أخطاء استراتيجية للنظام الإيراني

أخطاء استراتيجية للنظام الإيراني في الشرق الأوسط

موسى أفشار

في الذكرى السنوية للحرب في غزة، يجد النظام الإيراني نفسه أمام عواقب أخطائه الاستراتيجية التي ارتكبها. فقد أشعل النظام نزاعًا جديدًا في الشرق الأوسط دون أن يُجري تقييمًا شاملاً لعواقبه، مما جعله عُرضة للتداعيات التي تلت ذلك.

أخطاء استراتيجية للنظام الإيراني

الخلیج بوست

أخطاء استراتيجية للنظام الإيراني في الشرق الأوسط

في الذكرى السنوية للحرب في غزة، يجد النظام الإيراني نفسه أمام عواقب أخطائه الاستراتيجية التي ارتكبها. فقد أشعل النظام نزاعًا جديدًا في الشرق الأوسط دون أن يُجري تقييمًا شاملاً لعواقبه، مما جعله عُرضة للتداعيات التي تلت ذلك.

قبل أحداث 7 أكتوبر 2023، كانت الديناميكيات السياسية والإقليمية تشير بالفعل إلى احتمال فرض عقوبات على النظام. ومع ذلك، وبسبب الأزمات الداخلية والخوف من اندلاع احتجاجات جديدة في الداخل، رأت قیادة النظام الإيراني أن الحرب هي الخيار الوحيد لتحويل الانتباه عن مشاكلها. هذا التحرك اليائس من قبل النظام یعکس رؤية النتائج الفورية لسياساته الحربية، تاركًا إياه غير مستعد للتعامل مع تفاقم الأوضاع في الأسابيع التي تلت. والآن، يبدو أن المستقبل أكثر قتامة مما كان عليه قبل 7 أكتوبر.

ورغم محاولات وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية رفع معنويات القوات الموالية للنظام، أصبح من المستحيل إنكار الواقع المرير لفشله الاستراتيجي. حتى المعلقون والخبراء الموالون للنظام بدأوا يعترفون بعواقب هذا القرار الخاطئ.

وفي 9 أكتوبر، أصدرت صحيفة “شرق”، اليومية التابعة للدولة، تحذيرًا شديد اللهجة للنظام، مذكّرة بالمسؤولية التاريخية الثقيلة التي تقع على عاتق المسؤولين. وأشارت الصحيفة إلى أن الخروج من الحرب أصعب بكثير من الدخول فيها:”الخروج من الأزمة والحرب ليس سهلًا كما الدخول فيها. لذلك، فإن الحسابات الدقيقة وفهم الجوانب المعقدة للدخول في الأزمة يشكل مسؤولية تاريخية ثقيلة على عاتق مسؤولي البلاد.”

وأوضحت المقالة أيضًا أن العديد من داخل النظام يندمون الآن على قرار الانخراط في هذا الصراع: “الذين احتفلوا بعد عملية الأقصى، الآن وعند قياس التكاليف والفوائد، يتساءلون ما إذا كان القرار صائبًا. بالنسبة للبعض، أصبحت الأيام التي سبقت 7 أكتوبر ذكرى يُحنّ إليها.”

غالبًا ما تتفاقم الأخطاء السياسية والعسكرية، لتصبح قوى خارجة عن السيطرة تحمل عواقب واسعة النطاق. وتطرقت “شرق” إلى هذا الأمر من خلال مناقشة التداعيات الإقليمية الأوسع: “توسع الصراع في غزة إلى لبنان، وإمكانية امتداده إلى العراق واليمن، هي إشارات على أن ديناميكيات القوى في المنطقة التي استمرت لعقود قد تتغير. شيء واحد واضح: الشرق الأوسط ما بعد النزاع لن يعود إلى سابق عهده.”

وإضافة إلى التداعيات الناجمة عن الحرب، يواجه النظام الإيراني خسارة أخرى فادحة، وهو مقتل زعيم حزب الله، حسن نصرالله. وتناولت صحيفة “هم ميهن”، اليومية الرسمیة الأخرى، هذه الخسارة، مشددة على الدور الحاسم الذي كان يلعبه نصرالله بعد مقتل قاسم سليماني:”بعد استشهاد سليماني، لعب نصرالله دورًا محوريًا في قيادة عمليات الحرس في لبنان وسوريا. وكان القادة العسكريون والسياسيون في إيران كثيرًا ما يستشيرونه. الآن، مع خسارته، فقدت إيران اثنين من ركائز نفوذها الإقليمي، على الأقل في المستقبل القريب.”

إن الفشل الاستراتيجي لا يحمل فقط عواقب سياسية وعسكرية، بل يؤثر أيضًا على معنويات من كانوا يدعمون أجندة النظام. فقد انتشرت التأثيرات النفسية لهذه الأخطاء بسرعة، خاصة بين القوات الموالية للنظام، مما أدى إلى رد فعل اجتماعي داخلي. وقد عكس هذا الاستياء المتزايد مقال نشرته صحيفة “ستاره صبح” في 10 أكتوبر، حيث انتقد أحد المحاربين القدامى في حرب إيران والعراق قرارات النظام: “تحويل هذا الصراع إلى معركة أيديولوجية كان خطأ من البداية. الانخراط في حرب لم تكن حربنا أبدًا لم يجلب سوى الخسائر والدمار.”

تُظهر هذه الشقوق في وسائل الإعلام الحكومية لمحة صغيرة فقط عن الواقع وراء فشل النظام الاستراتيجي.

وفي الوقت نفسه، تضج وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية في إيران بنقاشات حول عزلة النظام المتزايدة في المنطقة. يواجه النظام الآن ليس فقط نتائج مغامراته الإقليمية، بل أيضًا تهديدًا متزايدًا بالاحتجاجات الداخلية، حيث بدأ المجتمع المتعب من الحروب التي لا تنتهي والمصاعب الاقتصادية في التشكيك في دوافع القيادة. بات النظام الإيراني محاصرًا الآن بين عزلة إقليمية متزايدة وضغوط دولية متصاعدة، مما يساهم في زعزعة استقرار نظام يعاني أصلاً من الهشاشة.