء من جهد أوسع لتجاوز العقوبات وتصدير النفط سرًا. وباستخدام عمليات نقل البضائع في منتصف البحر وتزوير الوثائق، يصبح من الصعب للغاية تتبع أصل النفط الإيراني. وقد سمح هذا النظام لإيران بالحفاظ على تدفق صادرات النفط رغم العقوبات الثقيلة المفروضة عليها.
ووفقًا لبيانات شركة تتبع الناقلات “TankerTrackers”، صدرت إيران في عام 2022 ما معدله 1.5 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات النفطية إلى الصين يوميًا. كما استوردت الإمارات العربية المتحدة 200 ألف برميل من زيت الوقود يوميًا، بينما استوردت سوريا حوالي 70 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، وكل ذلك عبر هذه القنوات السرية. وتُظهر هذه الشبكة اعتماد إيران الكبير على أسطولها السري للحفاظ على تدفق صادرات النفط، حتى مع تشديد العقوبات.
وتظل الصين أكبر مشترٍ للنفط الخام والمكثفات والغاز الطبيعي المسال (LNG) من إيران، في حين تستورد الإمارات بشكل رئيسي زيت الوقود. غالبًا ما تتم هذه المعاملات من خلال تزوير الوثائق وتحويل الشحنات في منتصف البحر لإخفاء الأصل الإيراني للنفط.
وأفادت شركة تتبع السلع “كبلر” بأن إيران صدرت حوالي 240 ألف برميل من زيت الوقود و1.3 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات يوميًا في عام 2022. يشمل جزء كبير من هذه الصادرات الغاز الطبيعي المسال (LNG) الذي يتم نقله عبر الناقلات. وصدرت إيران رسميًا 6.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، أي ما يعادل 140 ألف برميل يوميًا، خاصةً إلى الصين.
ورغم الجهود الدولية للحد من صادرات النفط الإيرانية، تُقدر مجموعات مثل “متحدون ضد إيران النووية” (UANI) أن إيران لا تزال تصدر حوالي 1.46 مليون برميل يوميًا. كما حددت المجموعة حوالي 400 سفينة متورطة في تهريب النفط الإيراني. ومع ذلك، فإن وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على ثلث هذه السفن فقط، مما ترك العديد منها لا تزال تعمل.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض السفن المتورطة في تجارة النفط السرية، لكن عددًا كبيرًا منها لا يزال نشطًا. غالبًا ما تقوم إيران بتغيير مسار الشحنات عبر دول مثل ماليزيا، حيث يتم تحويل النفط ويُعاد تصنيفه على أنه نفط ماليزي. على سبيل المثال، استوردت الصين في يوليو 2023 حوالي 1.53 مليون برميل من النفط يوميًا من ماليزيا، رغم أن قدرة إنتاج ماليزيا الفعلية هي ثلث هذا الرقم فقط. وهذا التناقض يشير بوضوح إلى أن الجزء الأكبر من هذا النفط هو في الواقع من إيران.
حتى أواخر أغسطس 2023، كان لدى إيران حوالي 17 مليون برميل من النفط مخزنة على ناقلات راسية في الخليج الفارسي وحول الصين، بانتظار التصدير. وذكرت شركة “Vortexa” للاستشارات في مجال الطاقة أن الصين استلمت في الفترة ما بين يناير ويوليو 2023 ما لا يقل عن 1.2 مليون برميل من النفط الإيراني يوميًا.
ويلعب الحرس الإيراني دورًا كبيرًا في شبكة تهريب النفط. حسين شمخاني، ابن علي شمخاني المستشار الرئيسي للولي الفقیة في إيران، هو شخصية بارزة في هذه العمليات. ويُعرف حسين شمخاني بـ “إمبراطور النفط الإيراني”، حيث يسهل مبيعات النفط من خلال شركته “Milavos” التي تتخذ من دبي مقرًا لها. وذكرت التقارير أن هذه الشركة ساعدت إيران وروسيا على تحقيق مليارات الدولارات من مبيعات النفط، عبر تعاونها مع شركات عالمية مثل “Sinopec” و”Chevron” و”BP”.
كما أن شبكة شمخاني متشابكة مع الاقتصاد السري لروسيا، خاصةً بعد غزو أوكرانيا. وقد زادت التعاونات الاقتصادية والعسكرية بين طهران وموسكو في ظل تصاعد العقوبات الدولية.
حصة الشعب الإيراني: لا شيء
رغم هذه الأرباح الكبيرة من مبيعات النفط، فإن الشعب الإيراني لا يستفيد من هذه الثروة. تذهب الأرباح مباشرة إلى جيوب النخب الحاكمة والحرس النظام، بينما يواجه المواطنون العاديون أزمات اقتصادية متفاقمة. وبينما يستفيد الطبقة الحاكمة، يبقى الاقتصاد الإيراني في حالة تدهور، مما يعكس تجاهل النظام لرفاهية شعبه.
شبكة تهريب النفط الإيرانية الكبيرة لا تقتصر فقط على تقويض العقوبات الدولية، بل تُظهر أيضًا تجاهل النظام لشعبه. بدلاً من استخدام ثروة البلاد لتحسين حياة المواطنين، يتم توجيه الثروات الوطنية إلى عمليات سرية تهدف فقط إلى إثراء قلة فاسدة.